أثارت تصريحات زعيم الحزب التقدمي الاشتراكي اللبناني، وليد جنبلاط، حول ملكية مزارع شبعا، إحدى القضايا العالقة بترسيم الحدود بين سوريا ولبنان، والتي لا تزال محتلة من قبل إسرائيل، سجالًا سياسيًا داخليًا في لبنان.
وقال جنبلاط، في لقاء تلفزيوني مع قناة روسيا اليوم، بثته الخميس 25 من نيسان، إن مزارع شبعا ليست لبنانية، وإن ضباطًا لبنانيين أجروا تغييرًا في الخرائط اللبنانية بالاشتراك مع سوريين، بعد تحرير الجنوب اللبناني في عام 2000.
وتأتي تصريحات جنبلاط، بالتزامن مع تأكيد وزير الخارجية اللبنانية، جبران باسيل، بأن المزارع أرض لبنانية يجب تحريرها.
وقال باسيل في لقاء خاص مع قناة العربية، بثته الأربعاء 23 من نيسان، إن “مزارع شبعا لبنانية وصكوكها لبنانية، وسنعمل كل ما يلزم لاستعادتها من إسرائيل التي تحتلها”.
تقع مزارع شبعا في المثلث بين لبنان وهضبة الجولان السوري المحتل وفلسطين، وبقيت ملكيتها عالقة لأنها بانتظار ترسيم الحدود بين سوريا ولبنان، لا سيما بعد الانسحاب الإسرائيلي أحادي الجانب من الجنوب اللبناني في عام 2000.
ما علاقة سلاح الحزب؟
وأعادت تصريحات جنبلاط، التي رفضتها شخصيات وقوى سياسية لبنانية عدة، فتح نقاش مسألة ملكية مزارع شبعا في أوساط الفرقاء اللبنانيين.
وأضاف وزير الخارجية اللبناني أن “من ضمن العلاقات المميزة مع سوريا، سيحصل لبنان على أرضه وهي من حقه”.
كان من المفترض أن يتم تثبيت ملكية لبنان لمزارع شبعا، من قبل الجانب السوري، بناء على مخرجات “هيئة الحوار الوطني”، الذي دعا إليه رئيس مجلس النواب اللبناني، نبيه بري، الفرقاء اللبنانيين في عام 2006، عبر تسوية أفضت إلى الإجماع على الدعوة إلى تشكيل محكمة دولية بخصوص قضية اغتيال رفيق الحريري، وترسيم أو تحديد الحدود، إضافة إلى معالجة السلاح الفلسطيني خارج المخيمات والعلاقات الدبلوماسية مع سوريا.
كما أجمع الفرقاء، وقتها، على اتخاذ كل الإجراءات لتثبيت لبنانية مزارع شبعا، الأمر الذي يؤكده جنبلاط نفسه في تغريدة له نشرها على حسابه في موقع تويتر، الخميس 27 من نيسان.
واثناء الحوار الذي دعا اليه الرئيس بري عام ٢٠٠٦ جرى الاتفاق بالاجماع على المحكمة الدولية اولا ثم تريسم او تحديد الحدود ومعالجة السلاح الفلسطيني خارج المخيمات والعلاقات الدبلوماسية مع سوريا.وفي ما يتعلق بمزارع شبعا اجمعنا انذاك على اتخاذ كل الاجراءات لتثبيت لبنانيتها pic.twitter.com/FWuaon4Wz6
— Walid Joumblatt (@walidjoumblatt) April 27, 2019
ويرى جنبلاط أن الهدف من التغيير الجغرافي على الأرض، و”احتلالنا لمزارع شبعا ووادي العسل نظريًا”، هو “كي تبقى الذريعة السورية وغير السورية، بأن مزارع شبعا لبنانية يجب تحريرها”.
من هذا المنطلق ينظر إلى تصريحات جنبلاط المثيرة للجدل بأنها ترمي حجرًا في المياه الراكدة للأوضاع السياسية التي آلت إليها لبنان، في ظل توسع هيمنة “حزب الله” على الدولة، وبعدما أصبح نقاش مسألة سلاح الحزب وحصره بمؤسسة الجيش من الماضي.
ويستند “حزب الله” على شرعية وجوده وحمله للسلاح، بأن هناك أراضي لبنانية تحتلها إسرائيل، وهو جزء من “محور المقاومة”، الذي يضم إيران والنظام السوري وحركة “حماس”.
ما موقف النظام؟
في خضم هذا السجال جاء رد النظام السوري على لسان سفيره في بيروت، علي عبد الكريم علي، ودحض فيها تصريحات جنبلاط، مؤكدًا أن هوية “المزارع” لبنانية.
وقال عبد الكريم علي في حديث لصحيفة “الجمهورية” اللبنانية، اليوم 30 من نيسان، إن “مزارع شبعا لبنانية، والدولة السورية تقرّ بذلك، مع الأخذ في الاعتبار أنه قد توجد بعض الأراضي المتداخلة أو المشتركة مثلما يمكن أن يحصل عند أي حدود بين دولتين”.
وأضاف السفير، “وهناك مواقف صادرة عن وزير الخارجية السورية في هذا السياق، والمسؤولون اللبنانيون يعرفون أننا أبدَينا كل تجاوب ممكن في هذا الملف”.
وتابع عبد الكريم علي، “حتى لو افترضنا أن هذه المزارع سورية، لا يجوز أن يصدر كلام من هذا النوع، فكيف إذا كانت لبنانية أصلًا”، في إشارة منه إلى ما قاله جنبلاط.
–