مصالحة ريف حمص “طاقة فرج” لنحالي سوريا هذا الموسم  

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – عروة المنذر

ينقل النحالون مناحلهم إلى مناطق مختلفة على مدار فصول السنة بحثًا عن المراعي والأزهار، الأمر الذي لم يعد متاحًا في سوريا منذ سنوات، بسبب تقطيع أوصال المناطق، وتردي الأوضاع الأمنية في عموم البلاد، خاصة أن عمليات النقل يجب أن تتم في الليل.

مدينة حمص والمساحات الزراعية المنتشرة في أريافها كانت مقصدًا لعدد كبير من مربي النحل في السنوات التي سبقت أحداث الثورة السورية، وخاصة الريف الشمالي، الذي يشتهر بزراعة نبتة اليانسون المروية بشكل واسع، لكن قدوم النحالين إلى المنطقة توقف في أثناء العمليات العسكرية التي شهدتها المنطقة، على خلفية سيطرة فصائل المعارضة على عدة مدن وقرى وبلدات.

اتفاقية المصالحة في ريف حمص الشمالي، التي أبرمها النظام السوري وفصائل المعارضة، كانت “طاقة الفرج” بالنسبة لمربي النحل، سواء في داخل الريف الشمالي لحمص أو في المناطق الأخرى، والذين بدؤوا بنقل خلاياهم إلى المنطقة مؤخرًا لكسب موسم اليانسون.

وتعد تربية النحل من الأعمال المربحة في سوريا، وامتلك المزارعون السوريون أكثر من 730 ألف خلية نحل قبل عام 2018، وفي الفترة التي تلتها وصل العدد إلى 250 ألف خلية، بحسب إحصائيات صادرة عن وزارة الزراعة في حكومة النظام السوري.

 موطن عسل اليانسون

يعتبر موسم اليانسون من أضخم المواسم التي تصب في مصلحة النحالين، ويتركز إنتاجه في أرياف حمص وحماة بشكل خاص، حيث تنتشر مساحات واسعة من حقول نبتة اليانسون المروية على ضفاف بحيرة سد الرستن وبحيرة قطينة، الأمر الذي جعل المنطقة مقصدًا لعدد كبير من مربي النحل خلال الموسم.

مربو الساحل، وباقي المناطق بشكل عام، لم يتمكنوا من نقل مناحلهم إلى المنطقة خلال سيطرة قوات المعارضة على المنطقة، بسبب طوق الحصار الذي كانت تفرضه قوات الأسد.

لكن بعد اتفاق “المصالحة” وترحيل قوات المعارضة إلى الشمال السوري، استقبلت المنطقة خلايا النحل من كل المناطق، فدخلت أكثر من خمسة آلاف خلية نحل في الأشهر الماضية، تموضعت على أطراف بحيرة الرستن ونهر العاصي في عموم ريف حمص الشمالي.

“أحمد أبو خالد”، مربي نحل من مدينة الرستن، يقول لعنب بلدي، “بعد دخول قوات الأسد المنطقة بدأ مربو الساحل بالتواصل مع المربين في ريف حمص الشمالي لتمهيد الطريق، كي يتمكنوا من نقل خلايا نحلهم إلى المنطقة”.

ويضيف “أبو خالد” أن المصلحة متبادلة بين الطرفين، فمربو النحل في الساحل بحاجة إلى نقل مناحلهم في موسم اليانسون إلى مزارع ريف حمص، وفي موسم الحمضيات يحتاج المزارعون في ريف حمص إلى نقل مناحلهم لمناطق الساحل، مشيرًا “لا يمكن أن يستغني أحدنا عن الآخر”.

ألف ليرة مقابل كل خلية

انتشرت ظاهرة سرقة النحل قبل أحداث الثورة في 2011، ما جعل المربين منشغلين في حراسة مناحلهم، عن طريق وضعها لدى أصحاب المزارع مقابل ثلاثة أو أربعة كيلو غرامات من العسل، حسب الاتفاق المبرم.

في الوقت الحالي اختلف الوضع عما كان عليه سابقًا، فقد بدأ النحالون باستئجار المزارع، بدون وجود قوانين تحكم العلاقة بين مربي النحل وصاحب المزرعة، وإنما يلجأ الطرفان إلى عرف الكار.

ويتفق المربون مع أصحاب المزارع على دفع مبلغ ألف ليرة سورية في الشهر عن كل خلية يتم حراستها، على أن يتحملوا المسؤولية في حال حدوث السرقة.

“أبو أمين” من مزارعي بلدة الغنطو، يقول لعنب بلدي إن الوضع حاليًا اختلف عن السابق، فقد ساد اتفاق عام بين المزارعين والمربين بدفع ألف ليرة مقابل كل خلية تدخل المزرعة، مقابل حراستها وتحمل مسؤوليتها.

الفراش يؤثّر على الإنتاج

منذ مطلع العام الحالي شهدت سوريا موجة غير معهودة من الفراش غزت المزارع، وأثرت على إنتاج العسل.

“أبو ثائر”، مربي نحل من قرية الزعفرانة، يقول لعنب بلدي، “لم أشهد في حياتي موجة فراش بهذه الضخامة، فقد أكل الفراش كل الرحيق على زهر اليانسون، الأمر الذي أدى إلى أضرار كبيرة لدى مربي النحل”.

ويضيف “أبو ثائر” أن الخلية الواحدة كانت في الأعوام السابقة تقطف أكثر من 20 كيلو غرامًا من العسل، أما في العام الحالي فلم يتجاوز إنتاج الخلية الواحدة سبعة كيلوغرامات في أحسن أحوالها، ما أدى إلى ارتفاع سعر كيلو العسل من خمسة آلاف و500 ليرة سورية إلى تسعة آلاف ليرة في حال توفره.

وشهد إنتاج العسل تذبذبًا كبيرًا خلال السنوات السبع الماضية، إذ قال رئيس “اتحاد النحالين العرب” في سوريا، إياد دعبول، في شباط 2017، إن إنتاج العسل انخفض نحو عشرة أضعاف، بالمقارنة بين عامي 2011 و2017.

وأضاف أن إنتاج العسل الحالي يتراوح بين 300 و400 طن، بينما يتراوح استهلاك السوق المحلية بين 1000 و1200 طن، مشيرًا إلى أن سوريا كانت تنتج نحو أربعة آلاف طن سنويًا قبل اندلاع الاحتجاجات ضد النظام السوري، في آذار 2011.

نجاح

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

خطأ

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة