“سندريلا 1950”.. السعادة ينالها الثائرون
تعرفنا إلى قصة سندريلا منذ الصغر، وشاهدنا لها من الأفلام وقرأنا لها من الحكايات الكثير، إلا أن أجمل نسخها وأكثرها إثارة ومتعة، نسخة فيلم الكرتون من إنتاج شركة “ديزني” عام 1950.
حبكة الفيلم مقتبسة عن نسخة الفرنسي “تشارلز بيراولت” من الحكاية الشعبية القديمة التي تروي قصة فتاة مقهورة، طيبة القلب، فائقة الجمال، تحظى بحب أمير البلاد، بمساعدة عرابتها الجنية، وبسبب قياس قدمها الفريد، تتخلص من الشقاء إلى رغد العيش وراحة البال.
يتميز الفيلم عن غيره بمنح شخصية سندريلا بعضًا من القوة، إذ تعمد كاتب السيناريو، موريس راب، إضافة مشهد تخليها عن تنفيذ طلبات أخواتها وزوجة أبيها وتوجهها إلى غرفتها، ومن ثم محاربتها للقاء مبعوث الأمير.
ونُقل عن الكاتب قوله، “كان تفكيري أنك لا تستطيع أن تنتظر قدوم أحد ما لتغيير واقعك. لن يأتيك شيء جاهزًا على طبق، عليك أن تستحقه… كان عليها أن تثور على زوجة أبيها وأخواتها، ألا تكون عبدة في بيتها”.
من هي سندريلا
معنى سندريلا هو “إيلا الملوثة بالرماد”، فاسمها هو “إيلا” فقط، ولنومها قرب نيران الموقد لتنال الدفء، على عادة الخدم في العصور القديمة، كانت تستقيظ بوجه ملوث بالرماد أدى إلى منحها ذلك اللقب.
تعود قصتها إلى قرون بعيدة، فلا يعرف لها كاتب ولا تعرف لها حضارة للمنشأ، فلها آلاف النسخ في مختلف البلدان، تشترك جميعها بعناصر أساسية، من عذاب الفتاة الجميلة، إلى حذائها الضائع الذي يقود الأمير إليها.
أقدم نسخة معروفة تعود إلى العام السابع قبل الميلاد، من رواية المؤرخ اليوناني “اسطرابون” لحكاية العبدة الحسناء اليونانية “رودوبيس” (ذات الخدود الوردية)، التي كانت تعيش في مستوطنة يونانية في مصر.
خطف نسر حذاءها وهي تستحم، ورماه في حضن الفرعون الذي عجب لتلك الحادثة واعتبرها رسالة إلهية دعته للبحث عن صاحبة الحذاء، التي أحبها عند رؤيتها وتزوجها.
ومن أبرز الفروق بين الحكايات العالمية هو تقييم معنى العدالة والعاقبة الأخلاقية المستحقة لأشرار القصة، إذ إن قصة الفيلم، كما الرواية الفرنسية، لا تعمد للانتقام من زوجة الأب وبناتها، في حين أخذ ذلك الانتقام أوجهًا دموية منفرة في العديد من النسخ.
في الحكاية الصينية، تموت زوجة الأب والأخت غير الشقيقة لسندريلا بانهيار صخري عقب مغادرتها مع الملك، وفي الحكاية الألمانية تقوم أخواتها بقطع أجزاء من أقدامهن لإدخالها في الحذاء، وفي الحكاية الفيتنامية تطهو بطلة القصة أختها غير الشقيقة وتقدمها لزوجة أبيها التي تتناولها عن غير علم ومن ثم تموت من صدمة الحقيقة.
العبرة الأخلاقية المفقودة
يُنتظر عادة من أفلام الكرتون الموجهة للأطفال تقديم عبرة أخلاقية ما تغرس في عقول الصغار أفكارًا وقيمًا يدوم أثرها في شخصياتهم ومفاهيمهم المستقبلية.
وفي حين تحاول هذه القصة عرض أهمية “طيبة القلب” كمنهج دائم للتعامل مع الآخرين، إلا أنها تقع في الكثير من المفاهيم المغلوطة، التي من أبرزها ربط الجمال الخارجي بأحقية السعادة مع استحقاق من يفتقدونه للمصير السيئ.
إضافة إلى ترسيخ الصورة النمطية عن عجز الفتاة واستسلامها لواقعها حتى يأتي الأمير المنقذ، والذي لم نعرف عنه سوى غناه وحبه السطحي للفتاة الجميلة عند رؤيتها.
كما تقدم القصة مبرر الإحساس بالمظلومية لكل من يُطلب منه أداء الواجبات المنزلية، إذ إن طلب الأهل من أطفالهم القيام بترتيب حاجياتهم الخاصة على الأقل، يعد من أقسى تجليات الظلم والعبودية في نظر الأبناء والبنات.
نجاح مبهر
مثّل فيلم “ديزني” نقطة تحول لاستديوهات الشركة، التي عانت من سلسلة من الإخفاقات المادية مع خسارة السوق الأوروبية خلال فترة الأربعينيات بسبب الحرب العالمية الثانية، وكانت على وشك الإفلاس.
نال نجاحًا تجاريًا ونقديًا كبيرًا، وترشح لثلاث جوائز “أوسكار” لأفضل موسيقى وأفضل أغنية وأفضل صوت، والذي يعود بشكل كبير إلى أداء الممثلة الأمريكية إيلين وودز.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :