الساروت يطير إلى هدفه
عروة قنواتي
تأبى الكلمات أن تبدأ أو تنتهي بوداع وأي وداع أيها البطل!
تأبى الضمائر والأرواح التي خفقت لثورة الشعب العظيم أن تمر على خبر رحيلك إلا والدمع قد فاض من العيون، لعل البعض لا يفكر بهذا الشكل العاطفي ويفتخر بتحجر مشاعره ويكتفي بالتحية إليك والترحم وطلب المغفرة.
أي الأفعال والقواعد علينا أن نستخدم جميعًا في صياغة خبر أو مقال عن استشهاد حارس الثورة السورية عبد الباسط الساروت؟
طار البطل إلى هدفه أخيرًا كما كان يطير إلى الكرات المتجهة نحو مرماه، كما كان يطير إلى المظاهرات لينشد ويحرك الشباب في أحياء حمص وشوارع الشمال السوري، كما كان يطير على بندقيته عند الخطر وصد آلة الطغيان والاستبداد التي ما زالت تدمر وتحرق البشر والحجر.
طار تاركًا مهمة الدفاع لمن بقي على قيد الحياة وذهب شهيدًا بعدما أدمته الجراح على إخوته وأقربائه وثورته وأرضه، ألا يحق للساروت أن يستريح؟
رحلة وانتقال من ميادين الكرة والملاعب إلى ميادين الثورة والكفاح إلى ميادين الدفاع والسلاح إلى ركب الشهداء في الثورة السورية وسلسلة الشهداء في الرياضة الحرة. لو جلست تستعرض كل رحلة للساروت بما حفلت وما جمعت من صور وشهادات وحكايات لمضت الساعات والأيام بين الشرح وخليط الحزن مع الفقد مع الفخر ولن تنتهي الحكايات.
أحاول جاهدًا ألا أخرج عن مضمون وفحوى الرسالة التي حملت نبأ الرحيل السريع والمصاب الجلل، أحاول ما استطعت أن أكون حكيمًا في اختيار ما يليق بنضال الشباب الثائر ودمائهم التي اختلطت بالتراب السوري طيلة السنوات الفائتة حتى استشهاد الساروت رحمه الله.
لن أكتب كم مباراة لعب وكم مرة احتفل بالفوز وكم هي المظاهرات التي أشعلها وكم هي الأيادي التي تشابكت مع يديه في الدبكة وفي الإسعاف وفي دفن الشهداء، سأكتب بأنه لم يكن يدخر كلمة ترفع معنويات رفاقه ومن يشاهده إلا وأطلقها في كل مرة أطل بها.
سأكتب أنه التحق بركب الدماء السورية الثائرة التي انفجرت عبر زميله في ملاعب كرة القدم محمود الجوابرة بتاريخ الثامن عشر من آذار من عام 2011، حتى وصل الدور إليه ويبدو بأنها ستستمر لطالما كان صمت العالم على الجرائم بحق الشعب والقضية مستمرًا دون أي حراك، دون أي رادع للطغيان والاستبداد والظلم المتمثل بنظام بشار الأسد.
تأبى الخاتمة بأن تنتهي بوداع يا عبد الباسط، سلام على روحك النقية وعلى ذكراك الطيبة، رحمة الله على الشهداء الأبطال.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :