التيار المتشدد في “حراس الدين” يفقد أبرز شخصياته المؤثرة

  • 2019/07/03
  • 6:53 م

عناصر من كتيبة التوحيد والجهاد في "هيئة تحرير الشام" في ريف إدلب - نيسان 2019 (وكالة إباء)

كغيره من الجماعات الإسلامية والجهادية في سوريا، ضم “تنظيم حراس الدين” داخل تشكيله تيارين متباينين ومختلفين في الرؤية والمرجعية الفكرية والمنهجية. الأول تيار معتدل يتصدره أبو الهمام السوري (أمير التنظيم) وسامي العريدي (المسؤول الشرعي)، أما الآخر فهو التيار المتشدد، الذي برزت فيه عدة أسماء لقياديين جهاديين على رأسهم “أبو يحيى الجزائري” و”أبو ذر المصري” و”أبو عمر التونسي”.

وكان لكل تيار داخل التنظيم مدرسة فكرية يعود لها، فبينما ينتسب التيار المعتدل بقيادة “أبو الهمام” إلى جمال إبراهيم أشيتيوي المصراتي المعروف باسم عطية الله الليبي، يقترب التيار المتشدد في أفكاره ومنهجه إلى عصام طاهر البرقاوي أو كما يلقب بـ”أبو محمد المقدسي”، وهو أردني من أصل فلسطيني، ويعتبر من أبرز منظري تيار السلفية الجهادية.

و”حراس الدين” هو فرع تنظيم “القاعدة” في سوريا، رغم عدم الإعلان الرسمي من جانب الأخير عن وجود جذور عسكرية له داخل الأراضي السورية، وكانت القيادة العامة لتنظيم “القاعدة” قد أصدرت، في كانون الثاني 2018، بيانًا تضمن تأكيدًا ضمنيًا على انتشار عناصره في سوريا، لأول مرة منذ فك “جبهة النصرة” ارتباطها به.

ونشرت مؤسسة “السحاب” التابعة للتنظيم، حينها، البيان الذي حمل اسم “وكان حقًا علينا نصر المؤمنين”، خاطبت فيه عناصرها المنتشرين في أنحاء العالم، وخصت من هم على أرض “شام الرباط”، في إشارة إلى سوريا.

بحسب معلومات عنب بلدي، يضم “حراس الدين” كلًا من مجموعات “جيش الملاحم، جيش الساحل، جيش البادية، سرايا الساحل، سرية كابل، جند الشريعة”، وفلول “جند الأقصى”، ويقودهم القيادي في “هيئة تحرير الشام” سابقًا، “أبو همام الشامي”.

بالإضافة إلى قيادات “القاعدة” في مجلس الشورى، الذي يضم “أبو جليبيب طوباس” و”أبو خديجة الأردني” و”سامي العريدي” و”أبو القسام” و”أبو عبد الرحمن المكي”، وعددًا من القيادات السابقة في “جبهة النصرة”، التي رفضت فك الارتباط بالقاعدة.

التحالف يستغل خلاف التيارات

عصر يوم الأحد 30 من حزيران الماضي أعلن التحالف الدولي، الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية، عن استهدافه اجتماعًا لقياديين في تنظيم “حراس الدين”، التابع لتنظيم “القاعدة”، كان قد عُقد لحل المشاكل العالقة في الفصيل.

وقال التحالف في بيان له إنه استهدف منشأة في منطقة ريف المهندسين الأول جنوب غربي حلب، ما أسفر عن مقتل وإصابة قياديين في تنظيم “حراس الدين”.

الضربة التي وجهها التحالف الدولي لقادة “تنظيم حراس الدين” جاءت عقب الخلاف الذي شهده التنظيم بين تياريه، على خلفية قرار المشاركة إلى جانب فصائل “الجيش الحر” في التصدي لهجوم قوات الأسد على مناطق ريف حماة وريف حلب.

وبدأت أولى تبعات الخلاف برفض كل من القياديين “أبو ذر المصري” و”أبو يحيى الجزائري” قرار المشاركة في معارك ريف حماة وريف حلب إلى جانب فصائل “الجيش الحر” المدعومة من تركيا، الأمر الذي دفع “أبو همام الشامي” إلى إصدار قرار بفصلهما، إلا أن القياديين رفضا قرار الفصل بوصفه قرارًا غير صادر عن القضاء الداخلي.

وأيد قرار القياديين وموقفهما أكثر من 300 شخصية في “حراس الدين”، الذين طالبوا بالرجوع إلى القضاء، لحل النزاع حول حل اللجنة الشرعية في الفصيل وفصل شرعيين منه.

وبوصفه قاضيًا، دعا “قاضي الحدود والتعزيرات في الجماعة”، “أبو عمر التونسي”، إلى جلسة بين الجانبين لحل النزاع، إلا أن “أبو الهمام الشامي” والقيادي سامي العريدي رفضا الأمر، وفيما بعد أصدر أبو الهمام قرارًا بفصل “أبو عمرو التونسي” أيضًا من التنظيم.

وكان “أبو عمر التونسي” نشر تسجيلًا صوتيًا نشر عبر “تلغرام” اعتبر فيه عدم امتثال قياديي التنظيم (أبو همام الشامي، وسامي العريدي) للقضاء “عين الظلم والمحاباة”.

وقال “التونسي” إن قرار فصل الشرعيين من القيادة، “غير نافذ بالنسبة لي إلا إذا صادقه القضاء، وهذا جاء بلسان القيادة ذاتها”.

لم تمضِ أيام على الخلاف والنزاع الذي شهده “حراس الدين”، حتى نفذت طائرة للتحالف الدولي غارة استهدفت الاجتماع المنعقد للتيار المتشدد، ما أدى إلى مقتل أبرز شخصياته المؤثرة، دون أن يذكر “حراس الدين” أسماءهم بشكل صريح في بيان النعي الذي أصدره عقب الحادثة.

أبرز الرموز

ومن بين الذين قتلوا في القصف، قاضي الحدود والتعزيرات “أبو عمر التونسي”، بحسب ما ذكره مصدر مطلع على شؤون الجماعة لعنب بلدي، إلى جانب القيادي “أبو ذر المصري” والقيادي “أبو يحيى الجزائري”، و”أبو دجانة التونسي”، الأمر الذي أدى إلى فقدان التيار المتشدد في “حراس الدين” أبرز شخصياته المؤثرة ورموزه، التي كانت تنافس التيار المعتدل، الذي يتصدره “أبو همام الشامي”، الذي يعرف بقربه من “هيئة تحرير الشام”، وقائدها “أبو محمد الجولاني”.

لكن ورغم ما سبق، لم يكن التيار المتشدد محصورًا بالأسماء المذكورة سابقًا، بل ضم أيضًا كلًا من القياديين “أبو اليمان الوزاني” و”أبو مصعب الليبي”، اللذين لم يتم إدراجهما في قرار الفصل من الجماعة، الذي صدر على خلفية رفض المشاركة في المعارك إلى جانب فصائل “الجيش الحر”.

ويعتبر تنظيم “حراس الدين” منشقًا عن “هيئة تحرير الشام” بسبب رفض قيادييه فك ارتباط الفصيل بـ “تنظيم القاعدة”، ويعتبر أحد تشكيلات غرفة “وحرض المؤمنين”، التي يتركز نشاطها العسكري في الخاصرة الغربية من محافظة إدلب، وصولًا إلى الريف الشمالي للاذقية.

وهو أول فصيل عسكري في إدلب رفض الاتفاق الروسي- التركي بشأن محافظة إدلب، الموقع في أيلول من عام 2018.

ولم تتضح تبعات الضربة الجوية التي نفذها التحالف على اجتماع قادة التيار المتشدد في التنظيم، سواء بالاتجاه إلى منهجية أخرى قد تحاكي ما عملت عليه “هيئة تحرير الشام”، عن طريق تفضيل المصلحة على الأرض، بعيدًا عن الأيديولوجيا التي كانت تتمسك بها في السابق، منذ إعلان تشكيلها تحت مسمى “جبهة النصرة”.

ومن جانب آخر قد تكون إحدى تبعات الضربة الجوية من التحالف، ظهور تكتل جهادي جديد من قبل القادة الذين بقوا في إطار التيار المتشدد، والذين قد يعملون على استمالة عناصر وقادة من التيار الآخر المعتدل، وذلك عن طريق اللعب على وتر “التحالف الصهيوصليبي” والخطورة الذي قد يشكلها في المرحلة المقبلة، وفقًا لما جاء في بيان “حراس الدين” بشأن نعي القادة في ريف حلب الغربي.

مقالات متعلقة

سوريا

المزيد من سوريا