عبد الرحمن الشهبندر.. أول وزير خارجية سوري بين قبول الإنذار الفرنسي والاغتيال

  • 2019/07/07
  • 10:57 ص
الدكتور عبد الرحمن الشهبندر ونصوح بابيل مع عبد الله بن الحسين ملك الأردن في عمان عام 1934 (موقع التاريخ السوري)

الدكتور عبد الرحمن الشهبندر ونصوح بابيل مع عبد الله بن الحسين ملك الأردن في عمان عام 1934 (موقع التاريخ السوري)

ولد المفكر والسياسي السوري عبد الرحمن الشهبندر في دمشق عام 1879 في دمشق، ونال شهادة الثانوية في عام 1901، وتوجه إلى بيروت لدراسة الطب في الجامعة الأمريكية، وتخرج فيها عام 1906.

وبعدما أكمل دراسته عاد إلى دمشق، وانضم إلى الحركة الإصلاحية التي كان يرأسها الشيخ طاهر الجزائري، بحسب ما ذكرت الدكتورة نهلة نعيم عبد العالي في ورقة بحثية نشرتها على موقع جامعة ذي قار في العراق.

عمل الشهبندر في السياسة أيام الوجود العثماني، وانضم إلى جمعية الاتحاد والترقي قبل أن تبدأ بسياسة التتريك، ما دعاه لتركها والبدء بمقاومة العثمانيين عبر الاتصال بالشيخ عبد الرحمن الزهراوي.

لاحقت السلطات العثمانية مناوئيها، وهرب منهم الكثيرون إلى خارج البلاد، ومنهم عبد الرحمن الشهبندر الذي غادر إلى مصر وتولى رئاسة تحرير جريدة الكواكب، قبل اكتشافه لاحقًا أن المجلة تروج للسياسات الإنجليزية، ما دعاه لتركها.

مع انسحاب القوات العثمانية من سوريا، وتنصيب فيصل بن الشريف حسين ملكًا على البلاد، ليتولى الشهبندر وزارة الخارجية في عام 1920، ليصبح أول وزير خارجية في تاريخ سوريا المعاصر، إلا أن بقاءه في المنصب لم يستمر طويلًا مع وصول إنذار غورو إلى الملك فيصل.

القبول بالإنذار

وجه الجنرال غورو إنذارًا للملك فيصل بن الحسين يتضمن الموافقة على الاحتلال الفرنسي لسوريا وتسريح الجيش، بالإضافة إلى شروط أخرى وافق عليها الملك فيصل وعبد الرحمن الشهبندر.

بالتوازي مع قبول الشهبندر والملك للإنذار رفضه وزير الحربية يوسف العظمة الذي انطلق لمقاومة القوات الفرنسية وقتل في معركة ميسلون الشهيرة.

وبرر الشهبندر قبول الإنذار بقوله إن “الشعب سیقدر ذلك حتمًا عاجلًا أم آجلًا وسـیفهم بأننا خلصناه من ورطة كبیرة جدًا، وسیدرك بأننا بعملنا هذا دخلنا في عداد من یستحقون كل التقدیر”، بحسب ما نقلت نهلة نعيم عبد العالي.

مقاومة الانتداب

للمرة الثانية يضطر الشهبندر للخروج من سوريا بعد صدور حكم الإعدام عليه من قبل سلطات الانتداب، ليرحل إلى مصر ويبدأ بالعمل من خارج سوريا، حتى أصدرت السلطات الفرنسية عفوًا شمله مع عدد من الزعماء الآخرين، ما جعله يعود إلى سوريا في عام 1921، ويبدأ عمله السياسي برفقة الشخصيات الوطنية الأخرى من داخل البلاد، ويؤسس حزب الشعب، وينضم في عام 1925 إلى الثورة السورية الكبرى التي قادها سلطان باشا الأطرش وحتى نهاية الثورة في 1927، لينخرط الشهبندر في العمل السياسي والفكري في آن معًا، ويصدر عددًا من الكتب منها كتاب القضايا العربية الكبرى، بالإضافة لمذكراته الشخصية.

وتبرز مصادر تاريخية تعنى بالتاريخ السوري خلافات سياسية كبرى بين كل من الشهبندر وشكري القوتلي استمرت حتى اغتيال الشهبندر في عام 1940.

 

اغتيال بدعوى الإلحاد والفجور

اغتيل الدكتور عبد الرحمن الشهبندر، في عيادته، في حي الشعلان بدمشق في 6 من تموز من عام 1940.

تعد خلفيات اغتيال الشهبندر، معقدة للغاية، خاصةً مع تأثيرات هذا الاغتيال على الحياة السياسية السورية في عهد الانتداب الفرنسي.

وقال الدكتور منير العجلاني، في مقالات متسلسلة نشرها في مجلة الأزمنة، بين شهري نيسان وأيار من عام 2012، إن الشهبندر اغتيل على يد أحمد عصاصة.

وصدر بحق عصاصة، حكم قضائي بالإعدام شنقًا، وتم تنفيذه في 3 من شباط 1941.

أدى اغتيال الشهبندر، عدا استقالة رئيس الكتلة الوطنية، إلى اتهام عدد من أعضاء الكتلة بالتحريض على الاغتيال، ومنهم جميل مردم بيك، وسعد الله الجابري، وغيرهما، وفر كل منهما إلى العراق، قبل أن يعودا إلى دمشق بعد تبرئتهما.

كما أدى الاغتيال إلى تراجع شعبية الكتلة الوطنية في الشارع السوري، خاصةً مع الخلافات الكبرى التي سادت علاقة الشهبندر بأعضاء الكتلة الوطنية، نتيجة رفض الشهبندر لاتفاقية 1936 مع الانتداب الفرنسي، والتي وافقت عليها الكتلة الوطنية في ذلك الوقت.

إلا أن السبب الذي ذكره المتهم، أحمد عصاصة، في المحكمة لقتله الشهبندر، كان اتهامه بالإساءة إلى الدين الإسلامي، ودعوته للفجور والسفور، رغم ادعائه سابقًا بأن سعد الله الجابري وجميل مردم بيك، ولطفي الحفار، وعدوه بمنحه مبلغ 400 ليرة ذهبية، إذا اغتال الشهبندر، بحسب ما ذكر منير العجلاني.

كيف تمت عملية الاغتيال؟

دخل خمسة أشخاص إلى مبنى العيادة، ودخل أحمد عصاصة منفردًا إليها، طالبًا مقابلة الطبيب الشهبندر بدعوى معاناته من آلام مبرحة في الرأس، وما إن اقترب منه، حتى أخرج مسدسه وأطلق الرصاص إلى رأسه مباشرةً.

علاقته بالماسونية

أشار الكاتب سامي مروان المبيض في كتابه “شرق الجامع الأموي” لانتساب الشهبندر إلى المحفل الماسوني في دمشق، برفقة عدد من الشخصيات الوطنية السورية، مبرزًا علاقته بالمحفل وعجز الماسونيين عن حمايته من الاغتيال.

مقالات متعلقة

ذاكرة سورية

المزيد من ذاكرة سورية