تشهد مدينة دير الزور تضييقًا كبيرًا على صالات الإنترنت من قبل عناصر التنظيم، وسط إغلاقٍ لبعض المقاهي دون أسباب واضحة، في خطوة فسرها الناشطون بأنها محاولةٌ للتعتيم على ما يجري داخل مناطق التنظيم عن الوسط الخارجي.
وأفادت مصادر داخل تنظيم الدولة الإسلامية في ديرالزور، عن إطلاق عدد من أصحاب مقاهي النت في المدينة، وذلك بعد اعتقال دام يومين، حيث تم التحقيق معهم حول اتصالاتهم ومصدر أجهزتهم ومن يرتاد هذه المقاهي.
تقارير دوريّة عن الزبائن
وفي حديثٍ لعنب بلدي مع صاحب أحد المقاهي، قال إن التنظيم طلب منهم مراقبة الزبائن ومرتادي الصالات وتقديم تقارير دورية تشمل أسماءهم، إضافةً إلى ضرورة مراجعة التنظيم بشكل دوري، مشيرًا إلى أنهم هدّدوا بإغلاق محلاتهم ومصادرة أجهزتهم.
وترك التنظيم بعض الإعلاميين الموالين له يتحكمون بعدة مقاهي وشبكات الإنترنت في المدينة، وهي شبكات بث محدودة، تصل إشارتها إلى مساحةٍ جغرافية واسعة وتسمح بزيادة عدد المستخدمين؛ مقابل أن يوفر هولاء معلومات عن المشتركين معهم، كما يقول محمد، أحد سكان حي العمال، «لقد تحول هولاء الإعلاميون إلى مخبرين لدى التنظيم يزرعهم في كل حي للحصول على ما يلزمه من معلومات».
وكان تنظيم «الدولة» فرض عددًا من القيود على مقاهي الإنترنت في المناطق التي يسيطر عليها وبخاصة داخل مدينة ديرالزور، ومنها إيقاف الشبكات في أوقات الصلاة وإغلاق المقاهي وإيجاد أماكن خاصة للنساء.
وقد زاد ذلك في معاناة أصحاب المقاهي وقلّل من دخلهم، ودفع بالكثير منهم إلى إغلاق محلاتهم بشكل دائم، كحال قاسم وهو أحد أصحاب المقاهي الذي يصف الظروف التي يمرّ بها «نحن ملاحقون من قبل التنظيم ومتهمون بشكل دائم ما يجعلنا نعيش في رعب مستمر».
الشاب الذي يرى أن التنظيم يحاول إرعاب الجميع وقطع تواصلهم مع الخارج سواء بالتهديد المباشر أو غير المباشر، ينقل أن التنظيم «يلجأ إلى تنفيذ مداهمات دورية على هذه المقاهي لما يستشعره من خطرها في توفير غطاء شرعي للناشطين، الذين يعملون على تعريته وكشف زيف دعواه وأفعاله في الداخل، التي لا تتوافق والصورة التي يرسمها لنفسه في الخارج من حمايته للشريعة، وطهارة عناصره».
شبكات التواصل
ويؤكد الأهالي أن أغلب رواد صالات الإنترنت في الأحياء «المحررة» من ديرالزور هم من عناصر التنظيم، ما جعل أغلب الأهالي يبتعدون عنها ويلجؤون إلى استخدام الشبكة عبر اشتراكات دورية مع المقاهي، أو شراء «ميغات»، محاولين الابتعاد عن عناصر التنظيم ورقابة أصحاب المقاهي.
وتقول لينة، إحدى الناشطات في المنطقة لعنب بلدي «لقد أصبحت المقاهي مكانًا مرعبًا فعناصر التنظيم يمارسون التشبيح فيها بشكل مستمر، وبخاصة على النساء».
وتعد هذه المقاهي وسيلة الاتصال الأساسي في المدينة منذ أكثر من عامين بعد غياب شبكات الهاتف النقال والأرضي عن الأحياء المحررة في المدينة.
وكان التنظيم أفرج، في «بادرة وهمية» بحسب عدد من ناشطي مدينة ديرالزور، عن عدد من المعتقلين بتهمة «التأخر» عن الصلاة أو بتهمة «التدخين»، إضافة إلى بعض أصحاب المقاهي في المدينة الذين اعتقلوا في وقت سابق.
لكن حمزة أحد أبناء المدينة يصف الخطوة بالقول «الشيطان يفيض علينا بالمكرمات الوهمية في ذكرى ولادته»، احتفالًا من عناصر التنظيم بيوم إعلان «الخلافة» وعفوًا من «الخليفة» أبو بكر البغدادي، وفق تعبير بعض عناصر التنظيم.