ليلى، تبلغ من العمر ثلاث سنوات، يرغب والداها في تعليمها القراءة والكتابة في هذا العمر المبكر، وذلك بغية تنمية قدراتها العقلية بشكل سريع. هل هذه مهمّة الأهل؟ ماذا عن عمر الطفلة؟ هناك مهمة أساسية تقع على عاتق الوالدين، وخاصة الأم، وهي تعليم الطفل ما يحتاجه في هذه الحياة من مهارات وكفاءات، على سبيل المثال كيف يتكلم، كيف يأكل، كيف يستعمل الحمام، كيف يحافظ على نظافته الشخصية، كيف يتدبر أمور معيشته، كيف يحافظ على مصروفه، كيف يتخذ القرارات، وكيف يحل مشاكله. هذا معناه أن على الوالدين تعليمه مهارات الحياة اليومية وليس المهارات العلمية التي تتطلب تعلم الحروف والكلمات، فهذه الأشياء يتعلمها في المدارس. بالرغم من أن هناك كثيرًا من الأمهات يقومون بأخذ دور المدرّسات، إلا أنهم بذلك يبتعدون عن دورهم الأساسي الذي يجب عليهم القيام به لمساعدة طفلهم على العيش بالطريقة الصحيحة في هذه الحياة.
إن من أهم الأشياء أثناء تعليم الطفل هو اختيار التوقيت المناسب، وذلك يعتمد على عمر الطفل وقدرته على فهم ما نسعى إلى إيصاله له، فليس من المنطقي أن أعلم طفلي وهو في عمر السنة كيف ينظف أسنانه، وإنما يجب أن أتأكد قبل البدء معه أنه أدرك بأن له أسنان، وأنه قادر على اتباع التعليمات المناسبة لتنظيفها. أيضًا، يجب أن يكون هذا التوقيت مناسبًا للأم وليس الطفل فقط، فمن غير الممكن أن تقوم الأم بتعليم طفلها غسيل أسنانه خلال الليل وهي تشعر بالتعب والإرهاق بعد يوم عمل طويل، وإنما من الأفضل أن يكون في صباح يوم تكون فيه الأم بحالة هادئة، وبعيدة عن العصبية، وبذلك تملك من الطاقة والهدوء ما يعينها أثناء تعليمه.
أيضًا من الأمور المهمة في عملية التعليم أن يُعطى الطفل الوقت الكافي للتعلم، كما يجب الصبر عليه فذلك من أهم متطلبات مرحلة تعليمه، فليس هناك مخلوق قادر على تعلم أي مهارة بين يوم وليلة. بعض الأطفال مثلًا قد يكونون قادرين على تعلم مهارة ما بنسبة عشرة بالمئة في اليوم الأول، وفي اليوم الثاني بنسبة عشرين بالمئة، وهكذا. وبذلك فأنا أسمح له بالتدرج بالتعلم، وبالتالي فإنه ليس هناك شيء يعرفه الطفل أو لا يعرف أن يؤديه، وإنما هو في طريقه للمعرفة من خلال تقديم المساعدة المطلوبة من قبل والديه.
أما فيما يتعلق بالتحفيز خلال مرحلة التعلم، فهو أمر ضروري، وإذا أردنا أن نرى سرعة في تعلم الطفل، فعلينا تشجيعه ودعمه بشكل إيجابي، إضافةً إلى إعطائه تعليمات واضحة، كأن نكون قدوات أمامهم حتى يتعلموا كيف يمكنهم أداء مهمة ما.
وفي النهاية، ننوه إلى أنه يجب مراعاة اختلاف كل طفل عن الآخر في عملية تعلم مهارات الحياة، فكل طفل يختلف في مزاجه، وتطوره، وقدرته على التعلّم، وسرعة تلقيه للمعلومات وتنفيذ الخطوات. حتى الأطفال من نفس العمر قد يكونون مختلفين تمامًا في شعورهم وتعاملهم مع عملية التعلّم. فهناك أطفال لديهم قدرة على تعلم مهارات معينة بشكل أسرع من أطفال آخرين، وهناك أطفال لديهم سرعة في الحركة أكثر من آخرين، لذلك وجب احترام قدرات أطفالنا والاستجابة لإمكانياتهم وعدم الضغط عليهم كي لا يحدث ذلك آثارًا عكسية.