بين اللجنة العسكرية ونكسة 1967.. كيف تخلص الأسد من رفاقه؟
وصل حزب البعث إلى السلطة بعد انقلاب نفذته اللجنة العسكرية، والمكونة من خمسة ضباط بعثيين هم، محمد عمران وأحمد المير وعبد الكريم الجندي وصلاح جديد وحافظ الأسد.
لم يكن هذا الانقلاب جديدًا على السوريين، الذين عاشوا ما بين برجوازية وطنية، فشلت في إبعاد العسكر عن تفاصيل الحكم والمشهد السياسي منذ الاستقلال عن فرنسا عام 1946، وبين العسكريين الذين قاموا بأول انقلاب في العالم العربي عام 1949.
جمعت القاهرة الرفاق الخمسة، في أثناء الأيام العصيبة التي جمعت بين سوريا ومصر وقت الانفصال، فسجن المصريون ضباطًا سوريين في تلك الأيام، عادوا إلى سوريا بعد الإفراج عنهم لاحقًا.
خسر العرب في حرب حزيران، أو ما أطلق عليها “نكسة 1967″، أراضي عربية لم تسترجع حتى الآن، على رأسها الجولان السوري، والذي فقدته سوريا عندما كان حافظ الأسد وزيرًا للدفاع، ومعه رفيق دربه المؤقت صلاح جديد.
كان لهذه الهزيمة أثرها على الحياة السياسية لسوريا، وكانت أحد أهم أسباب الشقاق ما بين جديد والأسد، وانتهى هذا الشقاق بانقلاب عرف بـ “الحركة التصحيحية” في العام 1971، زج إثره حافظ الأسد بصلاح جديد في سجن المزة العسكري، حتى وفاته عام 1993.
اللجنة العسكرية
بدأت اللجنة عملها في القاهرة بشكل سري منذ عام 1960، في أثناء الوحدة مع مصر، وكانت وجهة النظر تنطلق من عدم جدوى الوحدة بين البلدين، فالمشاكل التي خلفتها الوحدة على كل الصعد كانت كثيرة، وخاصة فيما يتعلق بممارسات عبد الحميد السراج في سوريا، والمشاكل ما بين الضباط السوريين والمصريين، إضافةً إلى إنهاء الحياة السياسية في سوريا بشكل كامل مع قرار حل الأحزاب، والذي كان شرطًا من شروط الوحدة.
بعد عودة الضباط السوريين من مصر، وقيام عبد الرحمن النحلاوي (قائد حركة الانفصال عن مصر) بتسريح ضباط بعثيين وناصريين خوفًا من قيامهم بتمرد يعيد الأمور إلى ما كانت عليه، تحركت عجلة الانقلاب مع الاضطرابات السياسية التي سادت البلاد، لينجح في العام 1963، ويستطيع لاحقًا تحييد القيادات السياسية.
هزيمة 1967
لم تأتِ حرب السادس من حزيران إلا وأعضاء اللجنة العسكرية مختلفون فيما بينهم، مع وجود صراع بين محمد عمران وصلاح جديد من جهة، والأسد من جهة أخرى، وهذا ما يشير إليه الكاتب فارس سعد في مقال عن محمد عمران نشر في جريدة العرب بتاريخ 21 من حزيران من عام 2014.
محمد عمران كان أكبرهم سنًا، وكان سجينًا في سجن المزة العسكري، إذ اعتقله صلاح جديد مع قادة القيادة القومية، وتولى الأسد وزارة الدفاع، لتنقسم اللجنة العسكرية إلى قطبين متصارعين.
قامت حرب 1967، وتم إطلاق سراح محمد عمران الذي رحل إلى لبنان، واغتيل هناك لاحقًا.
وكان الأسد مسؤولًا عسكريًا، بصفته وزير الدفاع، ودُمرت الطائرات السورية كنظيرتها المصرية في أرض المطارات.
وخسرت سوريا في الحرب الجولان، وأصيب الناس بصدمة عميقة، بهزيمة ستة جيوش عربية، تتكون من أكثر من نصف مليون جندي ومئات الطائرات المقاتلة، وآلاف الدبابات، ليتنحى بعدها جمال عبد الناصر عن حكم مصر.
فجّرت الهزيمة الخلافات الموجودة أصلًا بين الأسد وجديد، وحمل الأخير مسؤوليتها للأسد، وكانت آخر الخلافات رفض الأسد لإرسال قوات لدعم الفلسطينيين في الأردن، عكس ما كان يريده صلاح جديد، خلال أحداث ما عرف بـ “أيلول الأسود”.
الانقلاب الأخير
بعد الخلافات العميقة، أصدر جديد قرارًا بعزل الأسد من منصبه، ومعه مصطفى طلاس، رئيس الأركان، بعد اجتماع القيادة القطرية في حزب البعث، وهذا ما رفضه الأسد، فقام بالانقلاب على رئيس الجمهورية نور الدين الأتاسي وأودعه برفقة جديد، سجن المزة العسكري.
أطلق سراح الأتاسي في عام 1992، وسافر إلى فرنسا مباشرةً للعلاج من مرض السرطان، وتوفي هناك، وبعدها بعام واحد، توفي صلاح جديد في عام 1993 في السجن، الذي لم يخرج منه أبدًا.
نهاية الرفاق
أنهى الأسد رفاقه تواليًا، ولم يمض عام 1972، حتى ثبت الأسد حكمه لحين موته في العام 2000.
محمد عمران
أطلق سراح محمد عمران في عام 1967، واتجه إلى لبنان، واغتيل هناك على باب منزله في عام 1972، نتيجة نفوذه في الجيش، والإشاعات التي تدور حول إمكانية عودته، خاصةً مع التحذيرات التي وجهت له، دون أن يُعرف الجاني الحقيقي حتى اليوم.
عبد الكريم الجندي
انتحر عبد الكريم الجندي بعد علمه بقدوم دورية لاعتقاله، بعدما تمت محاصرته سياسيًا من قبل حافظ الأسد في عام 1969، وترك رسالةً اتهم فيها حافظ الأسد بالخيانة وبين وجهة نظره بالصراع السياسي بين أجنحة حزب البعث.
أحمد المير
توفي المير في عام 2007، وكان الأسد أعفاه من منصبه كآمر لجبهة الجولان في العام 1968، وانتقل للعمل الدبلوماسي سفيرًا لسوريا في مدريد.
صلاح جديد
توفي صلاح جديد في سجن المزة عام 1993، ولم يعف عنه حافظ الأسد، عن عمر ناهز 67 عامًا.
الرحيل الأخير
بقي الأسد في السلطة حتى عام 2000، واتهم بمجازر في حماة وحلب، وكان القائد الأوحد للبلاد، وشهد عهده تراجعًا علميًا واقتصاديًا كبيرًا ولم ينجح باستعادة الجولان.
تولى ابنه بشار الأسد الحكم بعد فترة انتقالية قصيرة، عين خلالها نائبه عبد الحليم خدام رئيسًا للبلاد.
–
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :