الدولار يأكل محصول البطاطا في حمص

  • 2019/06/23
  • 12:00 ص

مزارعون يجنون محصول البطاطا في ريف حمص الغربي - 2017 (سانا)

حمص – عروة المنذر

رغم وفرة محصول البطاطا هذا العام في ريف حمص، إلا أن الأرباح لا تكاد تذكر بالنسبة للمزارعين، فتكاليف الإنتاج وصلت إلى الضعف مقارنة بالعام الماضي، وسعر السلعة في السوق ثابت لم يتغير أمام ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة السورية.

تقلص أرباح البطاطا هذا الموسم، دفع المزارعين إلى تخزين محصولهم في البرادات لتفادي الخسارة، فسعر المادة في الأسواق السورية مرتبط بالعرض والطلب، بينما ترتبط مستلزمات الإنتاج من البذار والأسمدة بالدولار، ما يضع المزارعين أمام معادلة مستحيلة الحل.

تكاليف باهظة وأسعار منخفضة

تعد البطاطا من أهم المحاصيل التي يعتمد عليها المزارعون في ريف حمص الشمالي، ورغم ارتفاع تكاليف إنتاجها، إلا أنها الأكثر إدرارًا للربح، مقارنة بالمحاصيل الأخرى.

تراجع سعر صرف الليرة السورية زاد في تكاليف إنتاج البطاطا بشكل كبير، إذ تعتمد مستلزمات زراعتها على الاستيراد، فالبذور مستوردة من هولندا، وغالبية الأسمدة والمبيدات الحشرية مصدرها أجنبي، وأسعارها ترتفع بارتفاع سعر صرف الدولار.

ويقول محمد أبو إسماعيل، من مزارعي بلدة كفرلاها في سهل الحولة، إن ثمن كيس البذار ارتفع إلى 45 ألف ليرة تقريبًا (90 دولارًا) عندما اشتراه قبل ثلاثة أشهر، بينما كان العام الماضي بحدود 23 ألفًا، أي نصف الثمن.

وبررت المؤسسة العامة للبذار ارتفاع ثمن الكيس بارتفاعه من بلد المنشأ، وبسبب العقوبات التي فرضت على سوريا، إلا أن الأمر “مرتبط بجشع التاجر المستورد”، بحسب تعبير “أبو إسماعيل”.

ارتفاع سعر البذار رافقه صعود أسعار الأسمدة والمبيدات إلى الضعف، ويوضح المزارع لعنب بلدي أن سعر السلعة في السوق لم يتغير عن العام الماضي فسعر الكيلو يتراوح بين 125 و150 ليرة سورية حسب جودة المحصول.

ويضيف، “لكي نبيع بسعر العام الماضي يجب أن يكون السعر بحدود 200 ليرة على أقل تقدير، وذلك كي نستطيع الاستمرار في الزراعة (…) ليس من المعقول أن ترتفع تكاليف الإنتاج إلى الضعف وسعر الكيلو ثابت لا يتغير”.

أحد أعضاء الجمعية الفلاحية في مدينة تلبيسة (طلب عدم ذكر اسمه)، قال لعنب بلدي إن الجمعية الفلاحية عجزت عن إيجاد حل لهذه المشكلة (ارتفاع أسعار البذار)، مشيرًا إلى أن الواقع الاقتصادي فرض حتى على المزارعين التعامل بالعملة الصعبة لعدم استقرار سعر الصرف.

ويضيف أنه في العام الحالي ورغم وفرة المحصول، لم يحقق أرباحًا.

بين العرض والطلب

تعتبر البطاطا مكونًا أساسيًا في “بيت المونة” لدى السوريين، ويحدد سعرها العرض والطلب في أسواق الخضراوات في جميع المحافظات السورية.

ويقول “أبو سائر”، من تجار سوق الهال في مدينة حمص، إن سعر السلعة يرتبط بالعرض والطلب في أسواق الهال في المحافظات، “ومن غير المعقول ربط السلعة بالدولار، فالدولار ليس العملة الرئيسية في البلد، لكن ارتباط مستلزمات الإنتاج بالاستيراد جعل المزارعين تحت رحمة سعر الصرف”.

ويضيف التاجر أن المزارع بعد بيع محصوله سيجد نفسه أمام أرباح معدومة، خاصة مع تحويل ثمن المحصول إلى الدولار، معتبرًا أن “الدولار هو ما أكل أرباح المزارعين، وحكومة النظام غير مكترثة للموضوع، وحتى وإن اكترثت فهي غير قادرة على فعل شيء، وهدفها خفض سعر البطاطا بغض النظر عن أرباح المزارعين”.

مغامرة الخزن والتبريد

يغامر بعض المزارعين بإدخال محاصيلهم إلى غرف التبريد، علّهم يستطيعون كسب بعض الأرباح بعد عمل شاق خلال الموسم، تحسبًا لتكاليف الزارعة في العام المقبل، لكن سعر الصرف هو الهاجس الأكبر في مغامرة التبريد.

خالد أبو موسى، من مزارعي مدينة الرستن، قال لعنب بلدي إنه تعاقد مع أحد أصحاب البرادات لتخزين محصوله من البطاطا لتفادي الخسائر.

وأضاف أن الأسعار الحالية للبطاطا تقوده إلى الخسارة لا محالة، إلا أنه أقدم على تخزين محصوله في البرادات، كخطوة لتفادي الخسارة رغم ارتفاع أجرة التبريد بسبب نقص عدد البرادات في المنطقة.

وتبلغ تكلفة التبريد 15 ليرة سورية للكيلو الواحد في كل شهر، وبحسب المزارع، فإن “سعر الصرف هو الخطر الأكبر على الأرباح، إلا أن الأمر يستحق المغامرة”.

مقالات متعلقة

أخبار وتقارير اقتصادية

المزيد من أخبار وتقارير اقتصادية