لفتت القبطانة الألمانية كارولا راكيتا الانتباه العالمي عند احتجازها من قبل السلطات الإيطالية في 29 من حزيران لمخالفتها القوانين، التي تجرم مساعدة المهاجرين على العبور إلى القارة الأوروبية، إلا أنها لم تكن الناشطة الوحيدة التي هوجمت لتمسكها بمعتقداتها الإنسانية.
وبينت دراسة من مؤسسة “ReSOMA” البحثية، المعنية بالهجرة وطلب اللجوء، نشرت في 20 من حزيران الماضي، أن 158 شخصًا، إضافة إلى 16 منظمة، قد تم التحقيق معهم أو محاكمتهم بشكل رسمي، بتهم تنوعت من مساعدة المهاجرين على العبور إلى دول الاتحاد الأوروبي، إلى تسهيل إقامتهم، وحتى الاتجار بالبشر لمن يوصلهم إلى البر الآمن في البحر المتوسط، ما بين عامي 2015 و2019.
وأُصدرت أحكام قضائية بحق 30 شخصًا منهم، في كل من بلجيكا وكرواتيا والدنمارك وفرنسا وألمانيا واليونان وإيطاليا وهولندا وإسبانيا والسويد والمملكة المتحدة.
وأحصت الدراسة قضيتين منها ذات صلة بالسوريين، إذ حُكم في فرنسا على سوري حائز على الجنسية الفرنسية بالسجن سبع سنوات لتهريب عائلته من اليونان، وحكم على متطوع بريطاني بالسجن لمدة عام واحد مع وقف تنفيذ تسعة أشهر لمحاولته تهريب مراهق سوري إلى إنجلترا عام 2019.
وأشارت إلى أن الأحكام القضائية بحق من يساعد المهاجرين قد تصاعدت منذ بدء ما يعرف بأزمة اللاجئين عام 2015، التي شهدت وصول مليون لاجئ ومهاجر إلى أوروبا خلال عام واحد، رغم انخفاض أعداد الواصلين عام 2018 بحوالي 90%.
وكان المستهدفون بالتجريم من المتطوعين والمدافعين عن حقوق الإنسان، وطواقم المراكب التي شاركت بعمليات البحث والإنقاذ، وحتى من المواطنين العاديين والصحفيين وعمدات البلدات، والقادة الدينيين، الذين قدموا المساعدة على أسس إنسانية ودون نية الربح المادي. ومن أبرز من وقف في وجه السياسات الرافضة لقبول اللاجئين ووجود المهاجرين في أوروبا:
بيا كليمب
قبطانة ألمانية أنقذت ألف مهاجر من الغرق في البحر الأبيض المتوسط في سفينتها “الإيوفناتا” ما بين عامي 2016 و2017، قبل أن تحتجز سفينتها من قبل السلطات الإيطالية وتوجه إليها تهم الاتجار بالبشر.
اتهمت من قبل صقلية مع بعض من رفاقها بالمساعدة على الهجرة غير الشرعية، وتواجه احتمال السجن لـ 20 عامًا وغرامات باهظة، في المحاكمة التي دعتها بـ “المسرحية”، في لقاءاتها الصحفية، والمستمرة منذ عامين، ولكنها قالت إنها تنوي رفع القضية للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في فرنسا إن اضطرت لذلك.
عمرها 35 عامًا، من مدينة بون في ألمانيا، عملت على سفينة “سي وواتش 3″، وقد تستمر محاكمتها سنين أخرى بكلفة مئات آلاف اليوروهات.
إيلين إيرسون
طالبة جامعية سويدية، رفضت الجلوس في طائرة متجهة من غوتنبرغ في السويد إلى اسطنبول احتجاجًا على ترحيل رجل أفغاني في 52 من العمر.
وبثت الشابة ذات الـ 21 عامًا تسجيلًا مصورًا عبر حسابها على “فيس بوك”، في 25 من تموز عام 2018، بدت فيه باكية ومتشبثة بموقفها الساعي للضغط على قبطان الطائرة لإنزال الرجل الأفغاني، وهو ما تحقق لها حينها مع إنزالها أيضًا.
غُرمت مبلغ 324 دولارًا من قبل محكمة سويدية، وتم ترحيل الرجل الأفغاني من السويد على كل حال.
سارة مارديني
اعتقلت السباحة السورية اللاجئة في ألمانيا في 29 من آب عام 2018 من قبل السلطات اليونانية بسبب نشاطها في إنقاذ المهاجرين الواصلين عبر البحر إلى اليونان.
واتهمتها الشرطة اليونانية بالتعاون مع “المركز الدولي للاستجابة الطارئة”، وهي منظمة أهلية لمساعدة اللاجئين، بينما تواجه المنظمة تهمة “العمل مع مهربي البشر واستقبال اللاجئين القادمين من تركيا إلى جزيرة ليسبوس، بما يشجع على الهجرة غير القانونية”.
وأُفرج عنها مع ثلاثة من العاملين في المجال الإنساني، عند دفع كفالة مالية قدرها خمسة آلاف يورو، بعد أكثر من شهرين من اعتقالها، في 4 من كانون الأول الماضي، دون إسقاط التهم الموجهة لها، مع استمرار محاكمتها.
كارولا راكيتا
تحدت القبطانة الألمانية، ذات الـ 31 عامًا، القوانين الإيطالية التي منعت رسو سفينتها التي تحمل 40 لاجئًا على سواحل البلاد، في 29 من حزيران الماضي، ما أدى إلى اعتقالها وتوجيه تهم الاتجار بالبشر ومساعدة الهجرة غير الشرعية إليها من قبل السلطات.
وأثارت قضيتها ضجة عالمية مع تصاعد التوتر بين الحكومتين الألمانية والإيطالية بخصوصها، ومواجهتها لحكم بعشر سنوات بالسجن وغرامة 50 ألف يورو على سفينتها “سي وواتش 3″، إلا أن القضاء الإيطالي حكم ببراءتها من تهم الاتجار بالبشر في 2 من تموز الحالي.
ما زالت أمامها تهمة مساعدة الهجرة غير الشرعية التي سيتم التحقيق معها حولها في 9 من تموز.
وعمد الاتحاد الأوروبي إلى فرض قرارات تحد من وصول المهاجرين إلى القارة من خلال تقديم المساعدات إلى الدول الحدودية، التي تعد منافذ للبحر الأبيض المتوسط، ومن خلال منع المنظمات الإنسانية والسفن من تنفيذ عمليات الإنقاذ ورفض السماح بإنزال اللاجئين على سواحله.
وتقدر “مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين” ارتفاع أعداد الضحايا على مسار الهجرة بين ليبيا والاتحاد الأوروبي بأكثر من الضعف في عام 2018، نظرًا لتراجع المهام البحرية للبحث والإنقاذ، مع غرق واحد من بين كل 14 مهاجرًا عام 2018، بينما كان المعدل واحدًا من كل 38 في عام 2017.
–