جالت النصوص المسرحية السياسية لسعد الله ونوس المسارح في العالم العربي، إذ يعد أحد أهم المسرحيين السوريين، ممن أسهموا في إثراء المسرح السوري والعربي، وشكل مع فواز الساجر ثنائيًا ساحرًا قدم الكثير للحركة المسرحية العربية.
مسرحيات سياسية
كتب ونوس المسرحيات السياسية، التي تعالج علاقة المثقف والسلطة والخيبات العربية، كان أبرزها مسرحية “حفلة سمر من أجل 5 حزيران”، ومسرحية “الملك هو الملك”، والتي قام ببطولتها في مصر لاحقًا الممثل المصري صلاح السعدني، وكتب كلمات أغنياتها الشاعر المصري أحمد فؤاد نجم، وغناها المطرب المصري محمد منير، وأخرجها مراد منير، وقدم الأخير مسرحية “الليالي المخمورة” في وقت لاحق في مصر.
ومن بين أشهر مسرحيات ونوس مسرحية “طقوس الإشارات والتحولات”، التي أخرجتها المخرجة اللبنانية نضال الأشقر بعد وفاته.
يقول سعدالله ونوس في لقاء تلفزيوني،إن “الديمقراطية لا تتعلق فقط بحرية الكاتب، بل تعني مجتمعًا منفتحًا وحرًا قادرًا على التفكير والتساؤل عن مصيره دون خوف وقيود وشرطة داخلية، حرية الكاتب لا تكتمل دون حرية القارئ أيضًا”.
طرطوس ودمشق وباريس.. وبيروت
ولد سعد الله ونوس في قرية “حصين البحر”، قرب مدينة طرطوس على الساحل السوري، في عام 1941.
حصل على الشهادة الثانوية في عام 1959، ليسافر إلى مصر في نفس العام ويدرس الصحافة في كلية الآداب في جامعة القاهرة.
وفي أثناء دراسته وقع الانفصال بين سوريا ومصر، ما دفعه لكتابة أولى مسرحياته “الحياة أبدًا”، في عام 1961، ليعود بعدها إلى دمشق ويعمل في مجلة المعرفة، قبل أن يغادر في عام 1966 إلى باريس ليدرس الأدب المسرحي في معهد الدراسات المسرحية التابع لجامعة السوربون.
وعاد ثانيةً إلى دمشق ومنها إلى باريس ليسهم بالترويج والتعريف بالقضية الفلسطينية، ليرجع إلى دمشق ويعمل مديرًا للتحرير في مجلة أسامة للأطفال.
عمل محررًا في صحيفة السفير اللبنانية في عام 1975، وبعد اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية عاد إلى دمشق وأدار مسرح القباني وعمل مع المخرج المسرحي فواز الساجر وأسسا معًا المسرح التجريبي.
وتولى في عام 1977 إدارة تحرير مجلة الحياة، المختصة بأمور المسرح حتى عام 1988.
توقف ونوس عن الكتابة بعد الاجتياح الإسرائيلي للبنان في عام 1982، قبل أن يعود ليكتب في عام 1990 مسرحية “الاغتصاب” و”منمنات تاريخية” و”ملحمة السراب” وغيرها.
العلاقة مع فواز الساجر
لقاء سعد الله ونوس مع الساجر كان له بالغ الأثر على حركة المسرح السوري، فأسسا معًا ما يعرف بـ “المسرح التجريبي” وكان الهدف هو الخروج من عباءة المسرح الكلاسيكي، فكانت أعمال “سهرة مع أبو خليل القباني” و”رحلة حنظلة من الغفلة إلى اليقظة” وغيرها.
درس الساجر في موسكو وحصل على دكتوراه بالإخراج المسرحي في عام 1986، وتوفي في 16 من أيار 1988 بشكل مفاجئ.
رثاه سعد الله ونوس بقوله، “مات فواز الساجر… كان موته شبيهًا بالخيانة، ولم يتم. توقفت المشاريع ولم تنجز، لا وداع ولا وصية. وفي تدافع الوقت المروّع ذلك النهار لم تكن ثمة فرصة لنظرة أخيرة. حدقت في التابوت المثقل بأكاليل الورد. أفي هذا الجوف الخشبي جسدٌ أم دعابة! أهو المسرح يرتدي ضوء النهار ويوغل في أداء الموت حتى الموت! أم هي الحياة تكشف جوهرها، وتعلن أنها خفقة ظل في مسرح مرتجل وعابر!”.
وأضاف “ولكن اللوعة في صدري رصاصية كهذا المساء. عما قليل سأعود إلى دمشق فأجدها أكثر دمامة، وأقل صداقة. سأعكف على فجوة الموت التي فغرت في داخلي، وأرفع بأصابع ذاهلة شاهدة أخرى في المقبرة التي تترامى في داخلي”.
الوفاة بعد المقاومة
أصيب سعد الله ونوس بسرطان البلعوم، وقدر الأطباء أنه لن يعيش سوى أشهر قليلة، إلا أنه استطاع المقاومة ليتوفى بعد خمس سنوات من إصابته بالمرض في مشفى الشامي بدمشق بتاريخ 15 من أيار من عام 1997.
أهدت ابنته ديما ونوس مكتبته للجامعة الأمريكية في بيروت في عام 2017، بعد أن حاولت زوجته إهداءها لجهات ثقافية سورية، إلا أن هذا الإهداء قوبل بالرفض.
–