توجهت قيادات من “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) إلى مقر الأمم المتحدة في جنيف، ووقعت اتفاقية حول منع تجنيد الأطفال دون سن الـ18، وذلك بعد سنوات من تجنيد القاصرين في صفوفها للمشاركة في العمليات العسكرية شمال وشرق سوريا.
وتشمل الاتفاقية، التي أطلق عليها اسم “خطة عمل” والموقعة في 1 من تموز الحالي، تسريح الفتيات والفتيان المجندين حاليًا وفصلهم عن القوات، بالإضافة إلى منع وإنهاء تجنيد الأطفال ممن هم دون 18 عامًا.
ووقع الخطة باسم “قسد” قائدها العام، اللواء مظلوم عبدي، والممثلة الخاصة للأمين العام المعنية بالأطفال والنزاع المسلح، فيرجينيا غامبا، في مقر الأمم المتحدة في جنيف.
وتعتبر “قسد” أولى الجهات المسلحة التي توقع هذا النوع من الاتفاقيات، عدا عن اعترافها بعمليات تجنيد القاصرين في صفوفها، من خلال حضور قياداتها في مقر الأمم المتحدة على رأسهم مظلوم عبدي، وريدور خليل الناطق الرسمي السابق لـ”وحدات حماية الشعب” (الكردية).
اتفاقية سابقة لم تلتزم بها
خطة العمل التي وقعتها “قسد” مع الأمم المتحدة ليست الأولى، بل سبقتها اتفاقية مع منظمة “نداء جنيف” غير الحكومية، في عام 2015.
وفي تقريرٍ لمنظمة “هيومين رايتس ووتش” في تموز 2015، تحت عنوان “قوات كردية تنتهك حظر تجنيد الأطفال”، أوضح أن “الوحدات” وقعت، في حزيران 2014، “صك التزام” مع منظمة نداء جنيف غير الحكومية، تعهدت فيه بتسريح جميع المقاتلين دون سن 18 عامًا في غضون شهر. وبعد شهر، قامت “الوحدات” بتسريح 149 طفلًا.
ورغم الوعد الذي قدمته، وتحقيق بعض التقدّم، وثقت “هيومن رايتس ووتش” على امتداد سنة من تاريخ التوقيع، التحاق أطفال دون سن 18 سنة بالقتال في صفوف “الوحدات”، ويبدو أن بعض الأطفال قتلوا في معارك في 2015، بحسب التقرير.
وأكدت “هيومين رايتس ووتش” أن عشرة من بين 59 طفلًا ذكرت تقارير أنهم التحقوا بـ”وحدات حماية الشعب” و”وحدات حماية المرأة” في عام 2014 هم دون سن 15 سنة.
وقال عبد الكريم صاروخان، رئيس هيئة الدفاع في “الإدارة الذاتية”، حينها، “نتعهد بعدم استخدام أي طفل دون الثمانية عشر عامًا في أعمال عدائية، بما في ذلك القتال، وأعمال التجسس، ومهمات الحراسة أو توفير الإمدادات للمقاتلين، كما لن نسمح بانخراط أي طفل دون الثمانية عشر عامًا كمقاتل في صفوفنا”.
وتعتبر “وحدات حماية الشعب” الذراع العسكري لـ”قوات سوريا الديمقراطية” وتعتبر أكبر مكوناتها العسكرية إلى جانب “وحدات حماية المرأة”.
حتى 2018
ويمنع القانون الدولي تجنيد الأطفال في القوات المسلحة أو استخدامهم في الأعمال القتالية دون سن الـ 18، وفق المادة الرابعة من البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية حقوق الطفل، بينما يعتبر تجيند الأطفال دون سن الـ 15 “جريمة حرب”.
وطول السنوات الماضية من العمليات العسكرية التي خاضتها “قسد” في مناطق شمال وشرق سوريا، لم تغب التقارير الحقوقية بشأن تجنيدها للقاصرين والأطفال.
ونشرت منظمة “هيومن رايتش ووتش” الدولية تقريرًا، في آب 2018، قالت فيه إن “الوحدات” تجند الأطفال، وبينهم فتيات، للقتال في صفوفها، مشيرة أن من بين الأطفال المجندين أطفالًا نازحين مع عائلاتهم إلى المخيمات التي تسيطر عليها “الوحدات”.
ووفق تقرير “رايتس ووتش”، توجد 224 حالة تجنيد أطفال من قبل “الوحدات” ووحدتها النسائية، عام 2017 وحده، بزيادة خمسة أضعاف عن عام 2016.
إلا أن “مجلس سوريا الديمقراطية” (مسد) رد على التقرير بقوله إن تجنيد الأطفال هو عبارة عن “تجاوزات فردية”.
كما أصدرت “قسد” قرارًا رسميًا، في أيلول الماضي، بمنع ظاهرة تجنيد الأطفال في صفوفها، عقب تقرير “رايتس ووتش”.
أطراف أخرى تجنّد الأطفال
“قسد” ليست الوحيدة التي وُجهت لها اتهامات بتجنيد الأطفال في صفوفها للمشاركة في العمليات العسكرية.
وبحسب الأمم المتحدة فإن النظام السوري، بما في ذلك قوات “الدفاع الوطني” والميليشيات الموالية لها تعمل على (التجنيد والاستخدام، القتل والتشويه، الاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي، الاعتداءات على المدارس والمستشفيات).
أما الجهات الفاعلة غير الحكومية التي تقوم بانتهاكات ضد الأطفال، فهي ووفقًا للأمم المتحدة: أحرار الشام (التوظيف والاستخدام، القتل والتشويه)، مجموعات تابعة للجيش السوري الحر (تجنيد واستخدام).
إضافةً إلى تنظيم “الدولة الإسلامية” (التجنيد والاستخدام ، القتل والتشويه، الاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي، الاعتداءات على المدارس والمستشفيات، عمليات الاختطاف)، و”جيش الإسلام” (التوظيف والاستخدام)، و”جبهة النصرة” (التوظيف والاستخدام، القتل والتشويه).
–