درعا على مفترق طرق مع انتهاء اتفاق التسوية

  • 2019/07/07
  • 8:32 ص

عنب بلدي – درعا

تترقب محافظة درعا مصيرًا مجهولًا مع انتهاء مدة التسوية الخاصة بالمطلوبين للالتحاق بقوات الأسد، والتي تم الاتفاق عليها خلال اتفاق التسوية العام الماضي، وسط مخاوف من عدم تمديد المهلة للمطلوبين.

وقعت اللجنة المركزية في درعا مع النظام السوري في حزيران 2018، اتفاق تسوية خاصًا بالمطلوبين للخدمة الإلزامية، من المتخلفين والمنشقين والاحتياط.

يتضمن الاتفاق إعطاء مهلة عام للمطلوبين عبر بطاقة تمنعهم من الاعتقال في أثناء التنقل عبر الحواجز.

لكن انتهاء المهلة وعدم تجديدها يضع المطلوبين من أبناء درعا في مهب الاعتقالات والسوق الإجباري للخدمة العسكرية، لا سيما في المعارك الدائرة على جبهات الشمال، وهذا ما يرفضه المطلوبون عبر دعوات لعصيان مدني في وجه الضغوط الأمنية الرامية لذلك.

سبقت ذلك دعوات من النظام لجميع المطلوبين من أجل البصم على أوراق الخدمة ومراجعة شعب التجنيد لضرورة الالتحاق في مدة محددة بسبعة أيام، مقابل التلويح بأحكام عسكرية في حال عدم الالتحاق، إلى جانب قوائم بمئات الأسماء تم توزيعها على جدران بعض البلدات خلال الأسبوعين الماضيين.

خروقات رغم الاتفاق

سجلت المحافظة خروقات واسعة خلال العام الماضي، ووثقت منظمة الأمم المتحدة اعتقال نحو 380 شخصًا في المحافظة، بين تموز وآذار الماضيين، بحسب ما قالت المتحدثة باسم مكتب حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، مارتا هيرتادو، في أيار الماضي.

وأضافت هيرتادو أن من بين المعتقلين موظفين تابعين لهيئات حكومية في المحافظة، منها مجالس مدنية، “كانوا ضحايا لما بدا أنها عمليات قتل موجهة”، بحسب تعبيرها.

وأشارت المنظمة إلى أن الاعتقالات جاءت ضمن تهم “الإرهاب”، ودون توضيح من النظام السوري، وأن 150 معتقلًا أُفرج عنهم بعد تلك الفترة، بينما بقي 230 على الأقل في عداد المختفين والمعتقلين.

وأوضحت، ”في بعض الحالات نعرف أنهم اعتقلوا لانتزاع معلومات منهم إما بسبب ما حدث في السابق أو لمعرفة الكيفية التي تعمل بها المعارضة حاليًا، ولكن بوجه عام فإنهم لا يعلنون عن السبب وراء الاعتقالات“.

محاولات لتمديد التسوية

تحاول اللجنة المركزية في درعا تمديد اتفاق التسوية لستة أشهر مقبلة، بعد أن تمكنت من الحفاظ عليه لمدة عام كامل على مرحلتين، في خطوة لحماية المطلوبين وعدم الزج بهم في المعارك، ولتفادي التوتر المتوقع في المحافظة.

أحد أعضاء اللجنة المركزية المخولة بالتفاوض (طلب عدم ذكر اسمه) قال إن اللجنة طالبت النظام بتمديد فترة التسوية إلى عام كامل أو تسريح المنشقين، لكن لم يصدر أي قرار رسمي بالموافقة على تمديدها حتى الآن.

وأوضح العضو، في حديث إلى عنب بلدي، “رفعت اللجنة المركزية مطالبها للواء ناصر ديب، رئيس اللجنة الأمنية المكلف بإدارة ملف التسوية في جنوبي سوريا”، مضيفًا “الروس والنظام بحاجة إلى التهدئة بالمرحلة الحالية” .

من جهته استبعد محافظ درعا السابق الذي كان يشغل المنصب في أثناء سيطرة المعارضة، المحامي علي الصلخدي، أن يرفض النظام السوري تمديد المهلة “حفظًا لماء الوجه، لأنه يعيش أسوأ حالاته ويعيش بحالة تخبط وعدم مركزية في اتخاذ قرارته”، بحسب تعبيره.

وأضاف الصلخدي، في حديث إلى عنب بلدي، “حتى في حال رفض النظام تمديد المهلة فهو عاجز عن اقتحام المنطقة وسوق الشباب للخدمة”.

ولم يعلق النظام بشكل رسمي على الاتفاق وتجديده أو تنفيذ بعض بنوده، بينما تواصل قواته حملات الاعتقال والدعوات لجميع المطلوبين للالتحاق بصفوفها.

بدائل عن الاتفاق؟

يرى عضو اللجنة المركزية أن رفض النظام السوري لتمديد الاتفاق ستترتب عليه عواقب كثيرة ليست بصالحه بقوله “هذه بمثابة إعلان حرب وعودة للمربع الأول”.

وتترافق هذه النقاشات مع تحضيرات أهلية لعصيان مدني لرفض أي حملات اعتقال، وبدأت التحضيرات في أواخر حزيران الماضي، عبر منشورات ورقية علقها ناشطون على جدران بعض الأحياء في ريف درعا، تدعو الأهالي لعدم إرسال أبنائهم إلى صفوف قوات الأسد.

وتضمنت المنشورات “أهل إدلب ثاروا لأجلنا، فلنحرص ألا نرسل أبناءنا ليقاتلوهم (…) مستمرون بإذن الله حتى نجتث هذا النظام المجرم وحتى نثأر لشهدائنا فهم أهل التضحيات”.

وبدأ الدعوة القيادي السابق في صفوف المعارضة، أدهم الكراد، عبر صفحته في “فيس بوك”، بقوله، “لدينا ثلاث فئات شبابية متأثرة بما حصل، المنشقون، الاحتياط، الخدمة الإلزامية. وطالما أن هناك معارك قائمة في إدلب وحيث إنه قد تم غدر أبنائنا الذين صدقوا قرار العفو وتعجلوا بالالتحاق، فإن درعا لن تسلم فلذات أكبادها لتجعلوها حطبًا لمشاريعكم، وهي قريبة من العصيان المدني.. خيطوا بغير مسلة”.

قياديون يدعمون اللجنة المركزية

شُكلت اللجنة المركزية عقب سيطرة النظام السوري على محافظة درعا في حزيران 2018، والتي نتج عن تحركاتها تسوية أوضاع آلاف السكان من المطلوبين بتهم مختلفة في خطوة لإعادة الهدوء إلى درعا.

وتتألف اللجنة من شخصيات معارضة بعضهم قياديون في “الجيش الحر” وبعض الناشطين المدنيين والمشايخ والحقوقيين، أمثال: المحامي عدنان مسالمة، الشيخ فيصل أبازيد، الشيخ أحمد بقيرات، أبو مرشد البردان، المهندس يعرب أبو سعيفان، مصعب البردان…

ويتركز عمل اللجنة في مدينة درعا البلد ومناطق طفس وحوض اليرموك بريف المحافظة، وهذه المناطق خارجة بشكل جزئي عن قبضة النظام.

عملت اللجنة خلال العام الماضي على منع اعتقال النساء وإخراج بعضهن من سجون النظام السوري، إلى جانب حرصها على منع اعتقال أبناء المحافظة.

ويشمل دورها الاجتماع مع قياديين في النظام السوري وروسيا باعتبارها الضامن للاتفاق، لنقل مطالب الأهالي المتمثلة بوقف الاعتقال ورفع القبضة الأمنية وحل قضية المعتقلين والمنشقين.

وتحظى اللجنة بتأييد شعبي وثوري من الأهالي والمعارضة متمثلة بالقياديين السابقين في “الجيش الحر”، والذي عبر عنه القيادي السابق أدهم الكراد عبر “فيس بوك”، في بيان موقع من قبل عدد من القياديين والناشطين.

