في مرحلة الشباب بعيدًا عن الوطن، تحت تهديد العنف أثناء العمل والحمل، تعيش ضحى حياة لا يمكن تخيلها.
قبل 3 سنوات ونصف كانت ضحى تعيش في مدينة دمشق السورية؛ التحقت بالجامعة وبدأت تخطط لمستقبلها بدراسة الاقتصاد وإدارة الأعمال.
ومع بداية الصراع في سوريا فشلت خطط ضحى وتحولت حياتها رأسًا على عقب، أما اليوم وبدلًا من أن تعمل لتكسب رزقها في مدينتها دمشق كخريجة جامعية، تعيش ضحى كلاجئة في الأردن وتكافح من أجل الحصول على لقمة العيش.
ومع بداية الأسبوع الماضي شهدت سوريا أربع سنوات من “الحرب الأهلية” ورغم تحرك العديد من الدول في العالم بهذا الشأن إلا أن السوريين وجدوا أنفسهم في خضم الصراع، ما اضطرهم للهرب والنجاة بحياتهم.
وأودى الصراع بحياة ما يقارب 220 ألف شخص، كما تشير التقارير إلى أن 840 ألف سوري آخر تعرضوا للعنف، بينما تشرد 7.5 مليون داخل البلاد، وفر 4 ملايين آخرين خارجها وباتوا لاجئين في أماكن أخرى، ويعيش العديد من هؤلاء المشرين داخل سوريا ظروفًا معيشية قاسية.
وأفادت تقارير نشرتها صحيفة الغارديان بأن 80% من السوريين أصبحوا تحت خط الفقر، بينما انخفضت نسبة أملهم في الحياة حوالي 20 عامًا.
وعلى حد سواء لا تعتبر الحياة سهلة أيضًا بالنسبة لأولئك اللاجئين في الدول الأخرى، وهذا ما فرض العديد من الضغوط على الدول التي تقدم المساعدة لمواطنيها المحتاجين، وتساعد الوافدين الجدد من سوريا.
العديد من اللاجئين، أمثال ضحى لا يزالون غير قادرين على العمل ضمن ظروف قانونية بسبب صعوبة تأمين تصاريح، بينما تُرك اللاجئون السوريون يغطون نفقاتهم من خلال المساعدات الإنسانية، على الرغم من أن بعض السوريين يعملون بشكل غير قانوني، بمن فيهم ضحى وزوجها.
وقد أخبرني زوج ضحى أن العمل في الأردن “مثل العمل كالعبد”، و تعرض كل من ضحى وزوجها للطرد من عملهم، والتعنيف من المشرف المسؤول عنهم، بعد يوم واحد فقط من لقائي بهم.
“نحن نذهب للعمل ونتعرض للضرب، لذلك تركناه”، هذا ما قالته لي ضحى خلال عملية توزيع المساعدات الإنسانية من قبل الجمعية الخيرية الأرثوذوكسية الدولية، وجمعية الإغاثة العالمية.
ثلاثة أشهر وضحى حامل ودون وظيفة، كما أنها لا تعرف ماذا يخبئ المستقبل لها؛ ومع طفل رضيع قادم بدأت ضحى التفكير بشكل جدي بمستقبلها، وخلال تفكيرها بالعودة إلى سوريا، لم يبد بأن عودتها مع عائلتها ستكون في وقت قريب، لذلك بحثت مع زوجها في خيارات أخرى.
“إذا بقينا في الأردن فسيكون هذا آخر طفل لي هنا لأنه من الصعب العيش في ظل هذه الظروف”، هذا ماقالته ضحى بحزن.
لا يعتبر وضع ضحى قصة فريدة من نوعها، فهناك آلاف القصص لسوريين في الأردن والعراق وتركيا ولبنان وغيرها من الدول المضيفة، كما يحاط العديد ممن بقوا في سوريا بجميع أشكال العنف والموت كل يوم.
الغالبية العظمى ممن فروا خارج سوريا يجدون أنفسهم في المخيمات أو على هامش المجتمع باعتبارهم فقراء لا يستطيعون العمل بشكل قانوني وبالكاد قادرين على تغطية نفقاتهم، كما ان احتياجاتهم لم تنخفض حتى الآن، وما تزال الاحتياجات الإنسانية قائمة وتتزايد في سوريا وللسوريين في الدول المجاورة، في حين يجب على بقية العالم ألا ينسى هذه الأزمة؛ فهناك حاجة إلى تمويل برامج المساعدات ليستطيعوا المتابعة.
أعلن برنامج الغذاء العالمي للأمم المتحدة (WFP)، الأسبوع الماضي، أنه تم سحب المساعدات الغذائية من تسعة مخيمات للاجئين السوريين في تركيا بسبب نقص التمويل.
وقال لي لاجئ سوري في الأردن إنه يحتاج المساعدة في تأمين الإيجار، والغذاء، وبعض الأدوات المنزلية التي تنقصه، وإنه لا يعرف مكانًا آخر يذهب إليه لطلب للمساعدة.
واعتبرت المنظمات الإنسانية، في تقرير لها أنها تحتاج إلى ما يقارب 2.9 مليار دولار خلال عام 2015 لتلبية احتياجات ما يقدر بنحو 12.2 مليون شخص لجؤوا إلى بلدان أخرى بسبب الأزمة.
هذا هو الوقت للتحلي بالجرأة، هذا ليس وقت التقاعس عن العمل، هذا ليس الوقت لمشاهدة تدمير سوريا وأجيال متناثرة من السوريين في طي النسيان.
وبما أن الصراع في سوريا يدخل عامه الخامس، يجب أن يستجيب هؤلاء ممن يملكون السلطة والموارد وخصوصًا أن الاحتياجات الإنسانية في ازدياد.
إذا كان لديك المال، أعطِ، إذا كان لديك السلطة، لا تبقى صامتًا.. مهما فعلت، لا تجلس، في الوقت الذي ترى إحدى أعظم الأزمات الإنسانية في حياتنا تحدث أمام عينيك.
–