فقدت مساحاتٌ كبيرةٌ من الأراضي الزراعية في مدينة داريا خصوبتها، وذلك إثر نزوح أصحابها واستهدافها بقذائف النظام وبراميله، كما تعرضت لجفافٍ كبير بسبب شح المياه وصعوبة استخراجها.
وتحولت مساحاتٌ كبيرة من الأراضي الخصبة، التي أنعشت اقتصاد المدينة وأعانت أهلها ماديًا لسنواتٍ طويلة، في المنطقتين الشرقية والغربية إلى أراضٍ جرداء لا تصلح للزراعة، لأسبابٍ عديدة كان أبرزها سيطرة النظام على بعض هذه المساحات شرق داريا وتحويلها إلى مناطق عسكرية يحظر الاقتراب منها.
في المقابل، فإن قصف الأراضي المكشوفة غرب المدينة من قبل مدفعية النظام، واستهداف أي حركةٍ فيها برصاص القناصين، أجبر المزارعين على هجر أراضيهم وأدى إلى جفافها بحسب مراسل عنب في المدينة.
ويعاني قطاع الزراعة في المدينة من صعوباتٍ عدة، تتمثل في فقدان الأسمدة والبذور بسبب سياسة قوات الأسد في حصارها الخانق، بالإضافة إلى نقصٍ كبيرِ في مياه الري نتيجة انقطاع الكهرباء ومادة المازوت لاستخراجها من الآبار، لتتسع مساحة الجفاف إلى أكبر الأراضي والبساتين التي اشتهرت بثمارها وعرائشها.
وعلى الرغم من صعوبة القيام بالأعمال الزراعية وسط المعارك لا تتوقف بعض الجهود الفردية، التي ترمي لزراعة محاصيل تساعد في التغلب على الحصار وحماية ما تبقى من أراضٍ خصبة.
وفي سبيل ذلك، قام أبو خليل، أحد الشباب المحاصرين في المدينة، بمد شبكة ريٍ بالتنقيط لعريشة العنب على الرغم من تكلفتها الكبيرة، “حتى لا تصاب أرضي بالجفاف كباقي المزارع، إذ تزود المزروعات بكمية لا بأس بها من المياه، وتعتبر أنجح السبل الزراعية في ظل الظروف الصعبة التي تشهدها المدينة” كما أفاد لعنب بلدي.
طول الحصار وصعوبة الظروف المعيشية أثرت على المزارعين أصحاب الدخل المحدود، كما يقول المزارع أبو رامي الذي يزرع قطعة من الأرض ويواجه تحديات بتركها “أسعار البذور والمبيدات الحشرية مرتفعة جدًا إن توفرت، كما أن الناس يعانون فقرًا وضعفًا في القدرة الشرائية وسط تعطّل أعمالهم منذ ثلاث سنوات، ما يجعل مشروع الزراعة في المدينة غير مربح”.
وبحسب مراسب عنب بلدي فإن انقطاع المازوت وارتفاع سعره إلى 1000 ليرة سورية، دفع أهل المدينة لقطع الأشجار بشكل واسع لاستخدامها في التدفئة والطهي.
كذلك تشهد مدينة معضمية الشام وضعًا مماثلًا بالنسبة لحجم السكان وقلة الإنتاج، خصوصًا في المنطقة الغربية التي اشتهرت بمزارع الزيتون، إذ تعتبر منطقة خطر وقنصٍ دائمًا لاقتراب حاجز الشياح منها.
ولا تكفي ثمار الزيتون التي تنتجها بعض الأشجار المتبقية في المدينة لسدّ احتياجات السكان، خصوصًا بعد عودة جزء كبيرٍ منهم خلال السنة الماضية إثر هدنة مع قوات الأسد.
كما لا توجد إحصائية دقيقة لنسبة الأراضي التي هجرت أو تحولّت إلى جرداء، لكنّ من يدخل إلى المدينتين المحاصرتين اليوم بعد غياب سيعلم تمامًا كم هو مؤلمٌ أن لا تأكل عنبًا في بلد العنب.