منظمة حقوقية توثق إخطارات جديدة لوفاة مئات المحتجزين بسجون النظام
أصدرت منظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” الحقوقية السورية تقريرًا يوثق مئات الإخطارات الجديدة بوفاة محتجزين في سجون النظام السوري، خاصة في محافظتي حماة وإدلب.
التقرير الذي صدر أمس، الثلاثاء 18 من حزيران، بيّن أن دوائر السجل المدني التابعة للنظام السوري أبلغت مئات العائلات من ذوي المحتجزين في الأفرع الأمنية بوفاتهم داخل هذه المراكز، وذلك خلال الفترة الممتدة بين شهري كانون الأول وشباط من عام 2019.
وأحصى التقرير ورود نحو 700 وثيقة وفاة لمحتجزين إلى دائرة السجل المدني في محافظة حماه وحدها، منذ بداية عام 2019، وحتى شهر أيار الماضي تاريخ إعداد التقرير.
وشهدت دائرة الأحوال المدنية في مدينة حماه، أواخر العام الماضي، ازدحامًا غير مسبوق لأقارب محتجزين معظمهم من النساء، كانوا يحاولون الاستفسار والحصول على معلومات عن ذويهم، ليتم إعلامهم بوفاتهم.
ففي شهر كانون الأول الماضي وحده تمّ الإخطار بوفاة ما لا يقل عن 60 محتجزًا في عموم محافظة حماه، وفقًا للمعلومات التي حصلت عليها المنظمة.
ومع بداية العام الحالي وثقت المنظمة حصول عدد جديد من العائلات في مدينة حماة على شهادات تُثبت وفاة أبنائهم المحتجزين، رغم وجود هذه الوثائق في دائرة السجل المدني منذ أعوام سابقة، بحسب ما أكدت عائلات الضحايا وذووهم لمعدي التقرير.
كما شهدت محافظة إدلب إخطار بعض من ذوي المحتجزين بوفاتهم، من قبل دوائر السجل المدني التابعة للنظام.
وعرض التقرير قصصًا وشهادات لذوي محتجزين من حماة وإدلب يروون فيها التفاصيل التي تمت من خلالها عملية إخطارهم بواقعة الوفاة، وما ألحقه ذلك بهم من سحق لخيوط الأمل التي كانوا يعيشون عليها برؤية أبنائهم وأحبائهم من جديد، وبأنهم لا يزالون على قيد الحياة، رغم سنوات اختفائهم.
ومنذ شهر أيار من عام 2018، بدأت تصل إلى دوائر السجلات المدنية في أكثر من محافظة سورية، وعلى رأسها دمشق وريفها وحلب وحماه والحسكة، قوائم بأسماء معتقلين توفوا داخل سجون الأجهزة الأمنية السورية وتحت عهدة النظام السوري، وفقًا للتقرير الذي بيّن أن بعض العائلات علمت فيما بعد، بنبأ وفاة أحد أفرادها عند استخراج بيان قيد مدني للسجين أو المفقود، أو بيان عائلي للعائلة من السجلات المدنية.
المدير التنفيذي لمنظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة”، بسام الأحمد، قال لعنب بلدي، إن النظام ومن خلال نشره أسماء معتقلين قضوا في سجونه على دفعات، مع إيعاز سبب وفاتهم إلى أسباب يختلقها، يعمد إلى طمس معالم جريمته وتغييب الحقيقة الكاملة تجنبًا لتعرضه للمحاسبة الدولية.
وأشار إلى أنه عندما خرجت أول دفعة من أسماء المعتقلين المتوفين تحت التعذيب في سجون النظام، رافقها ضجة كبيرة من قبل الأهالي والدول ومجلس الأمن والمنظمات الحقوقية، ليسود المشهد بعدها حالة من الصمت توحي بتوقف حدوث هكذا جرائم، إلا أن المؤشرات كانت تدل على استمرار وجود مثل هذه الحالات، وكانت الأسماء تخرج على دفعات تجنبًا لإحداث حالة من البلبلة بين الأهالي والرأي العام.
