حمص- عروة المنذر
تمكن المزارعون في ريف حمص الشمالي من حصاد محصول القمح، بعد تعثر دام قرابة شهر، لعدم توفر الحصادات في المنطقة وتوجهها إلى المنطقة الشرقية (الجزيرة السورية) حيث الموسم “الضخم”، علمًا أن تكلفة حصاد الدونم الواحد من القمح أو الشعير تصل إلى سبعة آلاف و500 ليرة سورية.
تسويق المحصول يعتبر أحد أكبر التحديات التي يواجهها المزارعون، فبعد اتفاق “المصالحة” توقف عمل مؤسسة إكثار البذار ومشروع الأمن الغذائي المدعومين من وحدة تنسيق الدعم (ACU) في “الائتلاف السوري” المعارض، الذي كان المعني بشراء المحصول في أثناء سيطرة فصائل المعارضة على المنطقة.
بعد عودة المنطقة لسيطرة قوات الأسد أصبحت تجارة القمح محصورة في دوائر الدولة بحكومة النظام السوري فقط، ما اضطر المزارعين إلى الانتظار لأيام على طابور التسليم عند مدخل مدينة حمص من أجل تسليم محصولهم إلى صوامع الحبوب، وهو أمر دفعهم لاستئجار سيارات لنقل الحبوب إلى الصوامع، وأصبحوا محكومين بمزاج أصحاب السيارات والمبالغ التي يطلبونها.
ارتفاع أجور النقل
رفع أصحاب السيارات والجرارات الزراعية أجور النقل لتتخطى حاجز الـ 35 ألف ليرة، كما فرضوا مبلغ عشرة آلاف ليرة سورية عن كل يوم انتظار في طابور التسليم أمام الصوامع.
“محمد أبو خليل” من مزارعي قرية المكرمية، يقول في حديث لعنب بلدي إنه ورغم وفرة المحصول هذا العام، إلا أن أجور الحصاد وأجور النقل تكاد تأكل الأرباح، فتكلفة نقل المحصول إلى صوامع الحبوب أصبح عبئًا بذاته، وارتفعت أجرة السيارة إلى 30 ألف ليرة، أما الجرارات الزراعية فأصحابها يطلبون 25 ألف ليرة سورية، ويضاف إليها أجور الانتظار على طابور الصوامع، والتي تتخطى حاجز 10 آلاف ليرة في اليوم الواحد.
“لؤي” (طلب عدم ذكر اسمه كاملًا) صاحب سيارة في ريف حمص، يقول إن رفع الأجور يرتبط بغلاء المازوت في السوق السوداء، إذ يبلغ سعر الليتر الواحد 400 ليرة سورية، مضيفًا أن “السيارة تحمل بكامل طاقتها مما يزيد من المصروف والاهتلاك، أما أيام الانتظار فالطابور طويل على مراكز التسليم وليس من المعقول أن أعطل سيارتي بالمجان”.
رشاوى على أبواب الصوامع
الطوابير وساعات الانتظار لا تنعكس آثارها على الأجور فقط، بل أدت إلى فتح باب الرشاوى والمحسوبيات، فللضباط والعسكريين و”المدعومين” أفضلية في التسليم، وللمزارعين الانتظار، إذ اضطروا إلى دفع الرشاوى لموظفي الصوامع للإسراع في تسليم محصولهم، فكل يوم يمضي على الطابور يعني زيادة على أجور النقل.
“أبو محمد”، من مزارعي سهل الحولة، يقول في حديث لعنب بلدي إنه اضطر لدفع مبلغ سبعة آلاف ليرة سورية مقابل تسليم المحصول في نفس اليوم، “فلا مجال للتأخير، فكل يوم انتظار هو زيادة في أجور النقل”.
ويضيف المزارع أنه دفع رشوة ألفي ليرة سورية للقبان الإلكتروني، علمًا أنه مجاني، إضافةً إلى تقديمه “تحلية” (حلوان) للجنة الشراء تبلغ 15 ألف ليرة، بعد أن صنفت محصوله نخب أول، مشيرًا إلى أن تسليم المحصول يترتب عليه أكثر من 30 ألف ليرة رشاوى، وفي حال عدم الدفع، أمام المزارعين الانتظار.
ارتفاع أجور النقل والرشاوى أدى إلى ظهور مجموعة من التجار عرفوا باسم “تجار التسليم” يقومون بشراء القمح بـ 156 ليرة للكيلو الواحد من أرض المزارع، ومن ثم يقومون بشحنه وتسليمه إلى الصوامع.
عدد كبير من المزارعين اضطروا للتعامل مع “تجار التسليم”، لعدم قدرتهم على تحمل مصاريف النقل، ومن بينهم “خالد أبو عزيز”، من مزارعي مدينة تلبيسة، الذي قال لعنب بلدي إنه باع محصوله لأحد “تجار التسليم”، وأضاف، “بالكاد استطعت تأمين مبلغ لسداد أجرة الحصادة، واضطررت إلى بيع محصولي بـ 154 ليرة لأحد التجار”.
وبلغت المساحة المزروعة بالقمح في حمص خلال الموسم الحالي 35.672 ألف هكتار والشعير نحو 43 ألف هكتار، في حين قدرت مديرية زراعة حمص إنتاج المحافظة من محصول القمح خلال الموسم الزراعي الحالي بنحو 52 ألف طن، بحسب وكالة “سانا” في 9 من أيار الماضي.