عنب بلدي – خاص
بعد سلسلة تصريحات متصاعدة من قبل الدول الضامنة لمسار “أستانة” في الملف السوري (تركيا وروسيا وإيران) والمبعوث الدولي إلى سوريا، غير بيدرسون، حول قرب تشكيل اللجنة الدستورية، بدأت هذه التصريحات بالتراجع مع صعوبات ومعوقات دفعت دولًا مؤثرة إلى البحث عن بدائل.
تشكيل اللجنة لاقى صعوبات ومماطلة من قبل النظام السوري وداعميه، في ظل رفض المعارضة تقديم أي تنازل فيما يخص الأسماء المختلف عليها وخاصة قائمة المجتمع المدني، لتصل الأمور إلى طريق مسدود، ويتم ترحيل تشكيلها من المسار السياسي الروسي (أستانة) إلى مسار “جنيف” بإشراف الأمم المتحدة، وذلك خلال اجتماع الجولة الـ 12 في 26 من نيسان الماضي.
وطرحت مسألة اللجنة الدستورية لأول مرة في مؤتمر “سوتشي” بروسيا، في 20 من كانون الأول 2018، لتبدأ عقبها محادثات مكوكية بين الأطراف دون جدوى، بسبب الخلاف على أسماء معينة، وخاصة أسماء قائمة المجتمع المدني.
دعوات لبحث مشروع بديل عن اللجنة الدستورية
وفي ظل نصائح روسيا على لسان وزير خارجيتها، سيرغي لافروف، في أيار الماضي، للدول الغربية بعدم عرقلة تشكيل اللجنة الدستورية واتهامها بمنع تشكيلها بسبب التشديد على القوائم، دعت الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا المبعوث الأممي إلى سوريا للتخلي عن مشروع اللجنة الدستورية والبحث عن بدائل أخرى.
وخلال جلسة لمجلس الأمن، عقدت الخميس 27 من حزيران، طالب السفير الأمريكي، جوناثان كوهين، مبعوث الأمم المتحدة بأن يفكر بمبادرة أخرى غير اللجنة الدستورية، بسبب عدم التقدم في تشكيلها ومماطلة النظام السوري.
وقال كوهين إنه “حان الوقت بعد 17 شهرًا من إعلان بدء تشكيل اللجنة الدستورية في سوتشي، أن ندرك بأن الملف لم يتقدم ولا يزال بعيد المنال، كما حان الوقت لكي يشجع المجلس المبعوث الخاص بيدرسون على تجربة طرق أخرى لتحقيق الحل السياسي”.
الدعوة الأمريكية لاقت تأييدًا من فرنسا، إذ اعتبر السفير الفرنسي لدى الأمم المتحدة، فرانسوا ديلاتر، أنه “لم يتم إحراز أي تقدم في تشكيل اللجنة الدستورية”، وأن “النظام السوري يرفض أي حل وسط، ويضاعف مناورات التسويف للحيلولة دون نجاح هذا المنتدى الأول للحوار”، بحسب تعبيره.
وسبق التصريحات الأمريكية- الفرنسية اقتراح من قبل بيدرسون بتشكيل “مجموعة دولية مختلفة ومؤثرة” إلى جانب اجتماع اللجنة الدستورية، من أجل “دفع عملية السلام في سوريا”.
وقال بيدرسون في مقابلة نشرها “مركز الحوار الإنساني في جنيف”، الخميس 27 من حزيران، “من الواضح أن لجنة دستورية بحد ذاتها لن تغير الكثير، لكن إذا تم التعامل معها بشكل صحيح، وإذا كانت هناك إرادة سياسية فقد يكون ذلك بمثابة فتح الباب لعملية سياسية أوسع”.
العريضي: الموقف الأمريكي ضغط على الروس
من جهته اعتبر المتحدث الرسمي باسم “هيئة التفاوض” السورية، يحيى العريضي، أن الموقف الأمريكي “جاء بعد الألاعيب من قبل الروس الذين يقاربون العملية السياسية تكتيكًا لا استراتيجيًا”.
وأضاف العريضي، في حديث إلى عنب بلدي، أن “النظام السوري لا يريد حلًا سياسيًا، وروسيا تورطت أمام العالم بأنها تريد حلًا سياسيًا، لكن على الأرض تسعى لإنجاز ذلك بأدوات عسكرية، فمن طرف اللسان يطلق الروس طروحات سياسية، ومن بينها كانت اللجنة الدستورية، كحالة انتقائية من القرار الدولي 2254، يركزون عليها أحيانًا ويضعونها جانبًا أحيانًا أخرى، بناءً على هوى النظام الذي يحمونه”.
واعتبر العريضي أن الروس، بعد الموقف الأمريكي الجديد، سيعودون ملهوفين للجنة الدستورية، متوقعًا “الإعلان قريبًا عن انطلاق اللجنة الدستورية”.
وحول أهمية اللجنة في حال إطلاقها، أكد العريضي أن “الهيئة لا تراها إلا مدخلًا لتحقيق انتقال سياسي بدستور جديد وانتخابات برلمانية ورئاسية تفضي بالبلد إلى حل حقيقي”، معتبرًا أنه “بغير ذلك لا يمكن أن يكون هناك حل، وستبقى حالة الاستنزاف التي تسحب روسيا إلى مغطس أكبر ويأس لتعيد نظامًا غير قابل للحياة”.
وفي ظل الحديث عن تشكيل اللجنة تستمر حملة التصعيد العسكري من قبل النظام وروسيا في مناطق الشمال السوري، ما أوقع مئات الضحايا وتسبب بنزوح مئات آلاف المدنيين، ما يحول الحديث عن عملية سياسية إلى “سخرية” بحسب وصف رئيس “هيئة التفاوض” السورية، نصر الحريري، خلال لقاء مع قناة “العربية الحدث”، في أيار الماضي، والذي قال إن “على الأمم المتحدة وعلينا جميعًا أن نكون صريحين، بأنه لا توجد عملية سياسية، وما يتم التعويل عليه هو القتال وفقط القتال، والمستهدف هو الشعب السوري”.