جريدة عنب بلدي- العدد 30 – الأحد – 16-9-2012
خورشيد محمد – الحراك السّلمي السّوري
صناعة الأئمّة
ثلاثة عشر عامًا، ثلاثةٌ منها حصار شِعْبِ أبي طالبْ، أيام وشهور طويلة عانوا فيها أتباع ابن البشر التشهير، الجوع، العطش، التضييق، التهجير، التعذيب والقتل… لم كانت ثلاثة عشر عامًا؟ ألم يكن الحق واضحًا؟ هل كان ما يدعو إليه ابن البشر هزيلًا أو غير مكتمل واحتاج الأمر لهذه السنين من المعاناة والألم كي تكتمل «نظرية» الرؤية الجديدة للمجتمع الإنساني الجديد؟ ألم يكن وحيًا سماويًا يزهق الباطل لحظة الصدع به؟ أم أنّ ما كان يجري حقيقة ًهو بناءُ واكتمالُ أمر آخر، شيءٌ آخر، أليس هذا الشيء هو رجالٌ ونساءٌ يتمثّلون الأخلاق والحقّ والحكمة ويتماهون بها ليكونوا خير رسل لتعاليم السماء! {نُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ} (سورة القصص 5-6).
آية وأربعة مبادئ
قال الله تعالى {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} (سورة المائدة- 105)
البعض يفهم من هذه الآية الأنانية والاهتمام بالنفس مع تجاهل الآخر، في الحقيقة أنّ الآية تشير إلى عدّة مبادئ. الأوّل أنّك لن تستطيع الاهتمام بالآخرين إن لم تهتم بنفسك تمامًا كما يُطلب منك في الطائرة أن تضع قناعك أولاً ثمّ تساعد الآخرين، وأنّ معظم الثّوّار الذين أسرفوا في التضحية على حساب أنفسهم ندموا وقعدوا محسورين وبدأوا يمنّون على الناس عطاءهم ويطالبون بشكل مباشر أو غير مباشر بالمقابل والتعويض والمكانة.
الثاني أنك لكي تستطيع أن تصدّر الصواب للآخرين فيجب أن تعيشه بداية وأن تتقنه وأن تكون منيعًا لا يضرّ هدايتك ضلالة الآخرين ففاقد الشيء لا يعطيه.
الأمر الثالث أنّ النفس قد تكون نفسًا جماعيةً فقد تعني هداية مجتمع هداية منيعة على الضلال.
الأمر الأخير أنّ تجربة الإنسان فرديّة، فكما أنه في النهاية مسؤول عن نفسه وعن الآخرين من خلال مكانه في الصورة ودوره في الفريق فإنه لنفس السبب يكون جهاده لنفسه ولا منّة له على أحد .