اختلفت العملية العسكرية التي أطلقتها فصائل المعارضة في ريف حماة الشمالي، أمس، عن سابقاتها من المعارك ضد قوات الأسد، فالمواجهات لم تكن على الأراضي التي تقع ضمن نفوذها، بل ضمن خارطة سيطرة النظام السوري.
حملت المعركة عدة مسميات اختلفت بين فصيل وآخر، إذ أطلقت عليها “الجبهة الوطنية للتحرير” مسمى “دحر الغزاة”، بينما أسمتها “هيئة تحرير الشام” بـ”غزوة المعتصم بالله المدني”، أما “جيش العزة” فأطلق عليها مسمى “كسر العظم”.
وبحسب خريطة السيطرة الميدانية، فتحت فصائل المعارضة محورًا غير متوقع في عمليتها العسكرية الحالية، انطلق من المناطق التي تسيطر عليها في مدينة اللطامنة ومحيطها باتجاه منطقتي تل ملح والجبين وكفرهود.
وبقياس سير العمليات العسكرية في الأيام الماضية مع الوقت الحالي يتبين أن فصائل المعارضة ركّزت في جميع عملياتها العسكرية الماضية على محور وحيد فقط هو بلدة كفرنبودة، التي تبدلت السيطرة عليها أكثر من مرة مع قوات الأسد، والتي احتفظت بها مؤخرًا، وزحفت إلى الجهة الشمالية الغربية منها، وسيطرت على قرية القصابية في الريف الجنوبي لإدلب.
في العملية العسكرية الحالية اتبعت فصائل المعارضة استراتيجية جديدة، فقد اتخذت منحى مختلفًا من خلال نقل المعارك إلى مناطق النظام السوري، بعيدًا عن المناطق التي تسيطر عليها فصائل المعارضة، والتي تتمثل بالأساس ببلدة كفرنبودة.
المعارك استهدفت كلًا من مناطق: تل ملح، الجبين، كفرهود، مدرسة الضهرة، وهي ضمن نفوذ قوات الأسد ولم تتمكن فصائل المعارضة من التقدم إليها، منذ سنوات.
تكتيك القوة البرية
للعمليات العسكرية تكتيكات يمكن اعتبارها علمًا بحد ذاته، بحسب ما يقول القيادي السابق في “الجيش الحر”، المقدم فارس بيوش.
ويضيف بيوش لعنب بلدي أن فصائل المعارضة السورية اتبعت في المعركة الحالية تكتيك “القوة البرية”، والذي ينص في أحد بنوده أن الهجمات الرئيسية يجب ألا تتركز على المحور الذي تتقدم منه “القوات المعادية”، بل يجب فتح عدة محاور لتشتيتها.
ويوضح القيادي العسكري أن الفصائل خالفت الاستراتيجية التي عملت عليها في السابق على جبهات ريف حماة وإدلب من خلال التكتيك الجديد، والذي يعتبر “مجديًا ويحقق نتائج كبيرة”.
وحاول النظام السوري في الأيام الماضية استنزاف فصائل المعارضة عن طريق جرّها لبلدة كفرنبودة، والتي ركزت فيها الأخيرة على إيقاع خسائر بشرية بقوات الأسد بعيدًا عن السيطرة الميدانية على الأرض.
ويرى بيوش أن النظام السوري ليست لديه مشكلة بالخسائر البشرية، إذ يبدو أنه يريد التخلص من قوى المصالحات التي يزجها على الخطوط الأولى للمعارك في ريفي حماة الشمالي والغربي.
ويؤكد القيادي العسكري أن نقل مسرح العمليات من بلدة كفرنبودة “جيد وله نتائج كبيرة”، مشيرًا إلى أنه “يجب فتح جبهات ومحاور أخرى خاصة أن الفصائل العسكرية لديها إمكانيات كافية لذلك”.
وجاء هجوم الفصائل بعد أيام من تقدم واسع أحرزته قوات الأسد في ريف حماة الشمالي الغربي وصولًا إلى الريف الجنوبي لإدلب، والذي سيطرت فيه على قرية القصابية والمزارع المحيطة بها.
ومكّنت سيطرة فصائل المعارضة على منطقتي تل ملح وكفرهود من قطع الطريق الواصل بين محردة والسقيلبية، لتنتقل الاشتباكات على أبواب التريمسة.
هل تحتفظ الفصائل بمواقعها؟
حتى ساعة إعداد هذا التقرير لا تزال فصائل المعارضة تحتفظ بالمناطق التي تقدمت إليها في ريف حماة الشمالي وهي: الجبين، كفرهود، تل ملح.
بينما فتحت محورًا جديدًا باتجاه قرية القصابية في ريف إدلب الجنوبي، ويشمل أيضًا منطقة مزارع قيراطة، الكركات في الريف الغربي لحماة.
وأمام الواقع الحالي تطرح تساؤلات عن إمكانية فصائل المعارضة في التثبيت بالمواقع التي سيطرت عليها، وقدرتها على الاحتفاظ بها، خاصةً مع استمرار القصف الجوي من قبل الطائرات الروسية والمروحية.
ويرى بيوش أن الاستمرارية في أي معركة “هي استمرارية القرار (…) طالما يوجد قرار فتح المعارك ستظل الفصائل مستمرة، وفي حال لم تمتلك زمام المبادرة ستتغير الأمور”.
ويتوقع القيادي أن تحدث تدخلات من قبل الدول الضامنة (تركيا، روسيا) لرجوع القوى على الأرض (قوات الأسد، فصائل المعارضة) إلى خطوط الجبهات قبل شهر.
ولم تعلق تركيا وروسيا على تطورات الوضع الميداني في ريف حماة الشمالي والغربي حتى الآن.
وكانت تركيا قد أدخلت تعزيزات عسكرية، على مدار اليومين الماضيين، إلى نقاط المراقبة التابعة لها في شير المغار بجبل شحشبو ومورك بريف حماة الشمالي.
ومنذ مطلع 2018، ثبت الجيش التركي 12 نقطة مراقبة في إدلب، بموجب اتفاق “تخفيف التوتر”.
وقال وزير الدفاع التركي، خلوصي آكار، في 22 من أيار الماضي، إن بلاده لن تسحب قواتها العسكرية من محافظة إدلب، في ظل تصعيد عسكري من قوات الأسد تجاه المنطقة.
وتابع آكار، “القوات المسلحة التركية لن تنسحب من نقاط المراقبة في إدلب بكل تأكيد”.
–