أكبر المتشائمين بعد فوز نادي الجيش السوري على الجزيرة في ذهاب نصف نهائي كأس الاتحاد الآسيوي، لم يكن يتوقع النتيجة الكارثية التي قلب فيها الفريق الأردني الطاولة على بطل الدوري المحلي السوري.
وفشل نادي الجيش السوري في قلب استحقاقه المحلي إلى إنجاز آسيوي، بعد “ريمونتادا” أردنية بنكهة دوري أبطال أوروبا، أخرجت الفريق السوري خارج المسابقة “بكارثة” شهدت جدلًا سوريًا.
خسارة النادي السوري في البطولة الآسيوية، دفعت المدير الفني للفريق، طارق الجبان، إلى تقديم استقالته التي رُفضت من الهيئة الإدارية للنادي، وسط احتجاجات جماهيرية على النتيجة المخيبة بسبب ما وصفوه بـ “الاستهتار” في المواجهة.
نهاية الحلم بالكأس الآسيوية الثانية
أضاع الفريق فرصة التأهل، وتكرار إنجاز عام 2004 حينما توج بالنسخة الأولى، بعد هزيمة ثقيلة عقب فوزه بثلاثية في الذهاب.
المباراة هي الأسوأ للنادي في الموسم على المستويين المحلي والآسيوي، فلم يقدم الأداء الفني الذي يليق ببطل الدوري المحلي للمرة الخامسة على التوالي والسابعة عشرة في تاريخه.
اعتمد الفريق على اللعب السلبي وإضاعة الوقت، ما أفقده انسجامه، في مباراة أراد إنهاءها بالتعادل أو بهزيمة أقل من ثلاثية، وبالمقابل كان الجزيرة يلعب على قلب المعطيات رأسًا على عقب.
سجل الجزيرة هدفه الأول بالشوط الأول، بينما أتى توقيت الهدف الثاني جيدًا للغاية مع بداية الشوط الثاني.
وقف الجبان، مدرب الجيش، متفرجًا في حين كان اللاعبون يعتمدون على اللعب الطويل دون فاعلية أو تركيز، حتى خسروا الاعتماد على الهجمات المرتدة كأسلوب لقتل اللقاء بهدف.
تحمل الجبان مسؤولية الخسارة، بسبب سياسة “الاستهتار” التي باتت واضحة على معالم نصف النهائي، إلى جانب سلسلة من الأخطاء الفردية من لاعبي الدفاع ومن حارس المرمى.
وظهر دفاع النادي بصورة سيئة ومهزوزة، كما ظهر عدم الانسجام بين لاعبي الدفاع والحارس، وهو ما اعتمد عليه لاعبو الجزيرة في اختراق الصفوف وتأكيد أن كرة القدم لا تضع اعتبارًا إلا للأرقام.
الجيش.. عراب الدوري السوري
يعود تأسيس نادي الجيش السوري (نادي الجيش الرياضي المركزي) إلى استقلال الجمهورية العربية السورية عام 1947، وتضمن نشاطه لعبة واحدة فقط، وهي كرة القدم، وكانت تمارس في سلاح الشرطة العسكرية، واقتصر نشاط الفريق على المشاركات المحلية وضمن المناسبات الوطنية والقومية.
سنة 1954 أُسس الاتحاد الرياضي العسكري، ليشمل معظم الألعاب الرياضية الأولمبية والألعاب العسكرية، وفي سنة 1980 سمي نادي الجيش الرياضي المركزي ومقره العاصمة السورية دمشق.
بدأ النادي مشاركاته المحلية سنة 1960 ببطولة كأس الجمهورية، وتوالت مشاركاته محليًا بالدوري والكأس، وعربيًا عبر بطولات الجيوش العربية وبطولات الأندية العربية سواء أبطال الدوري أو أبطال الكأس، وعالميًا ضمن بطولات العالم العسكرية التي يشرف عليها المجلس الدولي للرياضة العسكرية (سيزم).
لقب نادي الجيش بـ”الزعيم” نظرًا لسيطرته على البطولة المحلية للدوري محرزًا رقمًا قياسيًا بـ 17 بطولة، وسيطر عليها في السنوات الخمس الأخيرة تواليًا.
ورفع النادي لقب بطولة كأس الجمهورية، تسع مرات في أعوام 1976، 1986، 1997، 1998، 2000، 2002، 2004، 2014، 2018.
ويواجه النادي انتقادات من جماهير الأندية المحلية الأخرى، لاستفادته من اللاعبين السوريين الذين يكونون في سن الخدمة العسكرية، إذ يستقطبهم مقابل عدم التحاقهم بقطع الجيش العسكرية.
