في السادس من حزيران الحالي أطلقت فصائل المعارضة عملية عسكرية “واسعة” ضد قوات الأسد في ريف حماة الشمالي، تمكنت خلالها من السيطرة على ثلاثة مواقع استراتيجية في عمق مناطق النظام هي: الجبين، مدرسة الضهرة، تل ملح.
حملت العملية العسكرية عدة مسميات، إذ أطلقت عليها “الجبهة الوطنية للتحرير” مسمى “دحر الغزاة”، بينما أسمتها “هيئة تحرير الشام” بـ”غزوة المعتصم بالله المدني”، أما “جيش العزة” فأطلق عليها مسمى “كسر العظم”.
تدرجت العملية العسكرية التي سميت لاحقًا بـ”الفتح المبين” على عدة مراحل، ووصلت إلى عمليات “الإغارة”، كما تطلق عليها الفصائل العسكرية، كان آخرها الاثنين 17 من حزيران، إذ هاجمت الأخيرة انطلاقًا من المواقع الثلاثة بلدتي كفرهود والجلمة في الريف الشمالي لحماة، وسيطرت على أسلحة وذخائر وقتلت عناصر من قوات الأسد.
ومنذ السيطرة الأولى في 6 حزيران وحتى اليوم، أي خلال 13 يومًا لم تفلح قوات الأسد في استعادة المواقع الثلاثة، والتي تشكل مثلثًا، تمكنت فصائل المعارضة من الاحتفاظ به حتى اليوم، رغم الكثافة النارية التي ينفذها الطيران الحربي الروسي والتابع للنظام السوري.
وأفد مراسل عنب بلدي في ريف حماة نقلًا عن قيادي عسكري اليوم، الخميس 20 من حزيران، أن قوات الأسد حاولت منذ ساعات الفجر اقتحام البلدات الثلاث (مثلث ريف حماة الشمالي) إلا أنها لم تحرز أي تقدم، وخسرت عددًا من العناصر قتلوا في أثناء دخولهم إلى المنطقة على يد فصائل المعارضة.
وأوضح المراسل أن عدد المحاولات بلغ ثلاثًا، دون إحراز أي تقدم من جانب قوات الأسد، والتي أعلنت فصائل المعارضة تدمير دبابة لها وقتل عناصر خلال عملية الاقتحام.
وبحسب القيادي فإن الأبنية السكنية في البلدات الثلاث سوّيت بالأرض، واتجهت فصائل المعارضة للحفاظ عليها من خلال الحواجز الطيارة التي تنصبها بين الفترة والأخرى، إضافةً إلى الكمائن والتي وقعت فيها ثلاث مجموعات لقوات الأسد فيها، اليوم.
محور كفرنبودة يتوقف
اختلف الواقع الميداني على الأرض في ريف حماة الشمالي بعد سيطرة فصائل المعارضة على تل ملح والجبين ومدرسة الضهرة، منذ 13 يومًا، إذ أوقفت قوات الأسد تقدمها على محور بلدة كفرنبودة، واتجهت إلى سد ثغراتها باتجاه الجبهتين المذكورتين.
ورغم الكثافة النارية التي تنفذها قوات الأسد على جبهات ريفي حماة الشمالي والغربي، لم تتمكن من استعادة ما خسرته، خاصةً أن ما ميز هجوم المعارضة عن سابقاته بأنه نقل المعارك إلى أراضي النظام السوري، بعيدًا عن المناطق التي تسيطر عليها كبلدة كفرنبودة وقرية القصابية في ريف إدلب الجنوبي مثالًا.
وفي حديث سابق لعنب بلدي قال الناطق باسم فصيل “جيش العزة” العامل في ريف حماة إن جبهتي تل ملح والجبين تعتبران “كسر عظم” للنظام السوري وروسيا، لأنهما “مرغت أنفهم بالتراب وكسرت شوكتهم”.
وأضاف معراتي، اليوم، أن تل ملح والجبين مناطق حاكمة، وتقطع طريق محردة- السقيلبية، وبالتالي يريد النظام استعادتهما لإعادة فتح الطريق بين المنطقتين.
وتل ملح هو تل مرتفع يتحصن فيه مقاتلو فصائل المعارضة، وتقع بلدة الجبين في الجزء الشمالي منه.
وتقع المواقع الجديدة (تل ملح، الجبين) التي سيطرت عليها فصائل المعارضة في ريف حماة الشمالي، وتعتبر “استراتيجية” لسببين: الأول هو أن السيطرة عليها من جانب المعارضة تعيق وصول التعزيزات لقوات الأسد إلى بلدة كفرنبودة وقرى الريف الجنوبي لإدلب.
أمام الثاني فيرتبط بهوية المنطقة والتي تتبع للنظام السوري منذ سنوات، ولم تتمكن فصائل المعارضة التقدم إليها في عدة محاولات.
كبانة نموذج مشابه
الاستعصاء الميداني الذي تواجهه قوات الأسد على الأرض في الشمال السوري لا يقتصر على مثلث ريف حماة الشمالي، بل ينسحب على ريف اللاذقية الشمالي باتجاه قرية كبانة “الاستراتيجية”.
وكانت قوات الأسد فشلت منذ قرابة شهر من السيطرة على القرية، والتي تعتبر مفتاح المناطق التي تسيطر عليها فصائل المعارضة في ريف اللاذقية الشمالي والريف الغربي لإدلب.
وتتميز الجبهتين المذكورتين بأن “قوات النمر” التي يقودها العميد في قوات الأسد، سهيل الحسن، هي التي تقود المعارك في الريف الشمالي لحماة، بينما تمسك “الفرقة الرابعة” بجبهات ريف اللاذقية بقيادة العميد في قوات الأسد، غياث دلا.
وتقع قرية كبانة التي تحاول قوات الأسد السيطرة عليها على أهم التلال الاستراتيجية في ريف اللاذقية، وتعتبر أبرز مواقع المعارضة في جبل الأكراد.
وتحظى القرية بأهمية استراتيجية، تتيح للطرف الذي يسيطر عليها رصد مساحات كبيرة من ريف حماة وإدلب الغربي إلى جانب قرى الريف الشمالي للاذقية.
وتفصل القرية الساحل عن محافظة إدلب وتعتبر بوابتها من الغرب، بينما تطل على سهل الغاب وجسر الشغور وعلى الحدود التركية، وعلى قسم كبير من محافظة إدلب وحماة واللاذقية.
–