تبرعات وأموال مغتربين..
النظام يُخدّم درعا “على نفقة المواطنين”
عنب بلدي – درعا
تسعة أشهر مرت منذ أن سيطر النظام السوري على محافظة درعا، لم تحمل معها ملامح تحسّن خدمي، بل على العكس، بدا الدعم الحكومي للخدمات محدودًا، سواء من ناحية توفير المياه والكهرباء والمحروقات، أو إعادة الحياة إلى القطاع التعليمي بشكل كامل.
كما أثّر تراجع دور المنظمات التي كانت تنشط في المحافظة خلال سيطرة فصائل المعارضة، في تعزيز الفجوة الخدمية والمعيشية التي يعاني منها السكان.
تلك الأزمات دفعت بالمواطنين إلى البحث عن حلول جديدة، لتجاوز التقصير الحكومي وتحسين أوضاعهم، فأطلقوا مبادرات لصالح دعم بعض القطاعات المتضررة بجهود مشتركة وبتمويل ذاتي على نفقة السكان.
المواطنون يدفعون والحكومة تُشرف
تجري خلال الفترة الحالية أعمال صيانة متنوعة في بلدات وقرى عدّة من ريف درعا، مثل بلدة صيدا وعتمان، ومدينة داعل، وعلى الرغم من أنّ تنفيذ قسم منها يتم على يد المجالس المحلية التابعة للنظام، لكنها ممولة من الأهالي.
أبو قاسم (45 عامًا)، هو أحد سكان بلدة صيدا في ريف درعا الشرقي، أكّد لعنب بلدي أن تبرعات جُمعت من الأهالي والمغتربين غايتها إصلاح المرافق الحيوية من شبكات مياه شرب وخطوط كهرباء ومدارس، وكان العمل بإشراف المجلس المحلي، وتم في النهاية تنفيذ كل الخدمات الحيوية للبلدة من ترميم كامل للمدارس وترميم لشبكة المياه والكهرباء على حساب السكان.
ويضيف أبو قاسم (طلب عدم نشر اسمه كاملًا لأسباب أمنية)، “في النهاية افتتح محافظ درعا هذه الإنجازات شاكرًا أهالي بلدة صيدا على تعاونهم مع الدولة، علمًا أن الدولة لم تقدم أي شيء”.
وفي بلدة عتمان أيضًا جُمعت التبرعات وأطلق الأهالي حملات تطوعية لتحسين الخدمات، وذلك حسبما أكده أحد شبان المدينة لعنب بلدي (طلب عدم نشر اسمه)، مضيفًا، “بعد أن سمحوا لنا بالعودة إلى بلدتنا المدمرة، ونتيجة المماطلة من قبل مجلس المحافظة لجأنا للعمل بأنفسنا مع المجلس المحلي، واستطعنا إيصال الكهرباء لأغلب أحياء البلدة وصيانة شبكة المياه إلى حد مقبول رغم أنها بحاجة لترميم إضافي”.
في مدينة داعل، كان طلب التبرعات من الأهالي بشكل علني حيث دعا مجلس المدينة الأهالي للتبرع لمد خط توتر من محطة الشيخ مسكين للمدينة.
وأعلن مجلس المدينة عبر صفحته على “فيس بوك” في 29 من نيسان الماضي، عن تشكيل “لجنة شعبية” تحظى بثقة المواطنين لجمع التبرعات، تحت ما أسماه “عملًا شعبيًا”.
“دولة” لم تملأ فراغ المنظمات
في تقرير أصدرته منظمة “مجموعة الأزمات الدولية” في 25 من نيسان الماضي، انتقدت الواقع الخدمي والأمني في مدينة درعا، وذكرت المنظمة كيف ترك غياب المنظمات فراغًا في المحافظة.
وأشارت المنظمة إلى أن “الافتقار الصارخ إلى البنية التحتية الصالحة والخدمات والوظائف” يمنع المواطنين من العودة إلى المحافظة، إذ توقفت المساعدات الدولية وخسر الآلاف من العاملين الذين كانوا يعملون في المنظمات غير الحكومية التي نشطت عبر الحدود وظائفهم.
وكانت منظمات دولية وحكومية عدّة، نفذت في السابق وبالتعاون مع “المجالس الثورية”، مشاريع حيوية في درعا، كترميم المدارس وإحداث النقاط الطبية ودعم المشافي وتشغيل محطات ضخ مياه الشرب بالطاقة الشمسية.
أحد الموظفين السابقين في منظمة إنسانية كانت تعمل في درعا خلال سيطرة فصائل المعارضة قال لعنب بلدي إن “الأهالي يتمنون عودة السنوات التي كانت فيها المنظمات تعمل بالجنوب السوري”.
وأضاف الموظف، الذي طلب عدم نشر اسمه لأسباب أمنية، “صحيح أن المنظمات لم تنشئ بنى تحتية جديدة ولكنها رممت وأحيت المرافق العامة التي كان يستفيد منها الأهالي والمهجرون”.
وبينما كانت المنظمات تسدّ الفراغ الذي تركته الدولة، يقتصر أثرها اليوم على ما تقدمه منظمة “الهلال الأحمر”، التي توزع بين الحين والآخر سلالًا غذائية على الفئات الأكثر تضررًا من المواطنين.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :