يعتبر شكري القوتلي أحد السياسيين السوريين المؤثرين في الحياة السياسية، في الأعوام التي سبقت الاستقلال عن الانتداب الفرنسي في سوريا وحتى انتهاء الوحدة السورية المصرية في عام 1961.
وما بين من يتهم القوتلي بالمسؤولية عن ضياع فلسطين في عام 1948، ودوره في إنهاء الحياة السياسية في سوريا لموافقته على الوحدة مع مصر في عام 1958 فيما اعتبر تمهيدًا لقيام الديكتاتورية في سوريا بعد انقلاب البعث عام 1963، وبين من يراه وطنيًا سوريًا كان له دور كبير في تشكيل الجمهورية السورية بعد جلاء الفرنسيين وتكريس الديمقراطية في البلاد عبر مواقف كثيرة يذكرها مناصروه حتى اليوم، يبقى الرئيس السوري الراحل شخصية لا يمكن البحث في تاريخ سوريا دون الوقوف عندها مطولًا.
مقولات مزورة
يتداول بعض رواد وسائل التواصل الاجتماعي مقولات وأحداثًا جرت مع الرؤساء السوريين في خمسينيات القرن العشرين، دون أن يتم التأكد من صحتها وهل جرت فعلًا، ومنها القول الشهير لشكري القوتلي للرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر “أنت لا تعرف ماذا أخذت ياسيادة الرئيس! أنت أخذت شعبًا يعتقد كلّ من فيه أنه سياسي، ويعتقد 50% من ناسه أنهم زعماء، ويعتقد 25% منهم أنهم أنبياء، بينما 10% على الأقل أنهم آلهة”.
هذا القول المنتشر بين أوساط المهتمين في تاريخ سوريا، وكذلك على وسائل التواصل الاجتماعي، رد عليه الكاتب السوري صبحي حديدي في مقال نشره في جريدة القدس العربي في 12 من أيار، بين فيه أصل الحكاية، التي يتضح من المقال أنها تعود للكاتب المصري محمد حسنين هيكل ونشرها في عام 1961، في أثناء محاولاته تبرئة ساحة جمال عبد الناصر من الأخطاء التي ارتكبها في أثناء الوحدة.
اتهامات سياسية
تحفل الكتب المعنية بالتاريخ السوري بعشرات الصفحات التي تتحدث عن الرئيس الراحل، سواء كانت تدافع عنه وتذكر مآثره أو تهاجمه بتهم تتعلق بالتزوير وسوء التخطيط، وثالثة تتهمه بإنهاء الحياة السياسية بموافقته على قيام دولة الوحدة، وتوقيعه على الاتفاقية.
ويذكر الكاتب صقر أبو فخر في كتابه “سوريا وحطام المراكب المبعثرة”، في حواراته مع القيادي البعثي السابق نبيل شويري، أن القوتلي زور الانتخابات النيابية في عام 1947، دون أن يتم تقديم أي وثائق أو أدلة تثبت حصول التزوير، كبقية الاتهامات الموجهة للقوتلي التي تبقى محل الجدالات التاريخية.
حياة حافلة
ولد شكري القوتلي في دمشق عام 1891، وتخرج في جامعة “Mekteb-i Mülkiye” التركية في عام 1913، وبدأ عمله السياسي بالانتساب إلى جمعية “العربية الفتاة” التي كانت محظورة من قبل السلطات العثمانية.
أسهم القوتلي في جلاء الانتداب الفرنسي عن سوريا، وتولى وزارة الدفاع في عام 1936، ورئاسة الجمهورية مرتين، الأولى بين عامي 1943-1949، وانتهت هذه الفترة بأول انقلاب عسكري في العالم العربي قاده حسني الزعيم.
أما الولاية الثانية فكانت بين عامي 1955 و1958، وانتهت بإعلان الوحدة بين مصر وسوريا وتنازل القوتلي عن الحكم لمصلحة جمال عبد الناصر.
وفاته
توفي القوتلي في 30 من حزيران عام 1967، في مدينة بيروت التي رحل إليها عقب انقلاب البعث عام 1963 بعدما صودرت أمواله، ودفن في مقبرة باب الصغير في دمشق، دون تشييع رسمي.
–