المواطنون الصحفيون مستمرون في دفع ضريبة عملهم
الأسد قاتل الصحفيين المتسلسل
منصور العمري
لا يمكن حصر جرائم الأسد بحق السوريين في مقال واحد أو حتى كتاب. سأتحدث هنا عن بعض من إجرامه بحق الصحفيين والناشطين الإعلاميين.
اعتاد الإعلام السوري الرسمي على إملاءات المخابرات السورية، وأصبحت أي رواية أخرى “تلفيقًا” و”ضد الدولة”. استلم بشار الأسد راية قمع الإعلام من والده حافظ الأسد، واعتبر وسائل الإعلام تهديدًا، والصحافة جريمة.
منذ بداية الثورة السورية في آذار 2011 شنّ بشار الأسد حروبًا استهدفت قطاعات مختلفة من المجتمع السوري، كان الإعلام أحدها وأولها.
في خطابه بجامعة دمشق في 20 يونيو/حزيران 2011، صرّح بشار علانية أن الإعلام والصحفيين المستقلين والمواطنين الصحفيين هم أعداؤه، واصفًا الثورة في سوريا بأنها “أزمة”، حيث قال: “لم أتحدث عن المكون الخارجي ودوره في هذه الأزمة. لم أتحدث عن المكونات التي نعرفها جميعًا. هناك أشخاص يحصلون على أجر جيد لحمل كاميرات الفيديو والتعاون مع وسائل الإعلام”.
أظهر بشار الأسد بوضوح موقفه من الإعلام والصحفيين والمواطنين الصحفيين في الخطابات والمقابلات التي نشرتها وكالة الأنباء الرسمية السورية (سانا) من 30 مارس/آذار 2011 إلى 31 مارس/آذار 2016. ذكر بشار مفردة “الإعلام” حوالي 80 مرة وربطها بـ “الحرب” 10 مرات، وبالمؤامرات والخداع في البقية: “هجوم إعلامي، ساحة المعركة الإعلامية، آلة الإعلام الدامي، افتراءات وسائل الإعلام، الحملة الإعلامية ضد سوريا، افتراءات وسائل الإعلام، وسائل الإعلام والموارد العسكرية، الحرب الافتراضية باستخدام وسائل الإعلام، تزوير وسائل الإعلام، الإعلام والسلاح، السياسة والإعلام والنفط، الإعلام العدائي، خداع وسائل الإعلام، الدعاية الإعلامية، في وسائل الإعلام، القنبلة البرميلية جاءت من وسائل الإعلام، وسائل الإعلام تدعو إلى تقسيم سوريا، الإعلام الخيالي، القنوات الإعلامية الغربية منحازة، حملة إعلامية شرسة”.
المرة الوحيدة التي ربط فيها بشار بين “الإعلام” و”الحرية” كانت في مقابلة مع جريدة كلارين الأرجنتينية ووكالة أنباء تيلام في 18 مايو/أيار 2013، عندما كان يصف “خطوات الإصلاح” التي كان سيتضمنها “دستور جديد مع مجموعة واسعة من الحريات، بما في ذلك السياسية وحرية الإعلام “. بالطبع كل التعليمات والقوانين التي ادعى أنها خطوات إصلاحية كانت قمعية أكثر من قبل.
حوّل بشار الأسد سوريا إلى أخطر دولة على الصحفيين، وقتل المواطنين الصحفيين والصحفيين المحترفين السوريين والأجانب، بلا أدنى محاسبة. واضطر مئات منهم للخروج من سوريا، بينما استمر من بقي منهم بالتغطية الإعلامية داخل سوريا تحت القصف والنار.
قتل بشار الأسد مئات الإعلاميين واعتقل وعذب المئات، وأرغم أغلب من عمل في التغطية الإعلامية على ترك مناطقهم وبيوتهم والنزوح بعيدًا عن مناطق سيطرة الأسد لعلمهم ما سيكون مصيرهم إن وصل إليهم هذا القاتل المتسلسل. اليوم وبعد سيطرة الأسد على أغلب المناطق التي نشط فيها المواطنون الصحفيون، يستمر في مطاردتهم واعتقالهم.
آمن المواطنون الصحفيون بما يفعلونه، ودفعوا جميع الأثمان الممكنة، بما فيها الموت تحت التعذيب والقصف والخطف والترحيل والذبح لمجرد القيام بمهمتهم المستحيلة. اليوم تتقطع السبل بهم وبعائلاتهم بعيدًا عن بيوتهم.
مثل بروميثيوس الذي سرق النار من آلهة الإغريق لتقديم المعرفة للبشر، فأرسلت له الآلهة طائرًا يأكل كبده كل يوم، لا يزال نزيف المواطنين الصحفيين مستمرًا. يعاني هؤلاء المواطنون الصحفيون اليوم، بسبب ماضيهم الإعلامي، ويُجبَرون على تعريض أنفسهم للخطر في سبيل الحصول على حقهم في الحياة الكريمة.
الاعتراف بجهود هؤلاء الناشطين ومكافأتهم وتقديم المساعدة هو أقل ما يمكن تقديمه لهم، ليس فقط كأفراد، ولكن كظاهرة جعلت التغطية الدولية من داخل سوريا ممكنة، وأسهمت في توثيق أخطر جرائم العصر.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :