عنب بلدي – خاص
في الوقت الذي تتجه فيه الأنظار نحو إنهاء تشكيل اللجنة الدستورية التي يُعوّل عليها بإعداد دستور جديد للبلاد يكون خطوة أولى في مسار الحل السياسي ويمهد لمرحلة إعادة الإعمار، يضع المبعوث الأممي غير بيدرسون لمساته الأخيرة على تشكيل اللجنة، عبر اقتراحه أمام مجلس الأمن حذف الأسماء الستة المختلف عليها من قائمة المجتمع المدني.
يبدو بيدرسون متفائلًا، إذ تحدث عن “تقدم ملموس” على صعيد النظام الداخلي والتكوين للجنة التي طال انتظارها، بناه على أساس الحوار “المكثف” و”الجيد جدًا” الذي أجراه مع النظام السوري والمعارضة، وعبر عن اعتقاده بأنه سيتم التوصل إلى اتفاق بـ “حسن نية” من خلال “القليل فحسب من التنازل”.
“أستانة” تُرحّل اللجنة إلى “جنيف”
تفاؤل بيدرسون لم يُلغه فشل ثلاثي محادثات “أستانة” (تركيا، إيران، روسيا) في الاتفاق على تشكيل اللجنة خلال اجتماعهم بالجولة الـ 12 من المحادثات، والتي اختتمت يوم 26 من نيسان الماضي، بحضور بيدرسون، إذ إنه وللمرة الأولى تم ترحيل العمل على اللجنة إلى الجولة المقبلة من مباحثات “جنيف”، التي لم يحدد موعدها بعد.
وفي حديثه أمام مجلس الأمن، قال بيدرسون إن عقد اللجنة الدستورية “يمكن أن يكون علامة أولى على حركة حقيقية” و”يساعد على إطلاق عملية سياسية أوسع نحو انتخابات تحت إشراف الأمم المتحدة”، معبرًا عن أمله “في إنهاء الحرب الأهلية التي استمرت ثماني سنوات”.
وطُرحت مسألة اللجنة الدستورية لأول مرة في مؤتمر “سوتشي” بروسيا، في 20 من كانون الأول 2018، لتبدأ عقبها محادثات مكوكية بين الأطراف، لكن دون جدوى بسبب الخلاف على أسماء معينة، وذلك بعد تقديم كل من النظام والمعارضة قائمتهما والتي تضم كل واحدة منها 50 اسمًا، إلى جانب قائمة المجتمع المدني (50 اسمًا).
ولم يستطع النظام السوري الاعتراض على أسماء قائمة المعارضة، ولكنه عرقل جهود المبعوث الأممي بتجميع قائمة ممثلي المجتمع المدني، إلى أن أعطى موافقته على جميع الأسماء باستثناء ستة.
ما الأسماء المختلف عليها؟
عنب بلدي تمكنت من التعرف إلى الأسماء الستة من قائمة المجتمع المدني التي يتم الحديث عن حذفها، عبر مصدرين مقربين من اللجنة، تقاطعت معلوماتهما حول أربعة أسماء من الستة وهم “ريم تركماني، وإبراهيم دراجي، وسام دلة، وفائق حويجة”.
مصدر مطلع على تشكيل قائمة اللجنة الدستورية وخاصة قائمة المجتمع المدني، قال من جانبه لعنب بلدي إن النظام السوري لا يعترض على الأسماء الموضوعة من قبل المعارضة بقدر اعتراضه على الأسماء الستة الذين يمتلكون خبرات واسعة ويتمتعون بوطنية عالية.
وأضاف أن “الأسماء هم عمليًا وطنيون وتقنيون ولديهم معرفة كبيرة، وبالتالي لا يضمن النظام وقوفهم في صفه”.
وعبّر المصدر عن تخوفه من أن يتم استبدال الأسماء الستة في حال تم حذفها بالفعل بأسماء أخرى من لوائح وضعها كل من النظام وروسيا.
تبادل الاتهامات حول سبب فشل تشكيل اللجنة
وكان الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، اتهم خلال مؤتمر صحفي على هامش فعاليات منتدى “الحزام والطريق” في الصين، يوم 27 من نيسان الماضي، المعارضة السورية بإفشال تشكيل اللجنة الدستورية، معتبرًا أن النظام السوري لا يعرقل تشكيلها ولا يحاول فرض موقفه فيما يتعلق بقوائمها.
ورد رئيس هيئة التفاوض السوري، نصر الحريري، على تصريحات بوتين، عبر حسابه في موقع “تويتر”، أن “النظام السوري، بدعم من روسيا وإيران، هو المسؤول المباشر عن تعطيل تشكيل اللجنة الدستورية باختلاق ذرائع وحجج من أجل عدم إحراز تقدم حقيقي في الجهود السياسية”.
وكان بيدرسون أشار في شهر شباط الماضي إلى أن لديه أفكارًا بشأن كيفية بناء الثقة بين الجانبين اللذين شاركا في تسع جولات سابقة لم تثمر عن شيء تقريبًا، في إشارة منه إلى محادثات “أستانة” التي رعتها الدول الضامنة للملف السوري، معبرًا عن أمله في دعوة اللجنة الدستورية للاجتماع في جنيف “بأقرب وقت ممكن”.
ويُعتبر نقل محادثات “أستانة” إلى جنيف نقطة تحول في مسار المحادثات التي بلغ عدد جولاتها حتى اليوم 12، دون التوصل إلى حل سياسي خاص بسوريا.
ومن شأن ذلك أن يعود بالعملية السياسية السورية إلى رعاية الأمم المتحدة، وفق قرار مجلس الأمن رقم (2254)، الذي يعتبر المرجعية الأساسية للمعارضة من أجل التوصل إلى حل سياسي.