حرائق المحاصيل الزراعية.. سلاح الخصوم في الحرب السورية

  • 2019/06/02
  • 2:13 ص

حرائق تلتهم الأراضي الزراعية في محافظة إدلب نتيجة القصف الصاروخي من قوات الأسد - أيار 2019 (الدفاع المدني)

عنب بلدي – أحمد جمال

تواجه الأراضي الزراعية في عموم المناطق السورية حرائق واسعة تحاصر مواسمها وتهدد اقتصادها المحلي، لتكون الحرائق سلاحًا بيد الخصوم في الحرب السورية.

عادت الحرائق مع ارتفاع درجات الحرارة قبل أسابيع، وسط اختلاف في أسبابها، التي تتهم أطراف عدة بافتعالها، والدوافع التي تقف وراءها.

الخسائر الناجمة عن عشرات الحرائق في سوريا بثلاث مناطق سيطرة رئيسية، توضح مخاطر تلك الظاهرة، التي تتسع مع اشتداد حرارة الصيف، خاصة أنها تستهدف المخزون الاستراتيجي المتمثل بالقمح والشعير.

النظام يحارب المعارضة بالحرائق

مع تصاعد العنف تجاه مناطق المعارضة في الشمال السوري والحملة العسكرية التي يقودها النظام وحلفاؤه في ريفي حماة وإدلب، منذ أواخر نيسان الماضي، ازدادت وتيرة الحرائق التي طالت الأراضي الزراعية في تلك المناطق بشكل ملحوظ.

واتهم فريق “الدفاع المدني السوري” كلًا من النظام والروس بافتعال تلك الحرائق عبر قصف الأراضي الزراعية بقذائف محملة بمواد حارقة ومحرمة دوليًا لحرق أكبر مساحات من تلك الأراضي.

وقال مدير “الدفاع المدني”، رائد الصالح، في حديث إلى عنب بلدي، “قام النظام بحملة استهدفت الغذاء الأساسي الذي يقتات عليه الناس، الأراضي الزراعية، ونحن الآن نعيش فترة الحصاد في سوريا”.

وتابع الصالح، “تم استهداف 334 حقلًا زراعيًا بمواد حارقة بشكل مباشر لإتلافها بشكل كامل، وهذا دليل على أنها ليست فقط حملة تهجير، وإنما سياسة التجويع التي اتبعها سابقًا في ريف دمشق وداريا والزبداني ودرعا وحمص، يعود ليستخدمها في شمال سوريا ولكن بشكل آخر”.

وتغيب الإحصائيات الدقيقة للخسائر في عموم الشمال السوري جراء الحرائق، بسبب صعوبة إحصائها في ظل التصعيد المتواصل، ومع استمرار اشتعال الحرائق في الأراضي الزراعية بشكل يومي.

مواسم شرق الفرات هدف لتنظيم “الدولة”

في مناطق شرق الفرات، المعروفة بأنها “السلة الغذائية” لسوريا، قدرت “الإدارة الذاتية” التي تسيطر على المنطقة احتراق أكثر من 25 ألف هكتار من محاصيل القمح والشعير خلال الأسابيع الأخيرة.

الإحصائية الصادرة في 30 من أيار الماضي، أرفقتها “الإدارة الذاتية” بوصف تلك الحرائق بأنها “مفتعلة من قبل أيادٍ مخربة، تهدف لضرب اقتصاد المنطقة، ومحاربة الناس في أرزاقهم وممتلكاتهم بعد الفشل في زعزعة الاستقرار”، وطلبت الإدارة من الأهالي والفلاحين مؤازرة الجهات المختصة في المنطقة بحراسة الأراضي والمحاصيل للحد من ظاهرة الحرائق.

وفي ظل هذه الاتهامات، أقر تنظيم “الدولة الإسلامية” عبر صحيفة “النبأ” التابعة له في عددها “183”، في 24 من أيار الماضي، بمسؤوليته عن تلك الحرائق التي طالت الأراضي الزراعية في سوريا والعراق، وبررها بأنها تستهدف من وصفهم بـ “المرتدين”.

وعادت الصحيفة ونشرت تقريرًا جديدًا رصدته عنب بلدي، الجمعة 31 من أيار، أحصت من خلاله الأراضي الزراعية التي أحرقها التنظيم في مناطق الرقة والحسكة وريف حلب، موضحة أن تلك الحرائق التي تقدر بعشرات الدونمات، طالت أراضي مسؤولين ومقاتلين تابعين لـ “قسد”.

