“رأيت داعش في تصرفاتهم، واتهاماتهم بالردة والكفر والعلمانية وشتمهم لي وللثورة”، هكذا يصف الناشط حذيفة دهمان من اعتدى عليه بالضرب ممن خرج في مظاهرة “التكفيريين”، على حد تعبيره.
وكانت مظاهرة مسلحة تضم عددًا من مقاتلي المدينة، خرجت الجمعة 3 نيسان في أحياء مدينة حلب المحررة نادت بـ “الخلافة”، وتهجمت على كل ما يخص الثورة من أعلام وصور شهداء وناشطين من بينهم حذيفة.
وروى حذيفة دهمان لعنب بلدي تفاصيل الاعتداء عليه “خرجت في مظاهرة بعد صلاة الجمعة باتجاه دوار جسر الحج، ورُفعت فيها جميع الرايات ومن بينها علم الثورة”.
لكن أثناء عودة حذيفة إلى مركز الطبية في حي بستان القصر حاملًا علم الثورة، أوقفه ملثمون في الحي معهم رافعة تابعة للإدارة العامة للخدمات ويحملون رايات العقاب، ورايات جديدة لم تكن متداولةً من قبل، كتب عليها تنظيم القاعدة في بلاد الشام، بالإضافة إلى صور أسامة بن لادن، وفق ما ينقله.
ولمح دهمان إلى أن مشهد هؤلاء أعاد إلى ذاكرته بدايات ظهور تنظيم “الدولة الإسلامية” في حلب عندما كانوا يخرجون بمظاهرات تطالب بالخلافة، متخوفًا من أن تكون هذه بداية ولادة لتنظيم جديد من رحم القاعدة.
اعتداء بتهمة “الردة”
وعقّب “رآني أحدهم فهجم علي وطلب مني رمي علم العلمانية كما وصفه، وعندما أجبته بأنه علم الثورة صرخ ونادى من كان معه: هذا كافر ومرتد.. رافع علم العلمانيين”.
وانهال الملثمون بالضرب بأيديهم وأسلحتهم على حذيفة وشتموه وشتموا الثورة، مؤكدين أنه “لايوجد ثورة في بلاد الشام، إنما جهاد فقط”.
رفض حذيفة ترك العلم، لذلك بدأ الملثمون بتكسير أصابعه وضربه بأخمص البواريد، ولقّم أحدهم بندقيته وبدأت الأصوات تتعالى “ابتعدوا أريد أن أرمي الرصاص على هذا الكافر.. نريد ذبح هذا المرتد”، يكمل حذيفة “أخرج أحدهم سيفه ليضربني، ولولا معاونة صديقي في إيقاف يده لقتلني”.
موقف الفصائل
تدخل عناصر من الجبهة الشامية لإنقاذ حذيفة، وأضاف “أسعفني عناصر من تجمع فاستقم كما أمرت، وحالوا بيني وبين هؤلاء، وأثناء انسحاب الجناة رددوا عبارات تهديد بأنهم هذه المرة مزقوا علم العلمانية وداسوه، وفي الجمعة المقبلة سيقطعون رؤوس الكفرة المرتدين”.
بدورها، استنكرت الفصائل التي شوهدت سياراتها في المظاهرة المسلحة، ومنها أبو عمارة وجبهة النصرة وأحرار الشام، هذه التصرفات معتبرةً أنها “تصرفات فردية” من العناصر.
كما جرت عدة لقاءات بعد الحادثة، أحدها بين بعض قيادات جبهة النصرة وأحرار الشام مع قيادات تجمع فاستقم كما أمرت، وأخرى بين ناشطين من مجالس الأحياء وقيادات أحرار الشام وأبو عمارة، أكدوا فيها “استنكار العنف”.
فتوى تجيز رفع علم الثورة!
وتعهدت جبهة النصرة وأحرار الشام بعدم تكرار تصرفات مماثلة وفق رواية زكريا ملاحفجي، رئيس المكتب السياسي للجبهة الشامية، ووعدت بإصدار فتوى توضح فيها جواز حمل علم الثورة وعدم تكفير حامله، ومنع استعمال القوة والمظاهر المسلحة في المظاهرات.
كما اتفقت الفصائل على خضوع الأطراف جميعها لتحكيم مستقل، ووعدت بأن تتم التوعية عبر خطب الجمعة حول تعريف المرتد والكافر، وتوصيف العلماني.
أبو عمارة تتبرأ
وأوضح مهند جفالة (أبو بكري)، قائد كتائب أبو عمارة عبر تسجيل مصوّر نشر أمس، أن من شارك بالمظاهرات من فصيله كان بصفة فردية، منوّهًا إلى أن التظاهر عمل إيجابي يعبر عن الروح المعنوية العالية للأفراد، وأنه يحق للكل المشاركة بالمظاهرات ولا يحق للقيادات منع أفرادها من التعبير عن رأيهم، لكن ضمن ضوابط تحرم استعمال العنف والتعدي على الآخرين.
وأكد أبو بكري أنه وجب على الفصيل محاسبة عناصره في حال بدر منهم أي خطأ، منوهًا إلى أن مظاهرات أصحاب الرايات الإسلامية ستكون منظمة، كما ستشكّل “تنسيقية” لضبطها وتنظيمها.
يذكر أن الداعية السعودي المقرب من جبهة النصرة عبدالله المحيسني، قال قبل يومين في تغريدات على تويتر، إن رفع علم الاستقلال أمر مشروع إذا كان يقصد منه الثورة ضد نظام الأسد ولامانع من حمله، كما نوّه إلى أن الراية هي العقيدة التي يسير عليها الإنسان وليست “الخرقة” التي يحملها.
–