وجاء في البيان، ” نحن الفعاليّات الشّعبيّة والمدنيّة وعشائر درعا البلد وطريق السد والمخيمات، نعلن وُقوفنا التام مع لجنة مدينة درعا، بعد أن أثبتت قدرتها على إدارة مرحلة حساسة جنبت الأهل والبلاد الكثير من الويلات، ضمن ظروف يعلمها القاصي والداني”.

وأكد البيان “نفوّضها بإجراء كل ما تراه مناسبًا وتقتضية المصلحة العامة لكل أبناء درعا، ونحثها على العمل بإخلاص وأمانة من أجل الوصول إلى حقوقنا ومطالبنا المحقة ورفع الظلم والفساد والاستبداد، لتحقيق العدل والمساواة”.

أين القاعدة الشعبية من هذه اللجنة؟

المحامي الصلخدي امتدح في حديثه إلى عنب بلدي القائمين على اللجنة ووصفهم بأصحاب التاريخ الثوري، لكنه اعتبر أنهم “وقعوا ضحية مماطلة وكذب النظام”، مشيرًا إلى دور كبير أسهمت فيه اللجنة بـ “دورها الحازم بقضية نشر النظام حواجز بالمنطقة الغربية حيث أجبرت النظام على سحب هذه الحواجز”.

لكن الناشط ياسين قداح، انتقد اللجنة وقال لعنب بلدي إنها “لم تحافظ على الشباب ولم يكن لها دور حازم في منع التحاقهم بخدمة النظام، الذي زجهم في معارك القتال في الشمال السوري”.

واعتبر قداح أن “اللجنة مقتصرة على درعا البلد والمنطقة الغربية وهي بحاجة للتوسيع والتنظيم وأن يكون فيها أشخاص ليست لهم علاقة بتسليم الجنوب”.

أبو مهران (70 عامًا) من أهالي درعا، قال لعنب بلدي، “لدي شابان معتقلان في سجون النظام منذ عام 2014، وتوسمت بأن تضغط اللجنة لإخراجهما، لكن النظام اعتقل أشخاصًا آخرين ولات زال اللجنة تطالب بالجميع”، مردفًا، “لكن يحسب للجنة أنها عملت على عدم اعتقال النساء وإخراج قسم كبير منهن خلال الفترة الماضية”.

علاء (32 عامًا) شاب من المنشقين عن قوات الأسد منذ عام 2012، قال إن “النظام حاول عبر إصدار عفو رئاسي عن المنشقين إغراء الشباب للالتحاق بالخدمة في صفوف قواته دون حساب أو عقاب”، مضيفًا لعنب بلدي، “لكن لم تنطلِ هذه المراسيم على الكثير من الشباب خوفًا من الاعتقال ورفضًا للخدمة بصفوف النظام”، موضحًا، “لدينا أمل باللجنة المركزية بالدفاع عن المنشقين وتأمين تأجيل مؤقت مع المطالبة بتسريح نهائي”، بحسب وصفه.

وكذلك يرى زميله أحمد (25 عامًا)، وهو متخلف عن الالتحاق بالخدمة الإلزامية، أن للجنة دورًا كبيرًا في تأجيل سحبه للخدمة، وقال لعنب بلدي، “تحاول اللجنة تمديد المهلة وهي مشكورة ونتمنى أن تسعى للحصول على تمديد إضافي لأن الموت هنا أشرف علينا من الذهاب والقتال إلى جانب النظام”.

ورغم ضمانة الروس للاتفاق، لا يزالون صامتين حيال الخروقات المستمرة من النظام، وقال عضو اللجنة إن أعضاءها اجتمعوا مرات عديدة مع الجانب الروسي وأخبروه بتلك الخروقات المتكررة، لكن “الروس بارعون أيضًا بالوعود”، بحسب وصفه.

مقالات متعلقة

سوريا

المزيد من سوريا