وتوعد التنظيم بأن موسم الحصاد شرقي سوريا لا يزال طويلًا، موجهًا رسالة لمقاتليه بالقول: “أمامكم آلاف الدونمات من الأراضي المزروعة بالقمح والشعير، وأمامكم بساتينهم وحقولهم ومنازلهم ومنشآتهم الاقتصادية، فشمروا عن سواعدكم وابدؤوا الحصاد بارك الله بحصادكم”.

وكانت حرائق التهمت آلاف الدونمات من حقول القمح والشعير في شرق سوريا، ضمن المناطق التي تسيطر عليها “قسد” وقوات الأسد، الأمر الذي أدى إلى خسائر كبيرة للمزارعين.

ونشبت الحرائق في كل من محافظة الحسكة، التي تعتبر خزان القمح في سوريا، إضافةً إلى محافظة الرقة وقرى وبلدات الريف الشرقي لحلب.

النظام عاجز عن إطفاء الحرائق “المفتعلة”

وفي مناطق سيطرة النظام السوري، سجلت عشرات الحرائق في ريف العاصمة ومحافظات درعا والسويداء وحلب وحماة، وجميعها طالت الأراضي الزراعية وأدت إلى خسائر في المواسم الزراعية.

ولكن خلافًا لمناطق المعارضة والإدارة الذاتية في شرق وشمالي سوريا، فإن الحرائق الواسعة اليومية التي يتحدث عنها الإعلام الرسمي تُعزى لأخطاء شخصية من المواطنين، بينما تسجل معظم الحرائق الأخرى ضد مجهول كما حصل في مزارع حرستا بريف دمشق.

آخر تلك الحرائق سجلتها محافظة السويداء في الأيام الأخيرة من أيار الماضي، وحصدت أكثر من خمسة آلاف دونم من الأراضي الزراعية والأعشاب اليابسة في قرى وبلدات لبين وجرين وعريقة وداما بالريف الشرقي للمدينة، بحسب وكالة “سانا”.

وعزت الوكالة أسباب تلك الحرائق إلى ارتفاع درجات الحرارة وانتشار الأعشاب اليابسة الكثيفة وهبوب الرياح وغيرها من الأسباب، التي لم تقنع مواطنين التقتهم عنب بلدي، وقال أحدهم إن “البلديات يقتصر دورها على جز العشب المتيبس حول المدارس وفي التجمعات السكنية والذي بات مصدر خطر خاصةً مع بدء موسم ظهور الأفاعي والعقارب السامة الباحثة عن منازل وأماكن باردة لتفادي درجات الحرارة المرتفعة، ما يدفع المواطنين الى إشعال النيران بشكل عشوائي في تلك الأعشاب حرصًا على سلامة عائلاتهم.”

وسجلت السويداء منذ أيار الماضي أكثر من 250 حريقًا طالت محاصيل زراعية وأشجارًا مثمرة وأعشابًا يابسة تحت مسمى الحرائق العشوائية، إلى جانب أكثر من 20 حريقًا خلال الأسبوع الأخير من أيار الماضي، سجلتها محافظة درعا وأتت أيضًا على مواسم القمح والشعير والأشجار المثمرة، بحسب “سانا”.

كما وثقت المصادر الرسمية في الشرطة والإطفاء أكثر من 270 حريقًا، خلال أيار الماضي، في أرياف دمشق كان معظمها في الغوطة الشرقية، وعزتها تلك المصادر إلى أسباب عديدة منها انفجار ألغام من مخلفات “المسلحين” ما أدى إلى انتشار الحرائق وتمدد النيران، دون وجود إحصائيات للخسائر الواسعة التي نجمت عن تلك الظاهرة التي أدت إلى استنفار حكومي على مستوى أفواج الإطفاء، وفقًا للوكالة.

ولا تقتصر الحرائق على العاصمة والمنقطة الجنوبية، فقد قال فوج إطفاء حلب، عبر صفحته الرسمية في “فيس بوك” قبل أيام، إن معدل الحرائق في المحافظة يصل إلى 35 حريقًا يوميًا، وفي بعض الأحيان إلى 50، أغلبها حرائق أعشاب، وذلك بعد حريقين اندلعا في 28 من أيار الماضي، أحدهما قرب شركة الكهرباء في حي باب النيرب، والآخر في معمل “الزعيم” لصناعة المنتجات الورقية في المدينة الصناعية بالشيخ نجار، أتى على حوالي 300 طن ورق معدة للتصنيع، مرجّحًا أن يكون السبب ارتفاع درجات الحرارة.

مقالات متعلقة

أخبار وتقارير اقتصادية

المزيد من أخبار وتقارير اقتصادية