عنب بلدي – خاص
خالفت فصائل المعارضة في إدلب وأرياف حماة الاستراتيجية العسكرية التي كانت تتبعها في السابق ضمن معاركها ضد قوات الأسد، وتحولت من الدفاع إلى الهجوم، معتمدة بذلك على الصواريخ المضادة للدروع، التي أثبتت فعالية كبيرة على الأرض، وساعد على ذلك الطبيعة الجغرافية للمنطقة في سهل الغاب بالريف الغربي لحماة ومناطق الريف الشمالي.
منذ يوم 24 من حزيران 2019 لم يهدأ خط الجبهة الممتد من منطقة السرمانية في الريف الغربي لحماة وصولًا إلى منطقة الحماميات في الريف الشمالي، إذ نفذت فصائل المعارضة بكل تشكيلاتها العسكرية هجمات برية بالاعتماد على الصواريخ المضادة للدروع، وأعلنت مقتل العشرات من قوات الأسد، إلى جانب تدمير آليات ودبابات وعربات “شيلكا”.
توجه فصائل المعارضة إلى الهجوم على مواقع قوات الأسد بدأ منذ قرابة أسبوع، وخاصة بعد السيطرة على البلدات الثلاث الاستراتيجية في ريف حماة الشمالي وهي: الجبين، مدرسة الضهرة، تل ملح.
وكانت قوات الأسد المدعومة من روسيا قد عجزت منذ 6 من حزيران الحالي عن استعادة البلدات الثلاث، التي تشكل مثلثًا في عمق مناطق النظام، يقطع الطريق بين محردة ومدينة السقيلبية، وكانت آخر محاولاتها في 28 من حزيران 2019، إذ فشلت لأكثر من خمس مرات في استعادة السيطرة على البلدات، وخسرت مجموعات عسكرية في أثناء تقدمها البري على المناطق التي تسيطر عليها فصائل المعارضة.
وبحسب قيادي عسكري في ريف حماة، فإن الأبنية السكنية في البلدات الثلاث سوّيت بالأرض، واتجهت فصائل المعارضة للحفاظ عليها من خلال الحواجز الطيارة التي تنصبها بين الفترة والأخرى، إضافةً إلى الكمائن، التي تقع فيها المجموعات المقاتلة في قوات الأسد.
قوات الأسد تستفز نقاط المراقبة
الاستعصاء الذي تواجهه قوات الأسد على الأرض في ريف حماة الشمالي والغربي، دفعها لقصف نقاط المراقبة التركية الموجودة في المنطقة، وهي خطوة ليست جديدة بل تكررت في الأيام الماضية، وأسفرت عن مقتل وجرح جنود أتراك، آخرهم في 27 من حزيران 2019، إذ تعرضت نقطة المراقبة في شير المغار لقصف مدفعي، ما أدى إلى مقتل جندي تركي وإصابة ثلاثة آخرين.
وجاء القصف المدفعي على نقطة شير المغار، بعد تهديد تركي بالرد الفوري في حال تم استهداف أي نقطة موجودة في الشمال السوري، على لسان الرئيس، رجب طيب أردوغان، ووزير خارجيته، مولود جاويش أوغلو.
ونقطة شير المغار كانت الأولى التي ثبتها الجيش التركي على الخاصرة الغربية لمحافظة إدلب ومحيطها، ويعتبر موقعها “استراتيجيًا”، إذ تكشف المناطق المحيطة بها، وتقع في منطقة مرتفعة تمكّن القوات الموجودة فيها من رصد أي تحرك، وخاصةً من جانب قوات الأسد على الطرف المقابل.
وينشط في النقطة التركية أكثر من 100 عنصر من الجيش التركي بينهم ضباط، وقوات خاصة “كوماندوز”، إضافةً إلى عتاد عسكري وعشرات الآليات المصفحة ودبابات.
ولم يتوقف دخول تعزيزات الجيش التركي إلى نقاط المراقبة في إدلب، في الأيام الماضية، وخاصة نقطة شير المغار في جبل شحشبو، والتي تثبت مناطق نفوذ فصائل المعارضة من الغرب حتى اليوم.
وكانت تركيا أعلنت، في 22 من أيار الماضي، أنها لن تسحب قواتها العسكرية من محافظة إدلب، في ظل تصعيد عسكري من قوات الأسد تجاه المنطقة.
وقال وزير الدفاع، خلوصي آكار، بحسب ما نقلت قناة”TRT”، حينها، “القوات المسلحة التركية لن تنسحب من نقاط المراقبة في إدلب بكل تأكيد”، مضيفًا أن “إخلاء موقع المراقبة في إدلب بعد هجوم النظام لن يحدث بالتأكيد، لن يحدث في أي مكان”.
ضربات غير محدودة
من خلال متابعة ما يحصل على جبهات ريف حماة الشمالي والغربي، نجد أن فصائل المعارضة تركز في عملياتها على الصواريخ المضادة للدروع، التي لا تقتصر أهدافها على العربات والآليات الثقيلة بل على الأفراد، وكانت فصائل المعارضة قد نشرت تسجيلات مصورة وثقت استهداف عناصر من قوات الأسد بالصواريخ، ويلاحظ أن استخدامها مفتوح وغير محدود، على خلفية الكميات الكبيرة التي وصلت إلى المعارضة منذ بدء العملية العسكرية لقوات الأسد على المنطقة.
وفي 15 من أيار الماضي قال مصدر عسكري من “الجيش الحر” لعنب بلدي إن تركيا زودت فصائل من “الجيش الحر” في محافظة إدلب بصواريخ مضادة للدروع، بالتزامن مع الحملة العسكرية التي تشنها قوات الأسد على المنطقة.
وأضاف المصدر، الذي يتقلد منصبًا إداريًا في فصيل بـ “الجيش الحر” وصلته دفعات من هذه الصواريخ (طلب عدم ذكر اسمه)، أن الصواريخ تسلمتها فصائل “الجبهة الوطنية للتحرير” على رأسها فصيل “فيلق الشام”، ومن بينها “الكورنيت”، “السهم الأحمر”، “تاو”، “كونكورس”.
وبحسب المصدر فإن دفعات الصواريخ دخلت في أثناء دخول وفد من الضباط الأتراك إلى المنطقة لاستطلاع نقاط المراقبة المنتشرة في محافظة إدلب.
وفي حديث سابق لعنب بلدي مع القيادي في “الجيش الحر” فارس بيوش، قال إن فصائل المعارضة السورية في المعركة الحالية اتبعت تكتيك “القوة البرية”، الذي ينص في أحد بنوده على أن الهجمات الرئيسية يجب ألا تتركز على المحور الذي تتقدم منه “القوات المعادية”، بل يجب فتح عدة محاور لتشتيتها.
وأوضح القيادي العسكري أن الفصائل خالفت الاستراتيجية التي عملت عليها في السابق على جبهات ريف حماة وإدلب من خلال التكتيك الجديد، الذي يعتبر “مجديًا ويحقق نتائج كبيرة”.
طائرة “L39” هدف الفصائل المفضل
في سياق المواجهات التي تشهدها جبهات ريف حماة الشمالي أعلنت وكالة “إباء” التابعة لـ”هيئة تحرير الشام”، 28 من حزيران، عن إصابة طائرة حربية لقوات الأسد من طراز “لام 39” وإجبارها على الهبوط الاضطراري بعد استهدافها بصاروخ “م.ط”.
الطائرة هي الثالثة التي تعلن “تحرير الشام” عن إصابتها، في حزيران 2019، إذ كانت أعلنت، في 7 من حزيران، عن إصابة طائرة من ذات الطراز خلال المعارك المحتدمة في المناطق الشمالية الغربية لسوريا.
وفي إعلانها الثاني نقلت “إباء” عن مصدر عسكري في “هيئة تحرير الشام” أن عناصر من سرية الـ “م. ط” التابعة لجيش “عمر بن الخطاب” استهدفت طائرة من نوع “L-39” بأجواء ريف إدلب الجنوبي ما أدى إلى إصابتها.
الحديث عن إصابة طائرات بمضادات أرضية، وإن كانت صواريخ محمولة على الكتف، يوجه التركيز نحو طراز الطائرة المستهدفة بالمرات الثلاث في إدلب، وعدم إصابة طائرات من طرازات حديثة.