تنعكس نتائج الحصار الخانق المفروض على مخيم الركبان بشكل سلبي على النازحين، مع تزايد شدة الحصار وفقدان المواد الأساسية، إلى جانب العوامل الجوية.
وتحدثت إدارة المخيم وناشطون محليون خلال الأيام الماضية، عن مأساة تحيط بالنازحين في منطقة الركبان بعد توقف الأفران بسبب نفاد مادة الطحين على خلفية الحصار، وغياب معظم المواد الغذائية الأساسية والأدوية، إضافة إلى عواصف رملية ضربت المنطقة وأدت لتدمير عدد من الخيام.
المخيم في أسوأ أحواله
قال الناشط الإعلامي، ومدير شبكة “البادية 24″، عبد الله عبد الكريم، إن حواجز النظام السوري تمنع دخول جميع المواد الغذائية إلى المخيم بشكل نهائي منذ أشهر، لإجبار النازحين على الخروج إلى مناطق سيطرته.
وأضاف عبد الكريم، في حديثه لعنب بلدي، “إغلاق الحواجز من قوات الأسد ومنع دخول الطحين، يهدف للضغط على قاطني المخيم للخروج باتجاه مناطق النظام”.
ويفتقر المخيم لمعظم المواد الغذائية والخضار والأدوية وحليب الأطفال مع اشتداد الحصار، ما أدى لتوقف الأفران بسبب غياب الطحين عن المنطقة، بحسب “هيئة العلاقات العامة والسياسية لمخيم الركبان”.
وقالت الهيئة في بيان على “فيس بوك”، قبل يومين، إن “المخيم يعيش أسوأ حالة إنسانية بالعالم أجمعه بعد انقطاع مادة الطحين منذ خمسة أيام وتوقف الأفران عن إنتاج الخبز، الغذاء الرئيسي والوحيد”.
وأشارت إلى أن مكاتب الأمم المتحدة “تقف موقف المتابع بصمت والعاجز دون أي مبادرة حيال الأزمة التي يعيشها المخيم وسكانه البالغ عددهم أكثر من 15 ألف شخص، و80% منهم من النساء والأطفال”، بحسب تعبيرها.
العوامل الجوية تزيد المعاناة
ومع زيادة الخناق على الركبان، يجد النازحون أنفسهم محاصرين في منطقة صحراوية، وتزيد معاناتهم مع ارتفاع درجة الحرارة بشكل ملحوظ، يضاف إليها عواصف رملية قوية تهب بين الفترة والأخرى، وفقًا لعبد الكريم.
آخر تلك العواصف كانت الخميس، وتسببت باقتلاع العديد من الخيام، إلى جانب العوامل الصحية التي أثرت على النازحين وخاصة الأطفال والمرضى والمسنين.
ويقتصر موقف النظام السوري على اعتبار النازحين في الركبان متحتجزين من القوات الأمريكية، التي يتهمها بمنعهم من الخروج، إلى جانب تغطيته الإعلامية بخروج دفعات جديدة بشكل أسبوعي إلى مناطق سيطرته.
وقال عبد الكريم إن آخر الدفعات التي خرجت من المخيم قبل أيام، تراوحت بين 300 و400 شخص، وبقي نحو 18 ألفًا آخرين في مخيم الركبان.
وأشار إلى أن عملية خروج النازحين تتم عبر نقلهم إلى مراكز إيواء في مدينة حمص، ليتم احتجازهم لأشهر ومن ثم السماح لهم بالانتقال إلى قراهم ومنازلهم، وفقًا لقوله.
دعوات أممية لا تلقى صدى
في مطلع حزيران الحالي، قالت مستشارة المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، نجاة رشدي، إن “29 ألف شخص داخل مخيم الركبان يعانون من وضع خطير نتيجة النقص الحاد في المواد الأساسية والخدمات، إذ لم تصلهم مساعدات منذ أكثر من أربعة أشهر”.
وطالبت رشدي الدول الأعضاء التي لها تأثير على الأطراف في سوريا بتسهيل “الوصول الفوري” للمساعدات إلى سكان مخيم الركبان، مضيفة أن “المساعدات الإنسانية هي شريان الحياة في سوريا. هناك حاجة لخطوات جادة وملوسة. هذه ليست فقط ضرورة إنسانية، بل إنها واجب”.
جاء ذلك بعد يومين على وفاة سيدة حامل وجنينها في مخيم الركبان، نتيجة غياب النقاط الطبية والمشافي وعدم السماح بإخراجها للولادة خارج المخيم من قبل النظام السوري والجانب الأردني.
وتحدثت صحفة “البادية 24″، حينها، أن سحر محمد حسين إبراهيم الكوس، توفيت بعد إسعافها لنقطة شاك الطبية في المخيم لإجراء عملية ولادة، لكنها تعرضت لانخفاض ضغط الدم، “ما تسبب باحتشاء بالعضلة القلبية لديها وأودى بحياتها وحياة جنينها”.
وأضافت الصفحة أن “كادر النقطة الطبية أبلغ الجانب الأردني بضرورة إسعاف الفقيدة بشكل عاجل وكان الرد بالرفض بسبب إجازة العيد”، بحسب تعبيره.
ولا يستجيب النظام السوري وحليفه الروسي للمناشدات المستمرة الرامية لفك الحصار، ويتهم عبر إعلامه الرسمي الجانب الأمريكي بـ “احتجاز مجموعات إرهابية تابعة له في الركبان والتنف في المناطق التي تحتلها واشنطن”، بحسب رواية وكالة “سانا” الرسمية.
وكانت “هيئة العلاقات العامة والسياسية” في بيان مشترك مع “المجلس المحلي” في الركبان، قالت في نيسان الماضي، إن قوات الأسد والروس يحاصرون المخيم ويمنعون دخول المواد الغذائية والأدوية وحليب الأطفال، للضغط على أهالي المخيم وإجبارهم على العودة بشكل قسري إلى مناطق سيطرة النظام.
وأشارت الهيئة إلى أن الضغوط على المخيم أسفرت عن خروج أكثر من 35% من السكان إلى مناطق النظام، منوهة إلى الخوف على حياة 65% من السكان الرافضين للضغوط والعودة.
–