وثائقي فرنسي يكشف خفايا العميد المتواري خالد الحلبي وآخرين
منصور العمري
عرضت القناة الفرنسية الثانية في 9 من نيسان 2019، ببرنامجها “تحقيق أعمق” تحقيقًا صحفيًا بجزأين تحت عنوان: “مجرمو الحرب: البحث الكبير“. يتحدث الجزء الأول عن مجرمي الحرب السوريين المتوارين في أوروبا، بعنوان “جاري: هذا الجلاّد”.
أما الجزء الثاني فيتحدث عن بحث الأهالي المستمر منذ 80 عامًا عن جثث أحبائهم ضحايا نظام الديكتاتور الإسباني فرانكو، تحت عنوان: “منسيّو إسبانيا”. يبدو اختيار الجزء الثاني في التحقيق ذاته إشارة إلى جهود العائلات السورية في البحث عن جثث أحبائهم ضحايا رجال الأسد.
ظهر في التحقيق العميد خالد الحلبي الفار من العدالة الفرنسية والمتواري في أوروبا، متهمًا ضحاياه بأنهم كاذبون، وعملاء، ويتقاضون المال لاتهامه زورًا. وصف الحلبي ضحاياه بالتافهين، وطلب من الصحفي توما ليلو الذي أنجز هذا التحقيق عدم الحديث إليهم وأن ما سيعرضه مجرد تلفيق. يضيف الحلبي أن الفيديو الذي صورته هيومن رايتس ووتش لمكتبه وأدوات التعذيب فبركة إعلامية.
كان خالد الحلبي رئيس فرع أمن الدولة في الرقة حتى عام 2013. يُعتقد أن النمسا تحميه، حيث أظهر التحقيق رسالة دعم طلب لجوء الحلبي في النمسا من المخابرات النمساوية إلى إدارة الهجرة النمساوية. حصل الحلبي على اللجوء بعد ستة أشهر في النمسا. رفضت وزارة الداخلية الحديث عن الحلبي مع الصحفي توما، كما رفضت مسؤولة نمساوية إجابته إن كانت المخابرات دعمت طلب لجوء الحلبي. ذكر التحقيق أيضًا أن فرنسا رفضت طلب لجوء الحلبي في كانون الأول 2017، أي بعد ثلاث سنوات ونصف من تقديمه الطلب. لكنه غادر إلى النمسا في حزيران 2015.
يظهر التحقيق إيميلًا مرسلًا من الحلبي في 13 من آذار 2019، إلى الصحفي الفرنسي توما الذي عمل على التحقيق، يقول فيه:
شكرًا سيد توماس على الرسالة، وشكرًا للأستاذ المحترم نجاتي طيارة وأتشرف بكم جميعًا. لا مانع لدي أبدًا من الإجابة عن كل ما طرحتموه من الأسئلة. إن شاء الله في الشهر القادم نيسان تسمح لي الظروف وأتشرف بلقائكم إذا لم يحدث أي طارئ، وإذا سمح وقتكم بذلك. اكرر شكري لكم مع فائق الاحترام والتقدير.
وصل التحقيق إلى شبكة من الأشخاص في فرنسا قدموا الدعم والحماية للحلبي لدى وصوله إلى باريس. خطار أبو دياب كان أحدهم، حيث قال إنه لم يكن يعرف إن كان الحلبي مجرمًا بل اعتقد أنه لاجئ عادي. قدم خطار السكن وشهادة حساب مصرفي للحلبي. ختم أبو دياب حديثه بأنه ليس نادمًا على ما فعله.
كما كشف التحقيق عن المتهم الثالث الذي اعتقل مع أنور رسلان وإياد العمر في شباط من هذا العام، بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وهو عبد الحميد شعبان، عمره 30 سنة. قُبض عليه في بلدة أنيير شمال باريس، لاتهامه بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بين عامي 2011 و2013، ومن بينها التعذيب تحت يد العقيد أنور رسلان، رئيس أحد أفرع الموت المخابراتية السورية.
قال المحامي بيل وايلي، مدير لجنة العدالة والمساءلة الدولية، للصحفي توما، إنه قدّم أسماء 581 مشتبهًا بهم أغلبهم في أوروبا، للمحاكم الأوروبية. يشرف وايلي على مخزن لنحو 800 ألف وثيقة للنظام السوري مهربة من سوريا، وتعتبر ثروة من الأدلة على جرائم هذا النظام. أضاف بيل أن هناك نحو ألف مشتبه به في أوروبا متورطين بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، حسب منظمات مدنية سورية.
نديم حوري، مدير برنامج الإرهاب ومكافحة الإرهاب في هيومن رايتس ووتش، تحدث عن عمله في تقرير: “لو تكلم الموتى: الوفيات الجماعية والتعذيب في المعتقلات السورية”، وزيارته البحثية لأحد مقرات المخابرات السورية في الرقة عام 2013. يرى نديم حوري أنه يجب محاسبة بشار الأسد وإدارته في محكمة دولية.
كما ظهر في التحقيق مهندس الكمبيوتر معاذ، إحدى ضحايا خالد الحلبي. قال معاذ إنه عاش جحيمًا في السجن التابع للحلبي، بعد أن اعتقله بسبب خروجه في مظاهرة.
وصف معاذ حديث المجرم خالد الحلبي معه في أثناء وجوده في مكتبه بعد اعتقاله:
الحلبي: “يا ولاد الكلب يا ولاد الشرموطة.. إذا لم تعترف سنجلب زوجتك وأختك وبنتك”
ثم قال الحلبي لأحد الجلادين: “انزل الطميشة عن عينه ليرى ما الذي خلفه”، ليرى معاذ بساط الريح.
بعد ذلك أرسل الحلبي معاذ إلى التعذيب.
معاذ: “أنزلوني إلى الأسفل وبدؤوا بضربي”.
تعرّف معاذ على مكتب الحلبي في فيديو صورته “هيومن رايتس ووتش” في أثناء زيارتها الميدانية البحثية للرقة.
سيستمع مكتب جرائم ضد الإنسانية إلى سبع من ضحايا الحلبي الأسبوع المقبل، بينما يستمر بيل وايلي بتحضير الأدلة: أدلة جرائم الحلبي لا تسقط بالتقادم.
في الجزء الثاني المعنون: “منسيو إسبانيا”، يتحدث البرنامج عن الأهالي الذين لا يزالون يبحثون عن جثث أحبائهم بعد 80 سنة من مقتلهم على يد نظام فرانكو المجرم في إسبانيا.
يظهر التحقيق إحدى المقابر الجماعية لضحايا نظام فرانكو، والتي يتم البحث فيها حاليًا. لم يتبق من الجثث سوى عظام متداخلة لنحو 150 ضحية، متراكمة على عمق سبعة أمتار تحت الأرض.
يتحدث التحقيق أيضًا عن سعي عائلات ضحايا نظام فرانكو لإيجاد جثث أحبائهم، وانتظارهم الحصول على الحمض النووي المستخرج من تلك العظام للتعرف إليهم.
–
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :