مركز “صنّاع الأمل”.. بصيص يكاد ينطفئ بسبب الغلاء
عنب بلدي – الرقة
بدأ العمل في مركز “صنّاع الأمل” في مدينة الرقة قبل تسعة أشهر، وافتتح رسميًا في 27 من كانون الثاني، ليكون أول مركز لتركيب الأطراف الصناعية وتقديم خدمات العلاج الفيزيائي في الشمال الشرقي لسوريا.
لكن غياب الدعم وغلاء المواد الأولية والأجهزة المطلوبة لتصنيع الأطراف وتقديم العلاج، يهدد بإغلاق المركز الذي يدار بجهد مجموعة من المتطوعين، الذين بذلوا ما لديهم لمداواة مدينتهم الجريحة.
أرقام مخيفة ودعم بالكلمات الطيبة
انطلقت جهود المركز بإجراء مسح ميداني وتوثيق حالات البتر خاصة بين مصابي الحرب، وقال مدير الموارد البشرية في منظمة صناع الأمل، محمود الهادي، لعنب بلدي “لدينا ما يزيد على 1300 حالة بتر في الرقة وحدها”.
وأشار إلى أن أعداد مبتوري الأطراف ضمن المخيمات في المناطق المحيطة تزيد على خمسة آلاف حالة، في حين لا يقدم أي دعم للمركز الوحيد المختص بعلاجها في شمال شرقي سوريا.
قدم المركز منذ افتتاحه 41 طرفًا صناعيًا، وأجرى 20 عملية جراحية فقط، “كثير من الحالات التي قمنا بتوثيقها وتسجيلها لم نستطع أن نقدم أي شيء لها بسبب ضعف الإمكانيات. حتى اليوم لم نتلقَّ أي شكل من أشكال الدعم من أي جهة كانت”.
وتابع الهادي أن برامج الدعم المقدمة من الجهات المانحة لا تتعدى مقولة “يعطيكم العافية”، في حين وجد القائمون على المنظمة حالات لأشخاص حاولوا الانتحار مرات متعددة نتيجة إصاباتهم التي أحالتهم عاجزين عن متابعة حياتهم.
“المطلب الوحيد هو المواد الأولية، من سيلكون وكربون ومفاصل”، وقد توقف عمل مركز العلاج الفيزيائي حاليًا لتعطل جهاز التنبيه الكهربائي منذ أيام، والذي يصل سعره إلى 40 دولارًا، ما أدى إلى عودة المرضى من المركز دون علاج.
مبادرة تطوعية مهددة بالتوقف
العاملون في المركز هم من أبناء وبنات مدينة الرقة، متطوعون لا يطمعون بأجر يتجاوز تقديم المساعدة لمدينتهم الجريحة، على الرغم من اضطرار معظمهم للاستدانة أو التغيب عن العمل لأسبوع أو أكثر طلبًا للرزق.
يستفيد من مركز العلاج الفيزيائي، المتوقف مؤقتًا حتى يتم شراء جهاز جديد للتنبيه الكهربائي، أكثر من 20 شخصًا يوميًا، أما مركز الأطراف الصناعية فلم يتمكن إلا من علاج مستفيد واحد كل 20 يومًا وسطيًا.
يتطلع القائمون على المركز، حسبما قال مدير الموارد البشرية فيه محمود الهادي، إلى المتابعة مع المستفيدين من تركيب الأطراف الصناعية، إذ يقدم بالفعل الدعم النفسي وحفلات للأطفال.
وأوضح الهادي، “نحن بصدد تجهيز برامج تدريب مهني وسبل عيش لمعيلي العائلات، إذ إن المعيل لم يعد بإمكانه ممارسة عمله السابق فنحن حاليًا نعمل على تدريبه مهنيًا من جديد وتأهيله وتوفير سبل العيش له ليحقق الاستقرار الاقتصادي والحياة الكريمة”.
ناشد القائمون على المركز وسائل الإعلام والمنظمات الإنسانية مرارًا لتقديم الدعم الذي يتيح لهم متابعة تقديم خدماتهم والإسهام في مداواة أهلهم في المنطقة.
“حاليًا المركز مهدد بالإغلاق لعدم توفر الإمكانيات”، حسبما قال الهادي، بدءًا من الأسبوع المقبل سيتم تخفيض أيام العمل من ستة إلى ثلاثة في الأسبوع، وهناك احتمال لتخفيضها إلى يومين فقط.
عانت مدينة الرقة من أشد الأهوال خلال فترة الصراع السوري، مع سيطرة تنظيم “الدولة الإسلامية” عليها واتخاذها عاصمة لخلافته منذ عام 2014 حتى عام 2017.
وارتكبت فيها العديد من الانتهاكات من قبل التنظيم ومن قبل قوات التحالف التي سعت للقضاء عليه، لكن بقصف جوي مكثف أسفر عن مقتل 1600 مدني، بحسب أرقام منظمة “العفو الدولية”.
ينتشر في الرقة الركام والألغام والمقابر الجماعية، وبعد أكثر من عام على استعادتها لم تُبذل بعد جهود كاملة لمساعدتها على النهوض.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :