نقل شهود عيان لعنب بلدي مشاهداتهم من مجزرة داريا (الأعنف منذ انطلاقة الثورة السورية) من خلال جولاتهم الميدانية في شوارع وأحياء المدينة، وذلك بالرغم من صعوبة الحركة والتنقل بسبب انتشار قوات الجيش والأمن بالإضافة إلى تواجد القناصين حينها، فتحدثوا عن كسر أقفال وأغلقة المحال التجارية والغذائية والصيدليات من قبل قوات الجيش والأمن، وسرقة ما غلا ثمنه من داخلها وحرق ما صعب حمله منها، وقد نشبت جراء ذلك عدة حرائق في الأبنية والمنازل التي أصبحت رمادًا بعد أن منعت قوات النظام فرق الإطفاء والمسعفين من الوصول إليها كما منعت أيضًا الجيران من الاقتراب للمساعدة بعمليات الإطفاء أو الانقاذ.
وقد نقل الشهود أن قوات النظام قامت باستباحة عدد كبير من البيوت التي نزح سكانها جراء القصف العنيف، فعاثت فيها فسادًا وتخريبًا وسرقت ما استطاعت منها بعد أن حولتها إلى مراكز استراحة لجنودها بعد عمليات القمع والتخريب، بالإضافة إلى مراكز اعتقال مؤقت وإعدام ميداني. فاستخدمتها بشكل همجي واستهلكت محتوياتها من الأطعمة والمونة، كما استخدمت الحمامات والمراحيض لقضاء الحاجة، وقد بلغت القذارة ذروتها عندما قام بعض العناصر بالتبول والتغوط داخل غرف النوم وعلى مقاعد غرف الضيوف وبعض أثاث البيت، كما حصل في أحد البيوت القريبة من محطة القطار، ناهيك عن آثار دماء الشهداء التي ملأت الجدران والأرضيات بعد عمليات الإعدام التي تمت فيها.
قوات النظام قامت أيضًا بتحطيم وحرق ما لم تستطع سرقته من بعض البيوت، وقد شوهد الكثير من الجنود ينقلون الأثاث والأدوات الكهربائية والمواد الغذائية من تلك البيوت إلى سيارات الجيش المرافقة للحملة قبل حرقها، حتى قال أحد الشهود إن جنديًا واحدًا لم تخل يديه من حقيبة أو وعاء أو هواتف نقّالة أو مجوهرات أو محافظ مسروقة.
وأضاف: إن جنديًا قام بسرقة الحلي من يد امرأة ثم قام بإعدامها ميدانيًا أمام عيون زوجها وأطفالها وأمام عيون رفاقه وأسياده، فلم يصدر منهم أي استنكار بل شرّفه أحدهم عن البقية بقوله: «هيك رجال الأسد بتكون»!.
الشهود تحدثوا أيضًا عن حالات تحرش بالفتيات أثناء خروجهم من المدينة هربًا من القصف ناهيك عن اعتقال عائلات بأسرها.
إضافة إلى كل ذلك فإن المرافق العامة لم تسلم من بربرية قوات النظام، فأينما تجولت في المدينة -كما يصف أحد الشهود- تجد آثار المجنزرات وقد حفرت الإسفلت وحطمت أجزاءً كبيرة من الأرصفة بشكل متعمد، حيث لوحظت إحدى الدبابات وهي تهرس بعض الأرصفة بدافع التخريب والتسلية.
كما قامت قوات النظام باستهداف شبكة الكهرباء وتحطيم الأعمدة وتقطيع أسلاك التوتر العالي في معظم شوارع المدينة.
الصواريخ طالت أيضًا عددًا من المؤسسات والمباني الحكومية كالمركز الثقافي وسط المدينة، حيث أحدثت قذيفة عشوائية دمارًا في المسرح الرئيسي فيه وخلفت فتحة كبيرة في سقفه، كذلك طال القصف مخفر داريا وبناء المجمع البلدي الجديد ومركز الإطفاء ومبنى المحكمة ومدرستي النكاش والدباس.
الجنود لم ينسوا في معظم المناطق التي مروا بها كتابة شعاراتهم المقدسة «الأسد أو نحرق البلد» «جنود الأسد مروا من هنا».