رجل في الأخبار..
سليم ألتون.. أخطبوط الاقتصاد السوري الذي بقي في الظل
عنب بلدي – مراد عبد الجليل
رغم بروز العديد من رجال الأعمال على الساحة الاقتصادية السورية ومعرفة السوريين لنشاطاتهم التجارية والاستثمارية وعلاقاتهم مع العائلة الحاكمة، إلا أن هناك رجال أعمال كانوا خارج الوسط، وآثروا العمل في الظل بعيدًا عن الإعلام، على عكس نظرائهم، الأمر الذي يصعّب معرفة عملهم وحجم ممتلكاتهم واستثماراتهم وثرواتهم.
من هؤلاء رجل الأعمال سليم جرجس ألتون، الذي بقي بعيدًا عن الأضواء وعمل، في الظلام، على زيادة ثروته من خلال استثمارات ومشاريع في مختلف القطاعات، ليتحول إلى أخطبوط اقتصادي يجهله السوريون، باستثناء من كان على اطلاع بنشاطاته الاقتصادية.
ألتون من مواليد العاصمة الفنزويلية كراكاس 1940 وعمل على تأسيس “إمبراطورية ألتون” الاقتصادية، من خلال العمل في أبرز القطاعات الاقتصادية في سوريا، كالإسمنت وتعهدات البناء والاستيراد والتصدير، وخاصة القهوة والشاي والسيارات، قبل أن يبدأ أولاده الثلاثة، صخر وزينة وألتون، بمتابعة ما بدأه الأب خلال العقدين الماضيين.
صاحب المشاريع الكبيرة
آخر ظهور اقتصادي لرجل الظل، الذي يوصف بالثري، كان عندما أعلن عن بدء “مؤسسة ألتون للتطوير والاستثمار العقاري” تنفيذ مشروع عقاري سكني يضم نحو 80 ألف شقة سكنية في منطقة معربا بريف دمشق، سيتم تشييده على مساحة تزيد على 500 ألف متر، ويضم مركزًا تجاريًا وفندقًا ومستشفى، مشيرًا، بحسب ما قاله لموقع “الاقتصادي” المحلي، في 3 من نيسان الماضي، إلى أن الشركة شيدت خلال السنوات الماضية مجمعًا سكنيًا في منطقة جديدة عرطوز بريف دمشق يضم 1500 شقة سكنية تجاوزت مراحل إنجازه 80%.
وتتنوع شركات ألتون في مختلف المجالات، على الرغم من عدم تداولها إعلاميًا، وبحسب موقع “الاقتصادي” المحلي والمتخصص بالشركات، فإن ألتون يترأس مجلس إدارة مؤسسة للتطوري والاستثمار العقاري، وهو شريك مؤسس في شركتي “ألتون للخدمات البرية والبحرية” بنسبة 50%، و”ألتون للتعهدات والمقاولات” بنسبة 40%، وهو مدير عام في شركة “المتوسط للإسمنت”.
وحاول في 2011 استثمار معمل إسمنت عدرا بريف دمشق بعدما أرسى العقد على شركته، لكن نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية حينها، عبد الله الدردري، أوقف الاستثمار بعد اكتشاف المخالفات الحاصلة في دفتر الشروط المتضمنة، إذ لم يوضح ألتون في العقد ما المعدات الرئيسية التي سيستوردها ومن أي الشركات ومواصفاتها الفنية وقيمتها التقديرية، بحسب “الاقتصادي” في 1 من تموز 2011.
وبحسب ما قال مصدر مطلع على نشاطات ألتون الاستثمارية لعنب بلدي فإنه كان يتسلم العقود الكبيرة في مؤسسة الإسكان العسكرية التي كانت في العقود الماضية المشرف الوحيد على جميع المشاريع في سوريا، برئاسة رياض شاليش، قريب الرئيس السابق حافظ الأسد.
عقوبات اقتصادية لم تدم
وبسبب نشاطه الاقتصادي “المشبوه” ودعمه للنظام السوري، فرض مجلس الاتحاد الأوروبي عليه وعلى مجموعته عقوبات اقتصادية، في 14 من أيار 2012، وبحسب بيان للمجلس اطلعت عليه عنب بلدي، فإن ألتون، الذي يعرف باسم أبو شاكر ويحمل الجنسية الفنزويلية، عمل على تقديم دعم مالي للنظام وساعدت مجموعته في تصدير النفط السوري بالتعاون مع “Sytrol” (مؤسسة تسويق النفط السورية) المعاقبة سابقًا من قبل الاتحاد الأوروبي.
كما فرض المجلس عقوبات على مساعده، يوسف كليزيه، بسبب وضعه مخططات لتصدير النفط مع المؤسسة النفطية السورية وتوفير إيرادات وعائدات بالقطع الأجنبي للنظام، وبعد أيام أعلن وزير الخارجية الكندي، جون بايرد، تجميد ودائع ومنع المبادلات الاقتصادية مع مجموعة ألتون، كما فرضت عقوبات شخصية على سليم ألتون ومساعده يوسف كليزيه.
لكن ألتون اعتبر، في بيان لمجموعته الاقتصادية صادر، في 27 من أيار 2012، أن “العقوبات لا مسوغ قانوني لها”، ورأى أنه “لا يوجد أي مبرر قانوني يستند إليه قرار العقوبات”، فالشركة لم تقم بأي تعاقد أو تصدير أي كميات من النفط السوري لأي جهة أو بأي طريقة، ولو تم ذلك فيسهل إثباته من خلال التحويلات المصرفية أو حركة الناقلات أو وثائق الجهات ذات العلاقة، وبالتالي كان يجدر بالجهات التي تبنت قرار العقوبات أن تحصل على عقد مبرم ومنفذ لتصل فيما بعد إلى نتيجة العقوبات، ولم نفهم كيف يتم ذلك بعقد لم يتم أصلًا”، معتبرًا أن “شركته لم يسبق لها أن عملت في تجارة للنفط أو مشتقاته”.
ودون مبرر من قبل الاتحاد الأوروبي أو تفسير، تم شطب اسم سليم ألتون ومجموعته الاقتصادية ومساعده من قائمة العقوبات الاقتصادية، بحسب بيان صادر في 16 من تشرين الأول 2012.
صفقات مشبوهة
وبالحديث عن علاقة سليم ألتون بالنفط، ورد اسم رجل الأعمال السوري، في قائمة عقود الرئيس السابق صدام حسين، بحسب ما رصدت عنب بلدي، والتي كان يوقعها مع رجال سياسيين ومثقفين ورجال أعمال عرب وأجانب لتزويدهم بالنفط الخام لقاء وقوفهم مع النظام وتأييدهم له وفك عزلته.
وضمت القوائم، التي نشرتها صحيفة “المدى” العراقية حينها، ونقلها موقع “البوابة”، 14 اسمًا سوريًا منهم رجل الأعمال سليم ألتون بمخصصات 3.5 مليون برميل، ونجل وزير الدفاع السوري السابق مصطفى طلاس، فراس طلاس بـ 6 ملايين برميل، والصحفية السورية حميدة نعنع بـ 9 ملايين برميل.
وفي تحقيق نشرته صحيفة “الغارديان” البريطانية، في 29 من آب 2016، حول علاقة منظمات الأمم المتحدة مع مؤسسات النظام السوري، قالت إن الأرقام تشير إلى أن 900 مليون دولار من 1.1 مليار دولار من خطة الاستجابة للأمم المتحدة عام 2015 أنفقت على المساعدات التي تم ضخها عبر دمشق ويتحكم بها النظام السوري.
وأشارت الصحيفة إلى أن وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) وقعت عقدًا بقيمة 88.671.72 دولارًا مع مجموعة ألتون، المملوكة لرجل الأعمال سليم ألتون، من أجل توفير مولدات كهربائية.
الإمبراطورية بيد الأولاد
إمبراطورية ألتون لا تقتصر على الأب وحده، الذي وصل إلى عمر 79 عامًا، وإنما شهدت العائلة خلال العقدين الماضيين بروز أولاده كرجال أعمال كبار وأصحاب شركات واستثمارات، وهم ألتون وصخر وزينة.
وبحسب موقع الاقتصادي، فإن صخر ألتون هو شريك والده في شركة “ألتون للخدمات البرية والبحرية” بنسبة 50%، وشريك مؤسس في شركة “سما سوريا” بنسبة 8%، وعضو بمجلس إدارة وشريك مؤسس في شركة “أوغاريت التعليمية”.
كما يشغل منصب مدير عام شركة “زينة التجارية” إلى جانب شقيقته زينة ألتون وهي الوكيل الحصري لشركة “هيونداي كوريا”، والتي تم الحجز على أموالها بعد قضية التهرب الضريبي في جمارك طرطوس في 2007.
في حين تعتبر زينة ألتون، الحاصلة على ماجستير إدارة أعمال من الجامعة الأمريكية في لبنان، الأكثر نفوذًا بين الأولاد، وتم اختيارها من مجلة “فوربس” الأمريكية في قائمة أقوى 50 سيدة أعمال في وطن العربي لعام 2008.
وتملك زينة معملًا لتحميص وطحن وتعبئة القهوة، ونفذت العديد من المشاريع، منها تقديم مجموعات توليد كهربائية لأغلب مراكز الهاتف في سوريا، كما أسست شركة “ألتون لإنتاج الإسمنت” لبناء معمل أسمنت في ريف دمشق بتكلفة 200 مليون دولار، كما تشارك في ملكية سبع شركات كان حجم أعمالها السنوية يصل إلى نحو 206 ملايين دولار، بحسب موقع “سيريانديز” المحلي في 5 من أيار 2008.
أما الابن الأصغر ألتون سليم ألتون (35 عامًا) فهو مدير عام وشريك مؤسس في شركة “ألتون للتعهدات والمقاولات” بنسبة 60%، ومدير عام وشريك مؤسس في شركة “ألتون وشركاه لنقل البضائع العادية والسوائل داخل سوريا وخارجها” برأسمال 50 مليون ليرة سورية ويملك نسبة 90%.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
English version of the article
-
تابعنا على :