كان المستمعون في البيوت والمقاهي ينتظرون بلهفة خطاب الرئيس المصري الراحل، جمال عبد الناصر، بعد انطلاق العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، الذي قامت به بريطانيا وفرنسا وإسرائيل.
كانت المشاعر القومية العربية في أوجها في تلك الفترة، وخاصةً بعد إعلان عبد الناصر تأميم قناة السويس، القرار الذي كان السبب المباشر لإعلان الحرب على مصر.
البداية من الإذاعة.. عبد الهادي البكار
ولد عبد الهادي البكار في مدينة دوما في ريف دمشق عام 1934، وعمل في إذاعة دمشق، وكان مؤيدًا لأفكار القومية العربية.
قامت القوات المهاجمة لمصر عام 1956، بقصف أجهزة الإرسال الخاصة بالإذاعة المصرية في منطقة “أبو زعبل”، قبيل خطاب عبد الناصر، وهو ما أدى لتعطل الإرسال، وما إن وصلت الأخبار إلى إذاعة دمشق، حتى قام مذيع سوري يدعى عبد الهادي البكار، باقتحام الاستديو، وقال “من دمشق هنا القاهرة”، لتبقى هذه العبارة محفورةً في أذهان المصريين والسوريين حتى اليوم، كنوع من الدعم لمصر في حربها.
بعد انفصال سوريا، وحل الجمهورية العربية المتحدة، غادر البكار إلى لبنان، ومنها إلى مصر، وعمل هناك في إذاعة “صوت العرب”، مهاجمًا حكم الانفصال.
كما عمل البكار في إذاعة بغداد في عام 1964، وقدم برنامجًا إذاعيًا يوميًا، حمل اسم “صرخة الثوار”، ليعود إلى القاهرة، وينتقل بعدها إلى الإمارات، ويعمل لاحقًا في سفارتها في تونس ويعود إلى القاهرة ثانيةً، بعد أن منحه رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، الشيخ زايد آل نهيان الجنسية الإماراتية.
توفي في القاهرة عام 2009، ودفن في مدينة دوما في الغوطة الشرقية.
كما قدم عبد الهادي البكار، في إذاعة دمشق، الفنان المصري عبد الحليم حافظ لأول مرة في إذاعة عربية.
نشر البكار كتابه “المأزق.. مصر والعرب والآخرون” في عام 1987، في دمشق.
كيف ساعدت سوريا مصر في حرب 1956
لم يتوقف الدعم عند دور الإذاعة السورية، بل امتد إلى تبرعات مادية وعينية سورية، كما تم نسف أنابيب النفط المتجهة إلى القارة الأوروبية والتي تعبر من الأراضي السورية باتجاه البحر المتوسط، ما أدى لخسائر مالية قدرت بـ 22 مليون ليرة سورية، بحسب ما ذكر الكاتب شمس الدين العجلاني، في صحيفة الوطن السورية بتاريخ 22 من آب عام 2016، وهو رقم مهول في ذلك الوقت.
واجتمع البرلمان السوري معلنًا تأييده الكامل للقرارات المصرية الخاصة بتأميم شركة قناة السويس.
كما قام جول جمال، الضابط السوري المنحدر من مدينة اللاذقية، والذي كان طالبًا في الكلية البحرية في مصر، بنسف بارجة فرنسية واستشهد بعدها، في تشرين الثاني 1956، وكان برفقته ضابط سوري آخر يدعى “نخلة سكاف”، إضافةً إلى ضابط مصري.
–