وحقق الفريق بطولة الجيوش العربية عام 1970، وكان وصيف بطولة أبطال الأندية العربية مرتين في موسمي 1997 و1999، وبطل دورة الألعاب الرياضية العربية العسكرية الأولى عام 2010 التي أقيمت في دمشق.
وحقق المركز الثاني في بطولة غرب آسيا بطهران 1997، ورفع كأس بطولة الاتحاد الآسيوي لأندية كرة القدم موسم 2004.
الجبان.. طموح المدرب الشاب
بعد ثلاثية العام الماضي (الدوري والكأس والسوبر المحلي)، بدأ نادي الجيش الموسم الحالي مع مدربه حسين عفش، الذي أسهم بالثلاثية، لكن الأخير قدم استقالته بعد العثرات التي وقع فيها النادي في افتتاحية الدوري السوري، وحل محله أحمد الشعار، ولكنه استقال بسبب سوء النتائج، وتسلم مساعده طارق الجبان لنهاية الموسم.
بدأ الجبان الموسم والفريق في حالة صعبة، ولكنه تمكن من العودة بالنتائج، وتوج بالدوري رغم خسارته مسابقة الكأس.
ظهرت قوة الجبان وحزمه خلال الدوري السوري، حينما قاد حملة الدفاع والتتويج للمرة الخامسة على التوالي، وواصل أداءه القوي في دوري أبطال آسيا، لولا انتكاسة الجزيرة التي باتت نقطة فارقة في مسيرته دفعته لتقديم استقالته، التي رُفضت من الإدارة.
نشأ الجبان في عهدة كرة القدم الدمشقية في العاصمة السورية، ولعب بفئة الأشبال والناشئين والشباب مع نادي المجد، وصعد إلى الفريق الأول عام 1992-1993.
انتقل الجبان إلى نادي الجيش لتأدية الخدمة الإلزامية في صفوف الفريق، كما جرت العادة في سوريا، في موسم 1993-1994، ثم لعب في صفوف المنتخب الأولمبي سنة 1995، قبل أن يمثل في ذات العام المنتخب الوطني، وحمل شارة القيادة سنة 1999 حتى عام 2006، الذي لعب فيه 97 مباراة رسمية دولية سجل فيها 20 هدفًا.
على الصعيد المحلي حقق الجبان نتائج صعبة، بعد أن حمل بطولة الدوري في ستة مواسم متتالية مع نادي الجيش منذ موسم 1997 حتى 2010، وكأس الجمهورية في خمسة مواسم متتالية منذ 1996 حتى 2004.
وشارك آسيويًا ببطولة الأندية الآسيوية مرتين وبطولة كأس الاتحاد الآسيوي مرتين.
وعلى صعيد المنتخب حمل كأس آسيا للشباب موسم 1994، وشارك في التصفيات الأولمبية المؤهلة لأولمبياد أتلانتا 1995، وشارك في تصفيات الأمم الآسيوية في الموسم التالي بالبطولة التي أقيمت بالإمارات، ولعب كأس العرب في بيروت عام 1998 ونهائيات كأس العرب في قطر بذات الموسم، وشارك بالتصفيات المؤهلة لأمم آسيا في موسمي 2000 و2007.
ويعتبر لقب كأس الاتحاد الآسيوي لكرة القدم مع نادي الجيش عام 2004 هو الأغلى في تاريخ اللاعب، قبل أن يعتزل كرة القدم عام 2010.
انتقل الجبان من اللعب إلى المجال التدريبي، لأول مرة موسم 2010-2011 كمساعد مدرب مع المدرب العراقي ثائر جسام في نادي الجيش، قبل أن يصبح مساعدًا للمدرب الروماني كوستيكا ستيفانيسكو في الموسم التالي، وبعد فسخ عقد المدرب الروماني عمل مدربًا أولًا للفريق لمدة شهرين.
وفي نهائيات كأس أمم آسيا عام 2019 التي أقيمت في كانون الأول في الإمارات العربية المتحدة، عُيّن طارق الجبان مساعدًا لمدرب المنتخب، الألماني بيرند شتانغه، قبل أن يحل الاتحاد السوري الكادر الفني ويعيّن فجر إبراهيم بديلًا لشتانغه، ليتسلم الجبان مهامه مرة ثانية في نادي الجيش.
التحدي الذي يقف في وجه الجبان اليوم هو إكمال إنجاز نادي الجيش آسيويًا بعد السيطرة على الدوري المحلي، وهذا ما يجعل المهمة صعبة.