39 عامًا على مجزرة سجن تدمر.. حين تمت تصفية ألف معتقل في زنازينهم
في صبيحة يوم السبت، 31 من أيار 2015، نشر المكتب الإعلامي لـ”ولاية حمص” التابع لتنظيم “الدولة الإسلامية” صورًا أظهرت تفجير سجن تدمر العسكري، بعد تفخيخ محيطه وداخله بعشرات الأطنان من المتفجرات، لتطوى صفحة السجن الذي كان شاهدًا على عدة مجازر بحق معتقليه في ثمانينيات القرن الماضي وخلال الثورة السورية على يد عائلة الأسد الأب والابن.
ويوافق اليوم، الخميس 27 من حزيران، الذكرى 39 لمجزرة سجن تدمر 1980، والتي قتل فيها نحو ألف معتقل، رميًا بالرصاص والقنابل اليدوية.
وأعد الأسد الأب سجن تدمر الصحراوي في سبيعينيات القرن الفائت، ليكون أكبر معتقل في سوريا، وضم آلاف المعتقلين السياسيين، بمن فيهم أعضاء في جماعة “الإخوان المسلمون”.
ورغم أن الروايات المتقاطعة بخصوص المجزرة أشارت إلى تورط شقيق حافظ الأسد، رفعت الأسد، فيها بشكل مباشر، إلا أن الاتهامات طالت آنذاك مصطفى طلاس، بصفته وزيرًا للدفاع ونائبًا للقائد الأعلى للجيش والقوات المسلحة.
وشاركت قوات من “سرايا الدفاع” التابعة لرفعت الأسد في المجزرة، عقب يوم واحد من محاولة اغتيال فاشلة تعرض لها حافظ الأسد، اتهمت بها السلطات جماعة “الإخوان المسلمون”.
بعد عشرة أيام من المجزرة، أصدر النظام السوري قانونًا قضى بإعدام كل من يدان بأي علاقة بجماعة “الإخوان المسلمون”، والذي اعتبر بمثابة “صك للقتل” فتح الباب أمام مئات المجازر بحق السوريين، التي لا تزال مستمرة حتى اليوم، وسط صمت دولي وتحركات غير جادة لوقفها.
مرحلة فارقة
استُحدث سجن تدمر في عام 1966 قرب مدينة تدمر الصحراوية وآثارها الشهيرة، وهو مخصصٌ للعسكريين.
لكن النظام السوري، في عهد الأسدين (الأب والابن)، زجّ فيه أبرز المعتقلين السياسيين والمعارضين للحكم، حتى وصفته منظمة العفو الدولية بأنه “مصمم لإنزال أكبر قدر من المعاناة والإذلال والخوف بالنزلاء”.
وشكلت مجزرة سجن تدمر علامة فارقة في حكم عائلة الأسد لسوريا، باعتبارها بداية عهد من الرعب واستخدام القبضة الأمنية والقوى المفرطة عبر عشرات الأفرع الأمنية للهيمنة على البلاد، والتي استخدمت على العلن في عام 2011 في أثناء انطلاقة المظاهرات السلمية في معظم المحافظات السورية.
ووثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، مقتل 14129 شخصًا تحت التعذيب على يد الأطراف الرئيسة الفاعلة في سوريا، منذ شهر آذار 2011 حتى الشهر نفسه في عام 2019، 98% منهم على يد قوات النظام السوري بحسب الشبكة.
شملت الاعتقالات والقتل تحت التعذيب جميع فئات المجتمع السوري، عمالًا وفلاحين ورياضيين وفنانين وأساتذة جامعات.
خدمة مجانية
قدم تنظيم “الدولة الإسلامية” خدمة مجانية لنظام الأسد بتفجير السجن ومحو معالم التعذيب وتغييب جرائم حرب، تتمثل في سبع مجازر شهدها السجن.
ويرتبط ما سبق بالتساؤلات التي دارت في أثناء تفجير السجن عن الهدف من إزالة مبنى إسمنتي شديد التسليح كان من الممكن الاستفادة منه كمركز أمني.
وفي حديث سابق مع علي أبو دهن، المعتقل اللبناني السابق في سجن تدمر قال “عندما دُمر سجن تدمر فرح الناس، أما أنا وزملائي ممن كانوا في تدمر بكينا.. بكينا على سجننا، بيتنا، حافظ أسرارنا.. بكينا على الجدران التي كنا نتكئ عليها ونقول لها ونخبرها حكاياتنا.. نسمعها وجعنا.. بكينا على الأرض التي شربت من دمنا ومن أقدامنا، التي شربت ألمنا.. بكينا على الشراشف العسكرية التي كنا نتغطى فيها وكلها دم وصديد على مدار سنوات.. بكينا على الجرب الذي حملناه والمرض والآلام التي عايشناها في تدمر.. لقد بكينا على سجن تدمر، المكان الذي كان يجب أن يبقى متحفًا بشريًا ليعرف الناس ما جرى بداخله”.
ناجون يعرضون تفاصيل تعذيبهم
ظهرت عشرات الروايات التي كتبها ناجون من المجازر عن عمليات التعذيب الممنهجة التي قام بها عناصر السجن بحق المعتقلين، بينها كتاب “تدمر شاهد ومشهود”، الذي أصدره المعتقل الأردني سليم حماد في تسعينيات القرن العشرين.
وكتاب “عائد من جهنم” الذي صدر عام 2012 للمعتقل اللبناني، علي أبو دهن، إضافةً إلى كتاب “بالخلاص يا شباب” الذي صدر عام 2012 للكاتب السوري ياسين حاج صالح.
وتعتبر “القوقعة” للروائي السوري مصطفى خليفة أفضل عمل روائي عن عذابات سجن تدمر العسكري، وصدرت في عام 2008، وتعرض تفاصيل التعذيب الذي كان يتعرض له المعتقلون السياسيون في السجون السورية بينها سجن تدمر الصحراوي والمعاملة التي كانوا يتلقونها في سجون النظام السوري آنذاك، وتنقل مشاهدات وأحاسيس بطلها.
–
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :