ريف حماة – إياد عبد الجواد
يواجه من تبقى في ريف حماة ظروفًا صعبة على المستوى الأمني والمعيشي مع استمرار القصف والمواجهات العسكرية، كما يؤثر تراجع القطّاع الطبي بشكل سلبي على أهالي المنطقة.
13 منشأة طبية في ريف حماة الغربي والشمالي خرجت عن الخدمة خلال الحملة العسكرية الأخيرة التي شنّها النظام على مناطق سيطرة فصائل المعارضة في الشمال السوري بدعم روسيّ، والتي راح ضحيتها نحو 130 شخصًا في محافظة حماة، بحسب إحصائيات فريق “منسقو الاستجابة”.
تقتصر الخدمات الطبية في المنطقة حاليًا على الإسعاف وبعض الجراحات، بحسب ما أكده الإعلامي في صحة حماة الحرة، إبراهيم الشمالي، لعنب بلدي، بينما اختفت العيادات العلاجية بشكل شبه كامل.
عيادات الأسنان كانت من المراكز الطبية الأولى التي تضررت في المنطقة، وذلك بالنظر إلى قلّة عددها منذ ما قبل الحملة، إذ لا يوجد اليوم في ريف حماة أي طبيب أسنان، وفق ما أكده طبيب الأسنان سالم السيد، الذي نزح من المنطقة مؤخرًا.
وشهدت المنطقة موجة نزوح انتقل خلالها أكثر من 1500 شخص من أرياف حماة الشمالية والغربية إلى مناطق أكثر أمانًا في ريف إدلب.
100 كيلو متر إلى طبيب الأسنان
وأشار السيد إلى أن من أطباء الأسنان في المنطقة من نزح إلى مناطق أخرى في الشمال، ومنهم من لجأ إلى خارج سوريا، ما يعني أنه في حال عانى شخص ما من ألم في الأسنان سيضطر للسفر مسافة تتراوح بين 75 إلى 100 كيلو متر لزيارة طبيب في مناطق أخرى.
زكريا رمضان، هو أحد أبناء قرية قبر فضة في ريف حماة، يعيش هذه المعاناة بعد أن نزح إلى ريف إدلب الجنوبي المتاخم لريف حماة الشمالي، إذ لا يوجد في المنطقة طبيب أسنان يواصل معه علاج التسوس والالتهابات في أسنانه.
زكريا تحدّث لعنب بلدي عن معاناته مؤكدًا أنّه يعتمد اليوم على المسكنات ومضادات الالتهاب للتخلص من الألم الشديد، مضيفًا “كنت في السابق أخضع للعلاج في مركز قرية الشريعة الصحي، واليوم لا يوجد طبيب ولا مركز صحي في ريف حماة”.
ويعود جزء من مشاكل الأسنان لدى زكريا إلى طبيعة العلاجات السابقة، إذ اقتصرت على الحفر والحشو أو القلع، دون وضع التيجان (التلبيس)، بحسب تعبيره.
الطبيب سالم السيد أكد أنّ المنظمات لم تدعم عيادات طب الأسنان بشكل كافٍ سابقًا، وذلك لأنّ مستهلكاتها دورية من مواد الحشو وسحب العصب وغيرها، وهي مواد تستورد من تركيا، ما يجعلها مكلفة للغاية.
وأوضح الطبيب أنّ بعض المرضى كانوا يتلقون علاجات الأسنان في مراكز مجانية تابعة لمديرية صحة حماة، ورغم أنّ العلاجات اقتصرت على القلع والحفر والحشو وبعض المشاكل اللثوية، لكنّها كانت توفر حلًّا للفقراء من المرضى.
مخابر الأسنان أيضًا كان عددها قليلًا في ريف حماة، بحسب السيد، وذلك “بسبب عدم إمكانية جلب المستهلكات أو المعدات الخاصة، وفي حال كان المخبر ذا كفاءة عالية سيكون بعيدًا، وهذا يجبر المريض على التخلي عن فكرة تلبيس الأسنان على سبيل المثال، أو صناعة جسر، أو تعويض فقدان الأسنان”.
خدمات صحية تنزح
وفّرت مديرية صحة حماة التابعة للحكومة السورية المؤقتة سابقًا ثلاث عيادات أسنان في المنطقة، وفق الإعلامي في صحة حماة الحرة، إبراهيم الشمالي، وكانت تلك العيادات تخدم 2000 مستفيد شهريًا، قبل أن تخرج عن العمل.
ويعد تضرر قطاع طب الأسنان جزءًا من تضرر القطاع الطبي عمومًا في ريف حماة، إذ تم استهداف خمسة مشافٍ، وخمسة مراكز صحية أولية، وثلاث وحدات جراحية، خلال الحملة العسكرية الأخيرة، ما أدى إلى تدميرها وخروجها عن العمل، بحسب الشمالي.
وكانت المنطقة تضم 48 طبيبًا اختصاصيًا، و14 طبيبًا مقيمًا، وتسعة أطباء عامين، في منشآت مديرية صحة ريف حماية ضمن مراكز الرعاية الصحية الأولية، والمشافي التخصصية، والعيادات المتنقلة المنتشرة في بقع جغرافية من ريف حماة الشمالي، والريف الغربي في سهل الغاب، إضافة إلى كفر زيتا وكفرنبودة واللطامنة، وبعض مناطق ريف إدلب الجنوبي وجل شحشبو.
وعقب الحملة العسكرية الأخيرة، تم التنسيق بين مديرية صحة حماة، ومديرية صحة إدلب لافتتاح مناطق رعاية صحية في مواقع النزوح، بحسب الشمالي.
كما تم افتتاح خمسة مراكز صحية تتبع لمديرية صحة حماة ومشفيين تخصصيين، مشفى 112 في بلدة حارم، ومشفى الأمومة في بلدة قاح الذي يخدم ما يقارب 200 ألف نسمة في منطقة المخيمات.