في تمام الساعة الثانية من فجر اليوم، الأربعاء 12 من حزيران، كسر سكون ليل محافظة درعا صوت انفجار هزّ الريف الشمالي والغربي منها سببه قصف إسرائيلي استهدف تل الحارة “الاستراتيجي”.
والتل من أبرز المواقع المطلة على الجولان السوري المحتل، الذي تمكنت قوات الأسد من السيطرة عليه بشكل كامل من يد فصائل المعارضة، في 16 من تموز عام 2018.
القصف الإسرائيلي ليس جديدًا على المواقع العسكرية التابعة للنظام السوري في سوريا، إلا أنه الأول الذي يستهدف “تل الحارة” بعد سنوات طويلة تخللتها سيطرة فصائل المعارضة عليه في السنوات الأولى من الثورة السورية، حتى انتقاله إلى يد النظام السوري في أثناء العملية العسكرية الواسعة التي أطلقها في الجنوب السوري صيف العام الماضي، بدعم رئيسي من روسيا.
وبحسب ما قالت الوكالة الرسمية (سانا) فإن الهجوم حصل في الساعة الثانية فجرًا، واقتصرت الأضرار على الماديات دون وجود أي خسائر بشرية، وذكرت الوكالة نقلًا عن مراسلها قيام إسرائيل بالتشويش على الرادارات بعد الانتهاء من إطلاق الصواريخ.
ونشرت الوكالة تسجيلًا مصورًا يبين تصدي الدفاعات الجوية للغارات الإسرائيلية.
ولم تتبنَّ إسرائيل العملية الصاروخية الجديدة أو تنفها، إلا أنها صرحت في وقت سابق بجهوزيتها للرد على أي “عدوان” يطالها من سوريا، عقب إعلانها، في 2 من حزيران، عن سقوط قذيفيتين صاروخيتين على مناطق جبل الشيخ شمال هضبة الجولان، مصدرهما الأراضي السورية.
أعلى التلال
يعتبر تل الحارة أعلى التلال في ريف درعا الشمالي، ويشرف على مساحات واسعة من ريفي درعا والقنيطرة، وكان له دور في السيطرة على هذه المناطق سريعًا بعد السيطرة عليه من قبل فصائل المعارضة، في تشرين الأول 2014.
وكانت فصائل المعارضة سيطرت عليه ضمن معركة “والفجر وليالٍ عشر”، التي استطاع مقاتلو “الجيش الحر”، حينها، السيطرة الكاملة عليه بعد معارك عنيفة مع قوات الأسد.
وسقط خلال معركة “والفجر وليالٍ عشر” العشرات من مقاتلي الأسد بين قتيل وجريح، بالإضافة الى أسر العديد من العناصر واغتنام مجموعة من الآليات الثقيلة ومستودعات الذخيرة، في حين اضطر من تبقى من قوات الأسد إلى الانسحاب نحو مدينة الصنمين القريبة، آنذاك، والتي تتمركز فيها الفرقة التاسعة.
يقع التل بجانب مدينة الحارة في الجهة الشمالية الغربية من محافظة درعا الذي يتبع لها إدرايًا، والذي يطلق عليه “الجيدور” ويضم الشريط الحدودي مع الجولان المحتل.
ويبلغ ارتفاعه 1075 مترًا، يبعد عن القنيطرة مسافة 12 كيلومترًا، و55 كيلومترًا عن مدينة درعا، و16 كيلومترًا عن الصنمين.
يشرف على المنطقة الجنوبية والغربية من ريف دمشق، فضلًا عن إشرافه على طريق درعا- دمشق، والمنطقة الشمالية من ريف درعا والقنيطرة بإشراف ناري على المنطقة المحيطة به يصل إلى 40 كيلومترًا.
يبعد “تل الحارة” عن الشريط الحدودي في منطقة الجولان المحتل حوالي 12 كيلومترًا، ويكشف إربد الأردنية، وكان يضم قبل سيطرة فصائل المعارضة عليه كتيبة دفاع جوي.
العودة إلى يد النظام
بقي تل الحارة خمس سنوات بيد فصائل المعارضة، حتى شهر تموز 2018 إذ سيطرت عليه قوات الأسد بشكل كامل، ضمن العملية العسكرية الواسعة التي أطلقتها بدعم روسي.
وتعرض التل قبل السيطرة عليه من قبل قوات الأسد لغارات مكثفة من الطيران الحربي الروسي وطيران النظام السوري الحربي، وذلك بعد سيطرة “هيئة تحرير الشام” عليه بشكل كامل بالتزامن مع اتفاقيات المصالحة التي كانت يعقدها النظام السوري مع عدة مناطق وبلدات في الريف الشمالي والغربي لدرعا.
عقب السيطرة على التل تحدثت عدة تقارير عن نية روسيا التمركز فيه، باعتباره هدفًا “استراتيجيًا” لها في الجنوب السوري.
وفي حديث سابق مع مصدر عسكري من درعا، تموز 2018، قال لعنب بلدي إن تل الحارة يعتبر “هدفًا روسيًا أكثر منه هدفًا لقوات الأسد، لتتمكن روسيا من العودة إلى المنطقة وتثبيت نقاط اتصال واستطلاع”.
ومنذ السيطرة الكاملة على الجنوب لم تعلن روسيا عن أي تمركز عسكري لها، وتركزت إعلاناتها بالدوريات التي تقوم بها “الشرطة” التابعة لها في المناطق التي دخلت ضمن اتفاقيات “التسوية” و”المصالحة”.
https://www.youtube.com/watch?v=hhsZ4Ma_QJY
لروسيا أم لإيران؟
في ظل التنسيق الروسي الإسرائيلي، يدحض القصف الذي استهدف التل أي معلومة تتحدث عن وجود قواعد أو وجود عسكري لروسيا فيه، بينما يعطي مؤشرًا على تمركز قوات إيرانية أو أخرى تابعة لها، وهو ما تحدثت عنه إسرائيل طوال السنوات الماضية، إذ تبرر قصفها بالوجود الإيراني في عدة مناطق من سوريا.
وبحسب ما قالت مصادر إعلامية من درعا لعنب بلدي فإن روسيا لا يوجد لها أي تمركز عسكري في الجنوب السوري، ويقتصر الانتشار على الدوريات التي تقوم بها بين الفترة والأخرى.
وأضافت المصادر أن تل الحارة بكاملة تحت سيطرة “الجيش السوري”، وسط حديث غير مؤكد عن وجود استشاريين لـ”حزب الله” اللبناني فيه يعملون إلى جانب قوات الأسد.
وأوضحت المصادر أن خسائر القصف الإسرائيلي لم تتضح حتى الآن، إلا أن المؤكد هو انفجار مستودع للأسلحة والذخيرة استهدفته الغارات الإسرائيلية.
ودعمت إيران النظام السوري، خلال السنوات الماضية، سياسيًا واقتصاديًا، إضافة إلى دعم عسكري عبر ميليشيات تقاتل مع قوات الأسد، وإقامة قواعد عسكرية في عدة مناطق.
لكن طهران تنفي وجود قوات لها داخل سوريا، وصرح مسؤولوها مرارًا أن وجودها استشاري فقط، بناء على طلب النظام السوري.
وتحاول الأجهزة الأمنية الإسرائيلية منع إيران و”حزب الله” اللبناني، منذ تدخلهما إلى جانب النظام السوري، من تثبيت تمركزهما قرب الجولان المحتل، وتقول طهران إنه لا وجود لأي قوات إيرانية في المنطقة المحاذية لإسرائيل.
وكانت إسرائيل شنت عدة غارات جوية على مقرات عسكرية تابعة لإيران والحزب في الجنوب السوري، ما أدى إلى مقتل العديد من المقاتلين المدعومين من طهران، كان أبرزهم جهاد مغنية، نجل المسؤول العسكري السابق لحزب الله عماد مغنية، في 2015.
–