نقاط سوداء في تحكيم القارة السمراء.. الترجي بطلًا
عروة قنواتي
لا أحد يريد تكرار ما شاهدته العيون، في ليلة الجمعة الماضية، في نهائي دوري أبطال إفريقيا على الملعب الأولمبي في رادس، حيث كان من المفترض أن تزف منصة التتويج بطلًا للموقعة المشتعلة بين الوداد والترجي وضمن الظروف والمعطيات التي يتقبلها العقل أن المباراة ستبدأ وتنتهي في الوقت، أو في التمديد، أو بركلات الترجيح، يعني ضمن السياق المتعارف عليه مهما بلغ شكل السيناريو الرياضي داخل المباراة (ريمونتادا، نتائج ساحقة، طرد لاعبين وحرمان فريق من ركلة جزاء، ركلتين، ثلاث ركلات)، فمهما كان النص المفترض للمباراة ستخرج بدقائقها ووقتها المفترض.
أما أن يكون البطل بـ 60 دقيقة فقط، والـ 30 دقيقة المتبقية وبعدها 30 دقيقة على الساعة الإفريقية أعلنت الجدل وفتح باب الاتهامات هنا وهناك، والتي لن تعود عقاربها في عيون المشاهدين كما كانت من قبل بسهولة، فهذا المشهد قل مثيله في العالم، ولن يكون بنفس الأسطر التي خرج بها كتاب النهائي المؤلم.
في إياب النهائي الإفريقي الأهم أيها السادة تقدم الترجي التونسي بهدف وحيد خلال 60 دقيقة، الوداد المغربي أحرز هدف التعادل “المؤكد صحته من قبل شخصيات تحكيمية مهمة”، إلا أن الحكم الغامبي غاساما، رفض الهدف ورفض العودة إلى تقنية الفيديو، لتدور رحى الحرب الكلامية والاعتراضات وتتوقف الموقعة التي شهدت بكل الأحوال نزول رئيس وأعضاء الاتحاد الإفريقي لكرة القدم (كاف) والمسؤولين في الناديين والضيوف والشرطة والإعلام إلى مضمار الملعب، بل وانتقلوا إلى داخل الملعب، وهات يا معلم، بين رافض ومتفهم، وضاعت الطاسة.
كادر الوداد البيضاوي المغربي من إداريين وفنيين ولاعبين تحصنوا بغرفة الملابس وتقدموا بشروطهم التي تضمنت إكمال المباراة باحتساب الحكم للهدف الذي أوقف المباراة، وتشغيل تقنية الفيديو، وإلا لا عودة إلى ما تبقى من وقت المباراة النهائية.
كابتن فريق الترجي (الشمام) قال للصحافة إن الحكم أبلغ كابتن كل فريق أن “الفار معطل”، وتم الاتفاق على انطلاق صافرة البداية، وقال أيضًا إنه تحدث بالفرنسية ولربما كابتن فريق الوداد لا يفهم اللغة الفرنسية، فإذا كان الشمام صادقًا في تصريحه، على ماذا وافق كابتن الوداد؟
بمرور ساعة كاملة على التوقف كانت التجاذبات والأحاديث والتفاهمات تأتي وتختفي بسرعة، مع إبلاغ فريق الوداد ثلاث مرات أن تقنية الفيديو عادت إلى العمل ويجب إكمال المباراة، بحسب الاتحاد، وضمن القانون وبمرور 45 دقيقة توقف بحسب اللوائح، إلا أن كادر الوداد أعلن عدم رغبته بالإكمال إلا بتنفيذ طلباته.
توقعنا جميعًا تأجيل المباراة وإعادتها، إلا أن قرار الاتحاد الإفريقي ثبت نتيجة المباراة وفوز الترجي، واعتبر الوداد منسحبًا من اللقاء وتوعده بعقوبات صارمة خلال الأيام المقبلة، وتوعدت إدارة النادي المغربي بكشف حقائق حول النهائي وحكم المباراة في القريب العاجل.
إذًا الترجي بطلًا للمسابقة بـ 60 دقيقة لعب، والوقت المتبقي سيكون بفاتورة وحسابات المعركة خارج أسوار الملعب إداريًا وقانونيًا وتنظيميًا، وهذا ما جاء على لسان المتحدث باسم الاتحاد المغربي لكرة القدم حين قال، “الكرة المغربية تتعرض في الفترة الحالية لحملة استهداف خارجية غير مبررة، هناك أطراف تسعى لترويج العديد من المغالطات، والغاية منها إلحاق الأضرار بالمنتخب والأندية التي تشارك قاريًا”.
أما رئيس نادي الترجي التونسي فقد هنأ فريقه وجمهوره وقال بأن الكاف طبق القوانين والترجي استحق التتويج.
لا أتوقع أن تنتهي الأمور بسهولة قبل المونديال الإفريقي في مصر بعد أسابيع قليلة، ولا أتوقع أن يصمد الاتحاد الإفريقي لكرة القدم في مكانه بعد سلسلة الفضائح التي طالت أكثر من نهائي وأكثر من تصفيات خلال عام كامل، ولا أشعر بأن الترجي متورط في القضية، وحساب المباراة لصالحه لا يمكن أن يرفضه عاقل… إلا أنني أعتب على إدارة الوداد المغربي التي لم تعد للمباراة برغم الظلم التحكيمي، فـ”القانون قانون” ويجب احترامه مهما كانت أو بلغت الصعوبات وعمليات التآمر كما يحلو للمغاربة تسمية القصة الإفريقية الأخيرة.
مبروك للترجي وهاردلك للوداد البيضاوي.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :