تجارب قاسية لتزويج القاصرات السوريات في لبنان

  • 2015/04/05
  • 12:37 ص

«كنت ومازلت أشعر أنني طفلة وأحب اللعب، ولا أدرك كل ما يطلب مني في البيت من زوجي وأهله.. كانت المسؤوليات تفوق طاقتي»، بهذه الكلمات تصف مروة (22 عامًا) اللاجئة إلى لبنان قصة طلاقها وتشتتها مع عائلتها وابنها المريض الذي يحتاج إلى عناية خاصة.

«تزويج القاصرات» مفهوم يشمل ما يتم بحق الفتاة بتزويجها طفلة أو من رجل غير كفؤ قبل اكتمال بلوغها الفكري، إضافة إلى عجزها عن تحمل مسؤولياتها الجديدة والكبيرة.

وتعتبر الظاهرة من القضايا الساخنة حاليًا لدى اللاجئين السوريين في لبنان، وذلك بسبب ارتفاع معدلاتها وخاصة مع ظروف الحرب والنزاعات، والتفاوت في المستوى المعيشي والتفكك الأسري في ظل اللجوء الطارئ.

تجربة قاسية

مروة، فتاة في أول صباها، ذكية ومنطلقة للحياة، تزوجت مبكرًا لكي لا يلحق بها لقب عانس، ثم طلقت لتتابع حياتها بإصرار وقوة، تحدثنا عن تجربتها «تزوجت وعمري 15 سنة بدون أسباب معيّنة، فضمن عادات أسرتنا الفتاة يجب أن تتزوج باكرًا وإلا فقدت فرصها في الزواج؛ بعد سنة من زواجي انجبت طفلي الوحيد وبعد سنة من ذلك حصل الطلاق».

ثم تتحدث بحسرة عن فقدان كل جميل في الحياة مع بداية زواجها «فقدت الطفولة وتعليمي ولمت نفسي، والآن أصبحت أتعلم كل ما أتيح لي لأستعيد ما سرق مني وأساعد نفسي وابني وخاصة بعد اللجوء إلى لبنان».

والدة مروة تزوجت أيضًا بعمر صغير (13 سنة)، لكن لأسباب مختلفة فقد كان طلاق والديها وتركها وحيدةً عند جدتها سببًا رئيسيًا لذلك، وتقول»جدتي خافت علي من الحياة القاسية وخاصة أنني بقيت وحدي بلا أهل يرعونني فزوجتني لتضمن راحتي وأماني».

تتنهد أم مروة وتتابع «لم تكن جدتي صائبة في قرارها فقد عانيت نفسيًا وجسديًا، وكان جسدي ضعيفًا ما تسبب بإجهاضي مرات كثيرة، ونفسيتي كانت سيئة للغاية».

لكن رغم تجربتها القاسية زوجت ابنتها صغيرة معللة ذلك: «أحسست أن ابنتي لن تكون وحدها فأنا ووالدها معها، إلا أن النتيجة كانت مؤلمة أيضًا».

داء الفقر

اللجوء والفقر وضعف المستوى الاقتصادي والتعليمي دفع بكثير من العائلات اللاجئة في لبنان لتزويج بناتهم مبكرًا، علَّهم يكفلون لها «حياة كريمة»، وربما يضطرون لتزويجهن من غير السوريين زواجًا لا يخلو من الاستغلال في أغلب الأحيان.

سارة 16 عامًا كانت من ضحايا هذا الواقع، فقد تركت دراستها بعد اللجوء مع أهلها وخطبت لشاب لبناني لكنهما انفصلا بعد سنة «بسبب سوء أخلاقه معها».

تقول والدتها «زواج سارة الحل الوحيد لضمان حياة جيدة لها، لم يعد بإمكاني تدريسها وتحمل أعبائها المادية»، مردفةً «اعترف أنني حرمتها الكثير خاصة بعد أن تأثرت نفسيتها بالانفصال قبل الزواج، عدا أنها كانت متفوقة في دراستها».

ابنة الـ 13 «زوجة»

كان لأهل ريما الذين يعيشون في أحد مخيمات لبنان دافعٌ «مؤلم» أعطاها لقب «الطفلة الزوجة» وهي ابنة الثالثة عشر؛ فزواجها كان لتحرش شاب لبناني بها من المالكين في البلدة، وقد خاف أهلها من أن يصيبها أذى.

تقول الأم «أصبحت أخاف من تركها في المخيم أو الخروج لوحدها إلى المدرسة، و لم يكن بالإمكان مواجهتهم فربما نطرد من الأرض و نصبح بلا مأوى»، متابعةً «الحمد لله أنقذني الله بزواجها قبل أن يحدث ما هو أخطر، وعندها لا حول لي ولا قوة».

انتقلت ريما اليوم للعيش مع زوجها الذي ينتمي لنفس العائلة اليوم بعيدًا عن المخيم، وتقول الوالدة أنها مرتاحة من مضايقات شباب البلدة، لكننا لا نعلم ما إذا كانت فعلًا وجدت سعادتها بذلك.

ورغم أن الاحصائيات عن عدد الفتيات القاصرات المتزوجات في لبنان غير متوفرة، إلّا أن الظاهرة شائعة بكثرة في مخيمات اللجوء كما نبّهت الأمم المتحدة في تقريرها أواخر آذار الماضي إلى أن تعليم الأطفال خلال الحرب يحميهم من العمالة والزواج المبكر والتجنيد من قبل الجماعات المسلحة.

آثار قاتلة وأسباب ربما لا تحل سريعًا أو بشكل جذري في ظل هذه الظروف، ورغم الحملات والدعوات المتلاحقة من الجمعيات الحقوقية والإنسانية للحد من تزويج القاصرات الذي اعتبرته اليونيسيف «انتهاك لحقوق الطفل»، إلا أنه في ظل غياب البدائل وعدم إيجاد حلول قطعية لا تجد تلك النداءات أيّ صدى.

مقالات متعلقة

مجتمع

المزيد من مجتمع