تعد جماعة “الإخوان المسلمون” من أكثر الحركات السياسية جدلًا في العصر العربي الحديث، منذ تأسيسها في مصر على يد حسن البنا، وما رافقها من حوادث اتهمت فيها الجماعة، منها ما اعترفت به وبات وثيقة تاريخية ومنصة مثبتة لإدانة تصرفاتها، ومنها ما نفته الحركة، والجزء المتبقي بقي يدور في فلك الإشاعات ولم يتم إثباته أو نفيه.
ينطلق الهجوم على “الإخوان المسلمون” في أغلب الأحيان من نقتطين رئيسيتين: الأولى هي الحوادث الدموية التي أشرنا إليها في الأعلى، والثانية هي المواقف الأيديولوجية التي تتبعها، وما يرافقها من تهم تتعلق بالتهميش والإقصاء وفرض أفكارها، بحسب الاتهامات التي توجهها الحركات السياسية المنافسة للإخوان أو مفكرون ومثقفون وصولًا إلى أشخاص لا يتدخلون بالأمور السياسية في مجتمعاتهم بشكل مباشر.
ولا ينفصل هذا الهجوم ولا الاتهامات عن الحرب المعلنة بين الأنظمة العربية، مهما كانت شعبيتها ومدى ارتباطها أو استبعادها لـ”الإخوان المسلمون”.
الجماعة..اتهامات بالجرائم
أبرز ما تتهم به جماعة “الإخوان المسلمون”، هو تعاونها مع سيد قطب، أحد أبرز منظري السلفية الجهادية، والذي قتل في عهد الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، رغم حبس الأول للثاني في بدايات ما عرف بـ”ثورة يونيو 1952” أو انقلاب الضباط الأحرار على الحكم الملكي في مصر.
اتهمت الجماعة في أربعينيات القرن الماضي باغتيالات طالت سياسيين مصريين كبارًا، منهم النقراشي باشا وأحمد الخازندار، ورئيس الوزراء المصري أحمد ماهر في عام 1945.
أُسست الجماعة في سوريا في عام 1940 بشكل رسمي، وتولى مصطفى السباعي منصب المراقب العام لها في سوريا.
تعرف السباعي في أثناء دراسته في مصر على حسن البنا، مؤسس “الإخوان المسلمون”، وتأثر به وسرعان ما نقل أفكار الجماعة إلى سوريا، وأسس فرع الجماعة هناك.
دخلت الجماعة في الحياة السياسية السورية، واستطاع بعض أعضائها دخول البرلمان السوري،
واتهمت في أثناء الصراع مع حافظ الأسد باغتيال شخصيات عسكرية وسياسية وعلمية، بحسب الآلة الإعلامية التي يملكها النظام السوري، والتي أسمتها إبان أحداث الثمانينيات بـ”عصابة الإخوان المسلمين العميلة”، والجملة الأخيرة كانت أحد الشعارات الصباحية التي رددها آلاف الطلاب في المدارس السورية لفترة طويلة من الزمن.
مجزرة المدفعية والصراع مع الأسد
بعد تولي حافظ الأسد مقاليد الحكم مع بداية السبعينيات، وانتهاء عهد اللجنة العسكرية، وانفراده بالسلطة، بدأت عملية التخلص من المعارضين السياسيين، وتم تشديد القبضة الأمنية وانتشار القمع، وهو ما أدى بالتالي لبداية الصراع مع “الإخوان المسلمون” وبعض الحركات السياسية الأخرى في سوريا، وطالت الاعتقالات جميع هذه الحركات.
في صباح 16 من حزيران 1979، استيقظت سوريا على مجزرة في مدرسة المدفعية في مدينة حلب، نفذتها جماعة “الطليعة المقاتلة”، عبر إبراهيم اليوسف، بالتعاون مع عدنان العقلة.
قام كل من إبراهيم والعقلة، بفرز الضباط الطلاب على أساس طائفي، ما أدى إلى وقوع أكثر من 30 قتيلًا و50 جريحًا، بحسب رواية النظام السوري، وفر بعدها اليوسف، قبل أن تقتله سلطات النظام السوري في اشتباكات لاحقة.
أدت الحادثة إلى تفجر صراع مسلح بين الإخوان الذين نفوا اشتراكهم بالمجزرة، وكذلك تكليف اليوسف بتنفيذها، خاصةً وأن اليوسف كان بعثيًا.
استغل حافظ الأسد الحادث لمصلحته لإنهاء الحياة السياسية في البلاد، وأصدر في عام 1980 القانون 49، والذي يقضي بإعدام كل من يثبت انتماؤه للجماعة، وذهب ضحية هذا القانون عشرات الضحايا ممن ليسوا على علاقة بالإخوان أصلًا.
ودخلت قوات الجيش إلى حماة ما أسفر عن تصفية آلاف المدنيين، فيما عرف لاحقًا بمجازر حماة، كما شهدت دمشق سلسلة تفجيرات في عام 1981، أشهرها تفجير الأزبكية المكتظة بالسكان.
–