توقف تقدم قوات الأسد البري في الريف الغربي لحماة بعد 14 يومًا من العملية العسكرية التي أطلقتها ضد فصائل المعارضة، ويدور الحديث حاليًا عن الهدنة التي طرحتها روسيا لوقف إطلاق النار في المنطقة، والتي رفضتها فصائل “الجبهة الوطنية للتحرير” المدعومة من تركيا.
لم يكن توقف العمليات العسكرية لقوات الأسد دون مسبب، بل كان للتصدي الكبير لفصائل المعارضة دور كبير، خاصةً أنها اتجهت إلى تكتيك جديد في معاركها اعتمد على استخدام الصواريخ المضادة للدروع بينها “الكورنيت”، “الكونكورس”، “تاو”، والتي لم تهدأ على مدار عشرة أيام مضت.
تصدي المعارضة ليس المسبب الوحيد لتوقف العمل العسكري لقوات الأسد، إذ كان للموقف التركي دور أساسي من خلال الرسائل التي وجهها إلى روسيا بصورة غير مباشرة، لإيقاف الحملة العسكرية.
وتعرض عنب بلدي الرسائل التي وجهتها تركيا بخصوص إدلب، والتي من الواضح أن لها الأثر الأساسي لتغيير مخطط العملية العسكرية لقوات الأسد.
أول رسالة عبر آكار
لم تعطِ تركيا أي موقف في بداية العملية العسكرية لقوات الأسد، حتى 10 من أيار الحالي، إذ أعلن وزير الدفاع التركي، خلوصي آكار، أن النظام السوري يحاول توسيع سيطرته في جنوبي إدلب.
وقال، بحسب وكالة الأناضول، “النظام السوري يحاول توسيع منطقة السيطرة جنوب إدلب بما يتعارض مع اتفاق أستانة”.
وأضاف “على النظام وقف هجومه جنوبي إدلب، وإعادة عناصره إلى الحدود المتفق عليها في أستانة”.
جاء حديث خلوصي آكار بعد تقدم أحرزته قوات الأسد على حساب فصائل المعارضة، بالسيطرة على بلدة كفرنبودة وقلعة المضيق وقرى في سهل الغاب ومنطقة جبل شحشبو.
واعتبر الوزير التركي أن الوضع الحالي في إدلب يتسبب بسقوط ضحايا مدنيين في المنطقة، إلى جانب موجات نزوح، مشيرًا إلى أن المشاكل الإنسانية تتزايد يومًا بعد يوم وتميل إلى التحول إلى كارثة، والهجمات تشكل أيضًا خطرًا على أمن نقاط المراقبة لدينا.
حرب صواريخ
تصدي فصائل المعارضة وتكتيك استخدام الصواريخ يمكن اعتباره ثاني الرسائل التركية التي وصلت إلى الروس، بأن المنطقة ليست كسابقاتها، وينبغي الالتزام بالحدود المتفق عليها في “أستانة” وانسحاب النظام السوري.
ورغم أن استخدام الصواريخ تركز في الريف الغربي لحماة، شهد محور قرية كبانة في ريف اللاذقية معارك شرسة لم تتمكن فيها قوات الأسد من التقدم مترًا واحدًا، وخسرت عشرات العناصر والآليات في أثناء اقتحامها للمنطقة، التي تعتبر من الأكثر استراتيجية في الشمال السوري.
ويمكن ملاحظة الاختلاف بين إدلب وباقي المناطق التي شملتها اتفاقيات “التسوية”، بموجب محادثات “أستانة”، ويرتبط ذلك بالمقاتلين الذين يعملون في المحافظة، فهم من الرافضين للاتفاقيات، وكانوا قد خرجوا من مناطقهم الأصلية لرفضهم سياسات النظام السوري، وعودة سلطته من جديد إلى ما قبل عام 2011.
وعدا عن ذلك لا يوجد أي طريق آخر يخرجون إليه في حال الاستسلام، فإدلب البقعة الأخيرة التي تسيطر عليها المعارضة السورية.
تعزيز نقاط المراقبة مستمر
على الأرض لم يتوقف دخول تعزيزات الجيش التركي إلى نقاط المراقبة، وخاصة نقطة شير المغار في جبل شحشبو، والتي تعرضت لقصف مدفعي أكثر من مرة، ووصلت قوات الأسد إلى حدودها الغربية بالسيطرة على بلدة الحويز.
أما روسيا، فقد استمرت بتصعيد قصفها ولهجتها وأكدت على ضرورة ضرب ما تسميها بالمجموعات الإرهابية في إدلب وريف حماة.
وفي 9 من أيار الحالي أعلنت أن قصفها على مناطق في محافظة إدلب سيستمر بالتنسيق مع تركيا، ردًا على “الهجمات الإرهابية”.
ومنذ مطلع عام 2018، ثبت الجيش التركي 12 نقطة مراقبة في إدلب، بموجب اتفاق “تخفيف التوتر”.
وركز الجيش التركي في انتشاره بإدلب على اختيار المناطق “الاستراتيجية” للتثبيت فيها، اعتمادًا على قربها من نفوذ قوات الأسد وحليفته روسيا، أو الجغرافيا التي تشكلها من حيث الارتفاع والإطلالة العسكرية.
ثلاثة اتصالات
استمرت النقاشات بين تركيا وروسيا حول مدينة إدلب على مستوى الرؤساء ووزراء دفاع البلدين، إذ أجرى الطرفان ثلاثة اتصالات خلال أسبوع.
وناقش وزير الدفاع التركي، خلوصي آكار، ونظيره الروسي، سيرغي شويغو، في اتصال هاتفي، الاثنين 20 من أيار، الوضع القائم في مدينة إدلب.
الاتصال بين الطرفين يعتبر الثالث خلال أسبوع، إذ أجرى الرئيسان التركي رجب طيب أردوغان، والروسي فلاديمير بوتين اتصالًا، في 13 من أيار الماضي، تبعه اتصال بين وزيري دفاع البلدين في اليوم التالي.
ولم يفصح الجانبان عن المضمون الحقيقي لهذه الاتصالات باستثناء التأكيد على مناقشة الوضع في إدلب.
–