دخلت السينما المصرية في تقلبات كثيرة منذ بدايتها، وارتبطت ارتباطًا وثيقًا بالأنظمة الحاكمة، خاصةً بعد وصول جمال عبد الناصر إلى سدة الحكم.
وفي عصر الرئيس الراحل أنور السادات، والذي عرف حكمه بعصر الانفتاح، سادت في السينما المصرية في السبعينات ما عرف بسينما المقاولات، التي أدت إلى ظهور أفلام دون المستوى المأمول، حتى نشوء حركة الواقعية السينمائية الجديدة في مصر، والذي كان من أهم أبطالها المخرج الراحل عاطف الطيب، والذي قدم 21 فيلمًا سينمائيًا، منها أفلام تعد من علامات السينما المصرية والعربية، مازالت تعرض حتى اليوم على محطات التلفزة العربية ويدرسها الطلاب في المعاهد الفنية المختلفة، وخاصةً في المعهد العالي للسينما التابع لأكاديمية الفنون في القاهرة.
ومن هذه الأفلام “البريء” و”حب فوق هضبة الهرم” و”ضد الحكومة” و”ليلة ساخنة” و”دماء على الإسفلت” و”كشف المستور”.
حققت هذه الأفلام شهرةً واسعة لصاحبها، وحاز عنها جوائز عدة في مهرجانات القاهرة ودمشق وتونس وفينيسيا.
البداية من المعهد العالي للسينما
تخرج عاطف الطيب من المعهد العالي للسينما في عام 1970، الذي تتلمذ فيه على يد عدد من الأساتذة على رأسهم أحد أهم مخرجي الواقعية المصرية، المخرج الراحل صلاح أبو سيف.
قدم عاطف الطيب أول أفلامه القصيرة بعد تخرجه من المعهد، وكان فيلم “جريدة الصباح” وهو فيلم قصير يناقش التناقض بين كلام الجرائد اليومية وحياة الناس الواقعية.
وعمل عاطف الطيب مساعدًا لمخرجين مصنفين من أهم مخرجي السينما المصرية والعربية، كالمخرج شادي عبد السلام والمخرج يوسف شاهين.
كما عمل مساعدًا للإخراج في عدد من الأفلام الأجنبية التي تم تصويرها في مصر ومنها فيلم “جريمة على النيل”، وهذا ما أكسبه خبرة عملية وإنتاجية كبيرة.
أما أول أفلامه الطويلة فكان بعنوان “الغيرة القاتلة” والمستوحى من مسرحية “عطيل” للكاتب الإنجليزي شكسبير في عام 1982، وكان من بطولة نور الشريف ويحيى الفخراني وتأليف وصفي درويش.
حرب مع أجهزة الدولة والصحافة
دخلت أفلام عاطف الطيب في حرب مع الرقابة والصحافة وأجهزة الدولة المصرية، بدعوى جرأتها وتخطيها للخطوط الحمراء، حتى وصلت الدعاوى التي اتهم بها عاطف وأفلامه إلى اتهامها بالتحريض على قلب نظام الحكم، إضافةً إلى اتهامها بالمباشرة الفنية بحسب الكاتب والسيناريست المصري بلال فضل في برنامجه “الموهوبون في الأرض”.
بلغت هذه الحرب أشدها بعد عرض فيلم “ناجي العلي” من بطولة نور الشريف وعدد من الفنانين العرب، بسبب ظهور شخصية مواطن مصري رأى البعض أنها أساءت إلى الشعب المصري، وصلت إلى حد الاتهامات بالخيانة، واستلام مبالغ من منظمة التحرير الفلسطينية بلغت 3 مليون دولار، في الوقت الذي زار فيه ياسر عرفات القاهرة لمحاولة منع عرض الفيلم، بحسب لقاء مع بطل الفيلم الفنان الراحل نور الشريف في برنامج “أنت حر” في عام 2015.
موت مفاجئ
أنجز عاطف الطيب 21 فيلمًا خلال 47 عامًا عاشها فقط.
تعرض الطيب إلى أزمة قلبية بعد إجراءه لعملية قلب مفتوح، توفي إثرها في عام 1995، دون أن يكمل آخر أفلامه الذي حمل اسم “جبر الخواطر”.