يشغل بال السوريين، مع تقدم قوات المعارضة على أكثر من محور، النماذج التي من الممكن أن تسيّر أمورهم وتدير المدن المحررة مرحليًا، ريثما يصلون إلى نظام حكم جديد؛ إن سلمنا أن النظام سيسقط قريبًا.
تجربتان متناقضتان شهدتهما الأيام الأخيرة، فشمالًا، حافظ مقاتلو المعارضة الذين حرروا مدينة إدلب على المؤسسات الحكومية في مركز المحافظة، داعين الكفاءات السورية للعودة إلى المدينة، والمشاركة في إدارتها.
وحتى اليوم ما تزال أعلام “النظام” مرسومة على جدران المربع الأمني، في دلالة على تعليماتٍ صارمة تمنع المقاتلين والمدنيين من تخريب هذه الدوائر أو المساس بها.
رغم ذلك، لا تزال مخاوف ناشطين سوريين من تحوّل المحافظة إلى إمارة لجبهة النصرة على غرار دولة الخلافة التي انطلقت من محافظة الرقة خصوصًا مع التقارب الفكري بين التيارين.
ويبدو أن خطاب الجولاني الأخير يضع قدمًا مع الثورة، والأخرى مع القاعدة، إذ يبيّن عدم حرص النصرة على “الاستئثار بحكم المدينة”، لكنّ أهلها في الوقت ذاته “سينعمون بحكم الشرع ويبسطون الشورى”.
سيناريو الجنوب كان أكثر تعقيدًا، فقد شهد آخر المعابر الحدودية مع الأردن حالات سرقة وتخريب بعد انسحاب مقاتلي الأسد منه، وعلى أعين مقاتلي المعارضة بل بمشاركتهم.
وعلى بشاعتها، فهي ليست المرة الأولى التي نشهد فيها حوادث مشابهة، وما حصل في المدينة الصناعية في حلب قبل أكثر من سنتين شاهد على ذلك.
استدراك يحسب بكل تأكيد لقائد جيش اليرموك، بشار الزعبي، الذي اعترف بالحادثة مطالبًا الفصائل المشاركة في العملية بتحمل مسؤولياتها، لكنه متأخر ويدلّ على أن الفصائل ليست مؤهلة لضبط مقاتليها قبل أن تدير المنطقة “المحررة”.
وما لم تتنازل “معارضتنا” عن برجها العاجي ورومانسيتها لصالح التنسيق مع العسكر، والحدّ من هذه التجاوزات وإيقافها، فإن الأمور تتجه إلى الفوضى أكثر فأكثر في هذا التيه السوري.
يقظة السوريين هي الفارق اليوم وعليها التعويل، ولو أنّ البديل ما زال ضبابيًا لكنه لن يكون أسدًا أو من أي فصيلةٍ أخرى!
هيئة التحرير