ولفت إلى أن النظام يتّبع عدة طرق في تبليغ عائلات وذوي المعتقلين والمختفين بواقعة وفاتهم، فقد يكون ذلك عبر وسطاء غالبًا ما يكونون المخاتير، أو تقوم دوائر السجل المدني بتعليق قوائم كُتبت بخط اليد على الجدران تضم أسماء معتقلين قضوا في عهدة الأجهزة الأمنية، أو يعرف ذوو المحتجز وفاته مصادفة، أو بعد استصدارهم إخراج قيد فردي أو بيان عائلي للمعتقل يوضح حالته، إذ إن دوائر السجل المدني تقوم بتغيير حالات مئات الأشخاص المحتجزين دون العودة إلى عائلات الضحايا.
وأوضح الأحمد أنه لا يتم نشر جميع أرقام المتوفين في السجون دفعة واحدة وبنفس الطريقة حتى تضيع القصص، ولا يتمكن أحد من جمع وتوثيق كل ما يتم حولها.
وبيّن أن هؤلاء المحتجزين يتوفون وهم في عهدة الحكومة وتحت مسؤوليتها فهي المعنية بشأن صحتهم وطبابتهم، كما أن آلاف التقارير الحقوقية والشهادات تثبت وجود تعذيب ممنهج وسوء معاملة وانتشار للأمراض في مراكز الاحتجاز، وهو ما يؤكد وجود انتهاكات تمت بحق هؤلاء المحتجزين أدت إلى وفاتهم، دون أن ينفي وفاة بعضهم لأسباب طبيعية.
وأوضح الأحمد الانتهاكات التي يمكن توثيقها في هذه الحالات فالمعتقل لم يتم توقيفه بمذكرة قضاء، ولا عرضه على محكمة أو توفير حكم عادل له، فضلًا عن تعرضه للسجن والتعذيب وسوء المعاملة.
ويستمر النظام السوري في منع لجان التحقيق الدولية أو أي مؤسسات أخرى من الوصول إلى سجونه، كما يواصل نفي التهم الموجهة له بقتل معتقليه.
وأكدت منظمة “هيومن رايتس ووتش”، الحقوقية الدولية في تقرير لها نشر في شهر تموز من عام 2018، أنه “إذا كان المختفون قسريًا على يد الحكومة قد ماتوا، فيجب أن يُسمح باسترداد رفاتهم ومعرفة ظروف الوفاة من خلال تحقيق مستقل، يجب ألا يُسمح للحكومة بالإفلات من الحساب”.
كما شددت “لجنة التحقيق الدولية المستقلة والمعنية بالجمهورية العربية السورية”، من خلال ورقة أصدرتها عقب ورود معلومات حول وفاة عدد من المحتجزين والمفقودين داخل السجون السورية، في تشرين الثاني من عام 2018، على ضرورة تفسير مصير الأشخاص المفقودين والمحتجزين وأماكن وجودهم”.
وأوصت اللجنة باتخاذ عدد من الخطوات الجوهرية لمعالجة أكثر الانشغالات إلحاحًا لأسر الضحايا بما في ذلك الاعتراف بالحقيقة بشأن كيفية وفاة أبنائهم والكشف عن أماكن وجود رفاتهم.
وخلصت اللجنة إلى أن “تحديث سجل هؤلاء المختفين يعني اعتراف المسؤولين الحكوميين، بمن فيهم كبار أعضاء فيلق الشرطة العسكرية في الجمهورية العربية السورية بأن لديهم معلومات عن مصير المتوفين، بما في ذلك تاريخ الوفاة المفترض”، ولهذا الغرض، “تُقر الدولة ضمنيًا أيضًا بمعرفتها بالمكان الذي كان الشخص موجودًا فيه عند وفاته، وكذلك قيامها بدور ما في الوفاة في حالات الإعدام بموجب أمر محكمة أو حالات الإعدام خارج نطاق القضاء”.
–
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :