د. أكرم خولاني
مع أن رمضان شهر الصوم، لكنه يعتبر عند بعض الناس شهر الطعام، فنجدهم يتفننون بأصناف المأكولات على الإفطار، فيكثرون من المقبلات والأطعمة الجاهزة التي غالبًا ما تحوي نسبة عالية من الأملاح والبهارات، إضافة إلى المشروبات ذات المحتوى العالي من السكريات، إلى جانب تناول كميات كبيرة من الطعام بعد ساعات الصيام الطويلة، كل ذلك يؤدي إلى التخمة وسوء الهضم والعديد من المشاكل الهضمية.
أشيَع الاضطرابات الهضمية لدى الصائمين
اضطرابات هضمية تظهر في شهر رمضان:
- تشنج القولون: وهي حالة مؤقتة تتعامل فيها المعدة مع الأطعمة بشكلٍ غير معتادٍ، ما ينتج عنه سوء الهضم وبعض الأعراض كانتفاخ في المعدة و كثرة الغازات و تناوب الإمساك والإسهال ونوبات مغص متقطعة.
- الإسهال: يحدث الإسهال بسبب بعض أنواع الجراثيم والميكروبات أو بسبب اضطراب حركة الأمعاء، وفي شهر رمضان ينتج عن تغير في طبيعة الأكل و نوعيته، فالإكثار من أنواع معينة من الأطعمة أو حدوث عسر الهضم وتشنج القولون كل ذلك يؤدي إلى الإسهال.
- الإمساك: يعرَف الإمساك علميًا بأنه صعوبة في إخراج البراز أو قلة عدد مرات التبرز، وما يحدث في رمضان هو صعوبة التبرز نتيجة ضعف في حركة الأمعاء بسبب عدم الاهتمام بالأطعمة الحاوية على الألياف والتركيز على النشويات واللحوم، وكذلك قلة الماء في البراز بسبب قلة شرب الماء في فترة الإفطار.
اضطرابات هضمية موجودة سابقًا تتفاقم في رمضان:
- حرقة المعدة: قد تتفاقم الحرقة، التي يشعر بها المريض نتيجة لرجوع حمض المعدة إلى المريء خلال الصوم.
- القرحة الهضمية: قد يحدث وجع بطن شديد على شكل نوبات مغص شديدة نتيجة لوجود قرحة مزمنة صامتة في المعدة أو الاثني عشر أو نتيجة التهابات في المعدة أو الاثني عشر.
- قولنجات مرارية: قد يحدث ألم بطن شديد بسبب الإفراط في وجبة الإفطار كمًا ونوعًا ويكون ناتجًا عن حصوات موجودة سابقًا في المرارة مسببة نوبات مرارية حادة.
ما أسباب حدوث الاضطرابات الهضمية في رمضان؟
تحدث معظم الاضطرابات (تشنج القولون أو نوب الإمساك أو الإسهال) نتيجة التغيير المفاجئ في نظام الغذاء، من غياب أو فقدان وجبة الفطور الصباحية، وإضافة وجبة السحور، والنوم بعد السحور مباشرة، والإفراط في الطعام والشراب في وجبة الإفطار.
يضاف إلى ذلك التنوع الزائد في الطعام وإضافة المعجنات والحلويات وغيرها من أنواع الأطعمة التي تستعمل يوميًا في شهر رمضان، والتغيير المفاجئ في بعض العادات مثل تناول القهوة الصباحية وتناول الأطعمة بين الوجبات، ما يؤدي إلى اضطراب وظيفي يتمثل بوجع في الرأس أو دوخة وما إلى ذلك من أعراض سرعان ما تزول بعد مرور الأيام الأولى من الصيام.
كيف يمكن الوقاية من الإصابة بالمشاكل الهضمية؟
يمكن الوقاية من حدوث الاضطرابات الهضمية في رمضان عن طريق الالتزام بالعادات الغذائية الصحية في الإفطار والسحور، وبشكل عام ينصح بما يلي:
- تجنب الأغذية التي تحوي نسبة عالية من الأملاح والبهارات والتوابل، وتناول الخضار والفواكه المنعشة.
- عدم الإفراط في تناول المقبلات لتجنب نقص السوائل وسوء الهضم .
- الاعتدال في كمية الطعام المتناولة لتجنب التخمة وسوء الهضم، وتناوله ببطء، والمضغ جيدًا، للوصول إلى الشعور بالشبع قبل تناول كميات كبيرة.
- تجنب الإكثار من الأطعمة الجاهزة.
- تجنب الإكثار من المشروبات ذات المحتوى العالي من السكريات واستبدالها بعصير الفواكه الطبيعي.
- ممارسة رياضة المشي يوميًا بعد تناول الإفطار بساعتين.
- شرب كمية وافرة من الماء (8 أكواب على الأقل) في الفترة بين الإفطار والسحور.
كيف تكون وجبة الإفطار صحية؟
يجب أن يتم تناول وجبة الإفطار وفق الترتيب التالي:
- الابتداء ببعض حبات التمر، خاصة للأشخاص الذين يعانون من الصداع والتعب والدوخة في الصيام، فهي تمنح الطاقة السريعة للجسم بسبب احتوائها على السكريات البسيطة والألياف الغذائية التي تسهم في الشعور بالشبع، ومحاربة الإمساك، وتمنح الفيتامينات والعناصر المعدنية التي يحتاجها الصائم.
- ثم تناول كوب من الماء أو اللبن لتعويض نقص السوائل و والإسهام في استعادة النشاط والطاقة.
- ثم تناول الشوربات الدافئة الغنية بالألياف، فهي تعوض السوائل، وتليّن المعدة، وتحضّر الجهاز الهضمي لاستقبال الوجبة الرئيسية.
- ثم تناول السلَطة، فطبق السلَطة يحوي نصف العناصر الغذائية التي يحتاجها الجسم، ولا يسبب التخمة، ويساعد على الشبع بطريقة صحية، لذلك يجب عدم إهماله.
- ثم يأتي دور الطبق الرئيسي، والذي يجب أن يحتوي على نوع من النشويات كالرز أو المعكرونة أو البطاطا أو البرغل، وكذلك يجب أن يحتوي على نوع من اللحوم كاللحم الأحمر أو لحم الدجاج أو السمك، أو على الحبوب والبقوليات واللبن والحليب منخفض الدسم.
كيف تكون وجبة السحور صحية؟
يجب أن تكون وجبة السحور صحية ومتكاملة لتمد الجسم بالطاقة خلال فترة الصيام، لذلك ينصح بما يلي:
- تجنب الإكثار من الأطعمة والمشروبات ذات المحتوى العالي من السكريات والنشويات المكررة كالأرز الأبيض والمعجنات والخبز الأبيض لأنها سريعة الهضم والامتصاص وترفع سكر الدم بشكل سريع ثم تخفضه بشكل سريع أيضًا، ما يعجل الشعور بالشبع ثم الشعور بالجوع.
- تناول الأطعمة عالية المحتوى بالألياف الغذائية كالحبوب الكاملة والخضراوات والفواكه والبقوليات، لأنها تبطئ عملية الهضم والامتصاص وترفع سكر الدم، ما يؤدي لزيادة الشعور بالشبع ولأنها تحوي كميات عالية من الماء، ما يسهم في تعويض سوائل الجسم وتقليل الشعور بالعطش.
- يفضل أن تحوي الوجبة أغذية عالية المحتوى بالماء والبروتين لأنها تعمل على إطالة مدة الشعور بالشبع ومن أعلى الأغذية في تحقيق شعور الشبع البطاطا المسلوقة والبرتقال والتفاح.
- تجنب الأطعمة المالحة كالمكسرات المملحة والمخللات لتجنب فقدان السوائل والشعور بالعطش.
- تجنب تناول المنبهات في وقت السحور حتى لا تزيد من فقدان السوائل.
- الابتعاد عن الأغذية الحاوية على نسبة كبيرة من البهارات والتوابل والإكثار من الأغذية الغنية بالبوتاسيوم كالموز والحليب والتمر والمشمش المجفف.
- شرب الماء بكميات مناسبة وعدم الإفراط في شربه قبل الفجر لأن ذلك يحفز الكلى على التخلص من الكمية الزائدة، ما يسبب اضطراب النوم والشعور بالتعب والإرهاق خلال الصيام، ويجب شرب الماء بعد السحور بفترة قليلة لأن شربه خلال تناول السحور يقلل من تركيز العصارات الهاضمة، ويجب تجنب المشروبات الغازية لأنها تحد من كفاءة الهضم وتملأ المعدة.
- تأخير وجبة السحور إلى ما قبل الفجر بفترة قليلة، والوقت الأمثل هو قبيل أذان الفجر بساعة واحدة على الأكثر، ومن الخطأ تناولها بعد منتصف الليل بقليل ثم النوم.
- عدم النوم بعد وجبة السحور مباشرة.
- عدم الأكل بكميات زائدة عن الحاجة حتى الشعور بالشبع التام والمزعج لتجنب التخمة وسوء الهضم.
أخيرًا نؤكد أن معظم المشاكل الهضمية التي ذكرناها تحدث بسبب العادات الغذائية السيئة التي يمارسها كثير من الصائمين في رمضان، بينما للصيام فوائد صحية كثيرة، فهو يعمل على راحة الجهاز الهضمي، إذ يمنحه فترة من الراحة لمدة لا تقل عن 12 ساعة يوميًا، ومع أن إفراز العصارات الهاضمة يبقى مستمرًا إلا أنه يكون بمعدل أقل، فإذا تم اختيار الإفطار والسحور بشكل صحي من حيث الكمية والنوعية فإن ذلك يساعد على تحسين أداء الجهاز الهضمي.