داء وحيدات النوى.. ماذا نعرف عنه

  • 2019/06/16
  • 9:41 ص
داء وحيدات النوى

د. أكرم خولاني

قد يصاب الأطفال والكبار بحالات ألم في البلعوم مع ارتفاع حرارة وتعب عام، فتشخص الحالة على أنها التهاب بلعوم، ولكن حين تترافق هذه الأعراض بضخامة عقد بلغمية مع ضخامة طحال وكبد وأعراض عامة جهازية فإنها تصبح مثيرة للقلق، مع أنها قد تكون ناجمة عن عدوى فيروسية تشفى عفويًا تسمى داء وحيدات النوى الخمجي.

ما هو داء وحيدات النوى الخمجي

هو داء خمجي معدي فيروسي منتشر يسببه فيروس إبشتاين-بار (EBV)، تؤدي الإصابة به لحدوث الحمى والتعب والتهاب الحلق وتضخم العقد اللمفاوية، وينتقل الفيروس المسبب عبر اللعاب، لذلك يمكن أن تحدث الإصابة به من خلال التقبيل، ولكن يمكن أيضًا أن تحدث من خلال السعال أو العطس، أو من خلال مشاركة أكواب وأواني الطعام مع شخص مصاب به.

المرض أكثر انتشارًا بين المراهقين والشباب الصغار، لكنه يصيب الأطفال أيضًا، إلا أن علامات داء الوحيدات لديهم طفيفة ويكاد يكون من الصعب ملاحظتها، ولا يصاب البالغون إجمالًا بهذا المرض لأنهم يتمتعون بالحصانة اللازمة للوقاية من هذا الفيروس.

ما أعراض وعلامات الإصابة بداء وحيدات النوى؟

إن للفيروس فترة حضانة من أربعة إلى ستة أسابيع تقريبًا، وتكون هذه الفترة أقصر عند الأطفال الصغار، ثم تبدأ الأعراض بالظهور، وبشكل عام تكون الإصابة صامتة سريريًا دون أعراض نوعية عند الأطفال بعمر أقل من خمس سنوات، أما عند المرضى الأكبر سنًا فتبدأ الأعراض خلسة بشكل مبهم، على شكل شعور بالتعب والضيق، وتستمر المرحلة البادرية 1-2 أسبوع، ثم تظهر الأعراض الكلاسيكية، وهي:

  • ارتفاع الحرارة (الحمى): تشاهد في جميع الحالات وتتراوح ما بين طفيفة إلى شديدة، وتكون أعلى في فترة ما بعد الظهر والمساء (39.5 درجة).
  • التهاب البلعوم: ويرافقه ظهور بقع بيضاء على اللوزتين والجدار الخلفي للبلعوم.
  • تضخم العقد اللمفاوية: قد يكون معممًا، وقد يحدث في العقد تحت الفك السفلي والعقد الرقبية، وتحديدًا المجموعة الخلفية (القذالية) من العقد اللمفاوية في الرقبة.
  • الوهن والخمول الجسدي العام والألم العضلي.

يمكن أن تحدث بعض من الأعراض الأخرى مثل: الكسل الذهني، وتضخم الطحال والكبد، ونزيف نمشي، وآلام بطنية، وفقدان للشهية، واكتئاب، وإسهال، وصعوبة بالبلع، وسعال جاف.

تقل احتمالية ظهور التهاب البلعوم وتضخم العقد اللمفاوية لدى كبار السن ولكنهم أكثر عرضة لتضخم الكبد، وبشكل عام يحدث تضخم العقد اللمفاوية في 90% من الحالات، وتحدث ضخامة الطحال في 50% من الحالات، وتحدث ضخامة الكبد في 10% من الحالات.

ومع أن ضخامة الطحال قد تتسبب بأعراض بسيطة إلا أن الطحال المتضخم قد يتمزق بسهولة نتيجة لرض بسيط، مسببًا ألمًا حادًا مفاجئًا في الجانب الأيسر من الجزء العلوي للبطن، وتعتبر هذه الحالة إسعافية تحتاج رعاية طبية فورية، وقد تحتاج لإجراء جراحة.

أما ضخامة الكبد فتكون طفيفة عادة، ونادرًا ما يحدث اليرقان.

وقد تحدث أعراض أخرى بشكل نادر وتشمل: فقر دم، نقص صفيحات، التهاب دماغ، التهاب سحايا، التهاب عضلة القلب، متلازمة غيلان باريه، طفح جلدي على شكل حمامى عديدة الأشكال.

وبسبب توفر الثلاثية العرضية التقليدية لالتهاب البلعوم الجرثومي (الحمى وألم البلعوم وتضخم العقد اللمفاوية) فإن بعض الحالات تشخص على أنها التهاب بلعوم جرثومي، ويعالج هؤلاء المرضى بالمضادات الحيوية كالأمبسيلين، وتشير الدراسات إلى أن حوالي 90% من هؤلاء يظهر عليهم طفح جلدي أحمر منتشر.

تدوم معظم الأعراض من 2-4 أسابيع، ثم تبدأ بالتلاشي في حال عدم حدوث مضاعفات.

كيف تُشخّص الإصابة؟

يجب الاشتباه به عن طريق ملاحظة الأعراض والعلامات الكلاسيكية التي ذكرناها، ويكون الإجراء الرئيسي في تشخيص المرض هو القدرة على التفريق بينه وبين الأمراض المشابهة له جدًا.

ويتم تأكيد التشخيص عن طريق إجراء تعداد دم كامل أو فحص اللطاخة الدموية تحت المجهر حيث توجد زيادة بالكريات البيض (10-20 ألف كرية/ملم3)، ويكون ثلثاها على الأقل خلايا لمفاوية، مع وجود 20-40% من التعداد العام كريات بيض وحيدة النواة غير نمطية تعرف باللمفاويات اللانمطية، كما يمكن إجراء اختبار الكشف عن أضداد فيروس إبيشتاين بار لتأكيد التشخيص.

ما الأمراض التي تتشابه بالتظاهرات المرضية مع داء وحيدات النوى الخمجي؟

  • الإصابة بالفيروس المضخم للخلايا CMV: لا يكون التفريق بين الإصابة بفيروس إبيشتاين بار أو المضخم للخلايا مفيدًا أو مهمًا نظرًا لأن التعامل معهما وخطة العلاج متشابهة كما أنه قد لا يكون ممكنًا أحيانًا.
  • الإصابة بالمقوسات الغوندية: عند اشتباه الإصابة لدى امرأة حامل فإن التفريق بين العدوى الفيروسية من العدوى الطفيلية بالمقوسة الغوندية له بالغ الأثر على الجنين.
  • الإصابة بسرطان الدم: وجود نقص كريات الدم الشامل (البيض والحمر والصفيحات) مع الأعراض العامة المذكورة لداء وحيدات النوى الخمجي يقترح الإصابة بسرطان الدم، ويجب إجراء بزل نقي العظم لنفي الإصابة.
  • الإصابة بفيروس الإيدز HIV: يتظاهر بأعراض مشابهة لداء وحيدات النوى الخمجي، ويتم التفريق عن طريق الكشف على الأضداد الفيروسية.
  • التهاب البلعوم الجرثومي الناجم عن العقديات A: يتظاهر بالثلاثي العرضي (حمة + ألم بلعوم + ضخامة عقد لمفاوية) ويتم التفريق بينه وبين داء وحيدات النوى الخمجي عن طريق إجراء تعداد دم كامل فتظهر الصيغة الالتهابية الجرثومية.

كيف يعالج داء وحيدات النوى الخمجي؟

يعتبر هذا المرض محددًا لذاته يشفى تلقائيًا ولا يحتاج إلا للمعالجة الداعمة بالمسكنات فقط لتخفيف الأعراض، ويمكن استخدام الدواء المضاد للفيروسات فالسيكلوفير (valacyclovir) الذي يقلل أو حتى يزيل وجود فيروس الإبشتاين بار لدى الأشخاص الذي أصيبوا بالعدوى الحادة لكثرة الوحيدات، وما يؤدي كذلك إلى انخفاض كبير في شدة الأعراض.

كما يوصى بالالتزام بالراحة خلال بداية فترة المرض الحادة، كما يجب تجنب النشاط البدني الكثيف وكذلك ممارسة الرياضة للتقليل من خطر الإصابة بتمزق الطحال وذلك لمدة شهر على الأقل منذ بدء الإصابة حتى يعود حجم الطحال إلى حجمه الطبيعي.

مقالات متعلقة

صحة وتغذية

المزيد من صحة وتغذية