“الهويّة”.. البحث عن الذات في رسائل الآخرين

camera iconالهوية لميلان كونديرا

tag icon ع ع ع

تحرك فكرة “الجسد الضائع بين ملايين الأجساد” رعب شانطال، التي وصلت إلى منتصف العمر، وبدأت تفقد الكثير من معالم الصبا، لدرجة تعتقد معها أن “الرجال لم يعودوا يلتفتون إليها”.

من مشهد على شاطئ البحر تصارح فيه شانطال نفسها بأزمتها، يفتتح ميلان كونديرا أحداث روايته “الهوية” التي تضاف إلى مجموعة روايات الكاتب التشيكي- الفرنسي، التي تتحدّث عن صراع الهوية وتعريف الذات.

تواجه بطلة الرواية أزمة التقدم بالعمر، ويحاول حبيبها، جان مارك، الذي يصغرها بأربعة أعوام أن يحميها من أثر أفكارها عليها، فيخطر له أن يرسل لها رسائل غرامية ويذيّلها بتوقيع مجهول، ليساعدها على رفع تقديرها لذاتها.

تبدأ بعد ذلك رحلة من التخبط تعيشها شانطال التي تستقبل رسائل الغريب باحتفال كبير، وتخفيها عن جان مارك، ثم تشرع بالبحث عن المرسل وبناء التوقعات واختبار الأحاسيس تجاه الغرباء في المحيط، على اعتبارهم مرسلين متوقعين.

تتداخل مشاعر الفرح الخفي الذي يغمر شانطال، بمشاعر غيرة تسيطر على جان مارك، وتتدافع أحداث الرواية في إطار فلسفي تحيكه نقاشاتهما وأفكارهما التي يسردها الكاتب عنهما.

ينقلب سير الرواية حين يقرر جان مارك السفر، وتبدأ شانطال الشك بأنه مرسل الرسائل، فيتحول مسرح الأحداث من العاصمة الفرنسية، باريس، إلى عاصمة المملكة المتحدة، لندن.

تأخذ عقب ذلك الأحداث نمطًا فانتازيًا ويصعب التفريق بين الواقع والحلم، إذ تجد شانطال نفسها عالقة في منزل مجون، يحاول جان مارك إنقاذها منه، لتستيقظ من حلمها المفزع وهي بين يديه.

يخبر الراوي القرّاء أن الحلم بدأ في مكان ما من الرواية، لكنه لا يحدد الزمن الفعلي لذلك، ليترك للقارئ التقدير ما إذا كان قبل إرسال الرسائل أو بعد قرار جان مارك السفر.

تقع الرواية في 144 صفحة، يقدم فيها كونديرا تصورات فلسفية عن علاقة الرجل بالمرأة، وعلاقة كل منهما بذاته.

ترجمها من الفرنسية إلى العربية محمد التهامي العماري، ونشرت أول نسخة مترجمة عنها عن المركز الثقافي العربي عام 2010.

تعدّ “الهوية” إضافة جيدة إلى مجموعة روايات كونديرا، التي يميّزها الطابع الفلسفي العميق، واللغة السهلة البسيطة، وقلة الشخوص مقابل زخم الأفكار.

نجاح

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

خطأ

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.





×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة