عقيل سعيد محفوض
يناقش الكتاب اللغة الكردية، وكيف أصبحت اللغة الهاجس والتحدي الذي أيقظ هذه المسألة، والعوائق التي تكتنف إنشاء لغة كردية وأبجدية كردية موحدة.
تمثل دراسة العلاقة بين الكرد واللغة والسياسة، والتركيز على البنى اللغوية وسياسة الهوية أحد المداخل التفسيرية لعلاقة الكرد الملتبسة والإشكالية بالسياسة، التي تثير قدرًا غير يسير من الالتباس، وقدرًا قليلًا حتى الآن من النقاش.
تعتبر اللغة/اللغات الكردية من تفرعات اللغات الإيرانية الحديثة، التي بدورها تفرعت من اللغات الهندو-أوروبية وهي أقرب اللغات اليوم للغة الفارسية على ما يقول الكاتب.
يهتم الكتاب بتبيان التنوع اللهجي – اللغوي عند الكرد، ويبين أن هذا التنوع هو واسع جدًا الأمر الذي يعيق إنشاء لغة كردية موحدة، فالكرد في سوريا وتركيا وبعض أجزاء كردستان العراق يتحدثون باللهجة الكرمانجية واللهجية البهادينية القريبة جدًا من الكرمانجية، في حين يتحدث الكرد وإيران في العراق باللهجة السورانية البعيدة كليًا عن اللهجة الكرمانجية.
ويتركب على هذا الانقسام اللهجي – اللغوي الكبير انقسامًا آخر بشأن الألفبائية المستخدمة، بين العربية المعدلة المستخدمة في العراق وإيران، واللاتينية المعدلة التي يستخدمها الكرد في تركيا وسوريا.
كما يقدم الكاتب التجارب التي قدمها اللغويّون الأكراد لإنشاء ألفبائية مناسبة للصوتيات الكردية، وأبرز هذه التجارب كانت اللاتينية المعدلة التي نشرها الأمير جلادت بدرخان في دمشق عام 1932 بالتعاون مع المستشرق الفرنسي روجيه ليسكو وهي مؤلفة من 31 حرفًا لاتينيًا، واعتمدت هذه الألفبائية بين أكراد تركيا وسوريا بشكل خاص.
وعلى هذا كله يبني الكاتب أنه لا يوجد لغة كردية فصحى، وقد باءت حتى الآن كل المحاولات بتوحيد اللغة والألفبائية بالفشل نتيجة تسييس القضية داخل الأوساط الكردية، ومن أجل ذلك يحاول الأكراد تجاوز قضية التوحيد اللغوي والتركيز على ما أسماه الكاتب البعد الاستعمالي للغة.
يبين الكتاب أخيرًا السياسات اللغوية للدول التي حكمت الأكراد، ومقدار الانتهاكات التي مارستها هذه الدول، وهو ما أثر في اللغة الكردية وفي نظرة الكرد أنفسهم للغة الكردية التي باتوا ينظرون إليها باعتبارها شيئًا مقدسًا.
كما ينهي الكتاب تبيان الرد الكردي على تلك الممارسات من خلال ما أسماه إقامة/إزالة الجدران بين المكونات الكردية، وإنشاء قطيعة ثقافية مع ثقافات الدول التي حكمت الأكراد نتيجة هذه الممارسات.