التعذيب النفسي

  • 2015/04/05
  • 12:24 ص

التعذيب النفسي هو نوع من أنواع التعذيب الذي يعتمد بشكل رئيسي على التأثر النفسي أكثر من الجسدي. على الرغم من أن التعذيب النفسي لا يعتمد على العنف الجسدي بشكل أساسي، لكن هناك ترابط بين الاثنين، فكلاهما يستخدم بشكل مرتبط مع الآخر، وأحيانًا يمتزج الاثنان أثناء التعذيب، حيث تنتج أضرار نفسية قد تستمر لمدة أطول من الأضرار الجسدية، وزوالها قد يكون أصعب من الأضرار الجسدية.

أساليب التعذيب النفسي التي يستخدمها النظام

تبدأ مظاهر التعذيب النفسي من لحظة الاعتقال، فالاعتقال لا يتم عند نظام الأسد بأن يأتي الشرطي موجهًا لك التهمة بموجب ورقة قانونية تسمح باعتقالك، كما أنه لا يتلو عليك حقوقك (مثل: من حقك التزام الصمت وتوكيل محامي وما إلى ذلك)، بل على العكس لحظة الاعتقال هي لحظة تجريدك من كافة الحقوق القانونية والإنسانية.

الإذلال

وهو أول ما يستخدمه النظام من هذه الأساليب، ففي أغلب الحالات يقتحم العناصر المنزل من دون استئذان ويبدأون بالضرب بطريقة مهينة أمام أهل المعتقل بوحشية وبأعداد كبيرة وبشكل عبثي، فالضرب يمكن أن يكون على الرأس وكامل الجسد بالأيدي والأرجل والعصي.

وهذه اللحظة تترك الأثر السلبي الأكبر في نفس المعتقل، فهو بالنسبة لأهله رب الأسرة والمعظم عندهم، أو ولدهم المدلل، ومعاملته بهذا الشكل أمامهم تشعره بالمذلة، ثم ينزلونه على تلك الحالة ليراه أهل حيه الذين يحترمونه ويحبونه، وهو مغطى الوجه بثيابه يتلقى الضربات.

يقول محمد، أحد المعتقلين السابقين، إنه مضى على إطلاق سراحه أكثر من عام، وهو إلى الآن لم ينس اللحظة التي أخرجوه فيها من منزله وصاروا يلعبون به كالكرة أمام أهله وجيرانه، «مازال ألم تلك اللحظات موجودًا في قلبي ويؤثر فيّ ويشعرني بحجم الذل والإهانة التي تعرضت لها وكأني لا أستطيع أن أعود عزيزًا أمام أهلي وناسي».

إزالة المؤثرات الحسية بعصب العينين

الطريقة المتبعة عند الاستدعاء للتحقيق هي عصب عيني المعتقل بوضع «الطميشة» على رأسه. في تلك اللحظة يصل الفرد إلى أعلى درجات التوتر العصبي، فمؤثراته الحسية ضعيفة، إذ يكون معصوب العينين ومكبل اليدين وهو معرض للضرب في أي لحظة دون أن يعرف الجهة التي سوف يأتي منها، أو الأشخاص الذين سيضربونه. هذا الشد العصبي والتوتر إن دام لفترة طويلة قد يكون له آثار سلبية على الجهاز العصبي للفرد وقد يؤدي لتعطل بعض الوظائف الحسية.

إجبار المعتقل على مشاهدة أو سماع صوت شخص يتم تعذيبه

يتعمد النظام في معتقلاته أن تكون غرف التعذيب قريبة من زنزانات المعتقلين، وعندما يبدأ استجواب المعتقلين وتعذيبهم يكون الصوت مسموعًا للجميع في الزنزانة.

في تلك اللحظات تختلط مشاعر كثيرة لدى المعتقل، فهو يشعر بالأسى والحزن على زميله الذي يعذب، وتؤلمه أصوات أنينه وآلامه، ويتمنى في بعض اللحظات أن يعترف المعتقل (الذي يتعرض للتعذيب) بأي شيء حتى يرتاح ويريح الآخرين من ألم سماع صوت أناته. وفي الوقت الذي يشعر فيه المعتقلون بالغضب من ظلم السجان ووحشيته، يشعرون أيضًا بالخوف والقلق لأنهم يعلمون أنهم سوف يتلقون نفس العذاب عندما يستدعون للتحقيق، وهي الغاية الرئيسية التي يقصدها المحققون من تعذيب المعتقلين على مسمع زملائهم، كي يصابوا بالرهاب والخوف مما سيحصل لهم، ما يدفعهم بالاعتراف مباشرة بما يريده المحقق.

يقول خالد، أحد المعتقلين السابقين، إنه اتخذ قراره بالاعتراف بما يريده المحقق كي لا يتعرض لنفس العذاب الذي كان يسمعه، بينما يقول زاهر (معتقل آخر) إن التعذيب أهون من سماع صوت التعذيب، «فغالبًا تفقد إحساسك بالألم بعد فترة من التعذيب، أما ذلك االخوف والقلق الذي يكون عندما تسمع صوت التعذيب فهو أكبر وأشد من التعذيب نفسه».

مقالات متعلقة

  1. "ما بعد المعتقل".. خبراء يتحدثون حول علاج الناجين السوريين
  2. تسييف.. النوم على حد السيف
  3. "الكافور" مادة مسرطنة.. لماذا تعطى للمعتقلات؟
  4. لن تستطيع حصار فكري ساعة (شهادات معتقلات في سجون الأسد)

مجتمع

المزيد من مجتمع